القفلة الإبداعية
تلاشي دوافع الكتابة
لقد مرت ٥ أشهر منذ أخر مقالة قمت بنشرها، وأفتقد التدوين والكتابة كالسابق، يحثني أصدقائي للعودة مجددًا نحو الكتابة، لكن ما لا يعلمونه هو أن الكتابة فعلٌ إبداعي وليس تنميق للأحرف وحشوٌ للغة!
لطالما سألت نفسي لماذ أكتب؟
سؤالٌ بسيط إلا أن إجابته تتطلب الكثير من التأمل والتفكر في الدافع الأصيل نحو الكتابة. أكتب كي لا أموت مختنقةً بأفكاري، أكتب كي أشارك تساؤلاتي وتأملاتي مع من يحملها مثلي، أكتب كي لا أشعر أنني وحيدة.
ببساطة.. إن الإنسان يكتب كي يعبر عن أفكاره، عن أماله في الحياة، يكتب كي يعيش، كي يسمو ويرتقي بفكره ولغته.. نكتب كي نتمرد على ألم الواقع ونُبحر في عوالم الخيال، نكتب كي نُعيد خلق حياة تناسبنا، نكتب سعيًا منا للبحث عن الأفضل..
نحن البشر نقوم بالكتابة كردة فعلٍ سلمية نحو ما يزعجنا، ونسمح لأنفسنا بحرية التعبير دون أي خوف من الإدانة.
نكتب لأن الكتابة حُرية والصمت قيد.
إما أن تكتب شيئًا يستحق القراءة
أو أن تفعل شيئًا يستحق الكتابة
لم أكتب خلال الخمسة أشهر الماضية لأنني لم أجد ما يستحق الكتابة عنه، ولأنني أصبت بـ”القفلة الإبداعية” وهي حالة تصيب المبدعين حسب مجالهم، فنون أو موسيقى أو كتابة.
هذه الحالة مؤلمة جدًا ويصعب التغلب عليها في كثير من الأحيان.
في السبعينيات قرر أخصائيو علم النفس الإكلينكي جيروم سينجر ومايكل باريوس معرفة ما الذي يسبب اختناقًا إبداعيًا للكاتب، وبعد متابعة ورصدٍ مستمر للنتائج طوال عدة أشهر توصلوا إلى نتيجةٍ مفاداها أن هناك أربعة أسباب عامة تجعل الكاتب يقع في “القفلة الإبداعية” وهي:
النقد الذاتي القاسي المفرط.
الخوف من المقارنة مع الكُتاب الأخرين.
عدم وجود دافع خارجي كالإهتمام والثناء.
عدم وجود دافع داخلي، مثل الرغبة في سرد قصة المرء.
يُصاب الكاتب بالقفلة الإبداعية في الكتابة بسبب عدم رضاه عن فعل الكتابة الإبداعي الذي يقوم به.
إن هذه المشاعر لا حيلة للكاتب في الهرب منها، غالبًا الكُتاب وأنا منهم يبدأون مسيرتهم بوضوح في الهدف من الكتابة والإثارة المصاحبة للقيام بهذا الفعل ولكن في بعض الأحيان يمر الكاتب بحالاتٍ من الفتور والإعياء الفكري الذي يمنعه من إنتاج أفكار إبداعية جديدة مُلهمة للآخرين.
لن أسدي ١٠ نصائح للعودة للكتابة لأن صفحات الإنترنت مليئة بها، وعلى العكس تمامًا سأقوم بإسداء نصيحة واحدة فقط لنفسي أولًا ثم لكم ألا وهي:
” لا إمتلاء دون تفريغ”.
يأتي الإبداع نتيجة الملل، لابد من التوقف عن مقاومة هذا الشعور، والسماح لعقولنا أن تتجدد وتستغرق الوقت الذي تحتاجه..
لن تجف الأقلام مهما طال الغياب، ولن ينفذ الورق ما دامت اللغة قائمة والأبجدية فيها ٢٨ حرف.