علبة عصڤر وينتهي الأمر

تدوينة عن نوبات الهلع

أنفث الهواء بسرعة من رئتي، تتسارع ضربات قلبي بشكل لا يُطاق، وعرقٌ يتكون على جبيني. تسيطر علي حالة شديدة من الهلع تجتاح كل خليةٍ في جسدي، ممزوجة بالقلق والخوف العارم. أحاول جاهدة التنفس ببطء لكنه أشعر بأن الهواء ينقطع قبل أن يصل إلى رئتاي.


تبدأ الأفكار بالتشتت وتتعدد في ذهني بشكل متسارع، كل فكرة تعصف بي بقوة وتتلاشى في اللحظة التالية. أشعر أن العالم من حولي ينهار وتتلاشى الأرض من تحت قدمي.

أعجز عن التفكير بوضوح وأفقد السيطرة على عقلي المضطرب.

تتعاظم الأصوات حولي وتتشوش في أذني، أشعر أن كل كلمة تصل إلي تزيد من توتري وهلعي.

 أشعر بالعزلة والضياع حتى في وسط الحشد. أبحث بين الأفق البعيد عن ملاذ أسد به نوبة الهلع التي تجتاحني، لكنني أجد نفسي غريقةً في بحر من الشكوك والخوف.

أحاول أن أهدئ تلك النوبة المرعبة، أتنفس بعمقً وأحاول أن أركز على الحاضر. أبحث عن شيء يحملني إلى الأمان، قد يكون ذلك صوتًا هادئًا، أو لمسة دافئة، أو حتى كلمة مطمئنة. أبحث عن الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الشعور المرهق، وأتذكر أنها مجرد نوبة هلع وستمر كما مرت النوبات السابقة.



منذ طفولتي لم تنتابني نوبات الهلع إلا نادرًا، حاولت والدتي معالجتها بالطرق التقليدية، يقرأ علي مطوع ويشربوني عصفر وينتهي الأمر.

 

لكن ذلك لم يكن كافيًا، لقد كانت مسكنات لحظية، العديد من الناس وأنا من ضمنهم لقلة الوعي والجهل لم يعلموا أنها نوبات هلع!

حتى اشتدت بنا بمرور السنوات، وقررنا الذهاب إلى مختص لنكتشف في نهاية المطاف بأننا مصابون

 "باضطراب القلق العام" وهو المتسبب في كل ما ذكر أعلاه.

 

لحظة تشخيصي عدت بالذاكرة للوراء وبدأت بتقييم وملاحظة المواقف المتعددة التي كنت فيها قلقة بشكل مفرط وأصابتني بنوبة هلع!

 

اختبارات القدرات والتحصيلي!

لحظة انتظاري قبولي الجامعي، أول مقابلة وظيفية لي، أول يوم عمل!

تعييني في مشروعي الأول، وهكذا ..  

 

والعديد العديد من المواقف والتغييرات التي تطرأ على حياة الإنسان، وهذا قادني لإجابة بأن كل من يعانون من هذه النوبات والاضطراب هم يواجهون بشكلٍ مستمر تحديات جديدة تخرجهم من منطقة الراحة، وهذا ما يعزز شعورهم بالخوف من "ماذا بعد؟" و "ماذا لو؟" وبدلًا من تعلم كيفية التفكير بشكلٍ صحيح في التحكم بأفكارهم القلقة والخائفة، يحاولون السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه! فيقعون ضحيةً سهلة للهلع والخوف والارتباك.

عندما تتراقص الأفكار في عقلك كالنجوم المتلألئة، والقلق يحاصرك بألسنة من النار، اسمح لي أن أعطيك بعض النصائح للتحكم بالضغوط والقلق ونوبات الهلع:

 

1- في وسط نوبة الهلع: تخيل نفسك في مكان تحبه، انغمس بخيالك فيه وتنفس بعمق! واسترخي حتى تعود لذاتك تدريجيًا.
2- تخلص من السلبية وأظهر الإيجابية: اكتب قائمة بالأشياء التي تسعدك وتشعرك بالامتنان، اركض وراء أحلامك وتحدي نفسك لتحقيق النجاح، استخدم القوة الداخلية للتغلب على شكوكك ومخاوفك القلقة.
3- تقبل الأشياء التي لا يمكنك تغييرها وتذكر أن هناك بعض الأمور التي ليس بإمكانك التحكم فيها، تقبل هذه الحقيقة واسترخ بدلاً من التشنج، واعتمد على المرونة العقلية واجعلها تساعدك في التحمل والتأقلم مع متغيرات الحياة.
4- جرب تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، اليوغا، أو حتى الرسم والأعمال اليدوية، دع عقلك يستريح ويتجاوب مع الهدوء والسكينة التي تشعر بها أثناء الممارسة، ليس بالضرورة أن تذهب لمكان متخصص، مارسها في منزلك.

 

5- تعلم التنفس العميق، هذه أكثر نصيحة خففت من حدة نوبات الهلع لدي، لأنه يرسل رسالة لجسدك وعقلك بأن كل شيء على ما يرام، اجلس في مكان هادئ وتنفس ببطء وعمق، مركزًا انتباهك على النفس والحاضر. ستشعر بالتوازن والهدوء يتدفقان فيك.

الخلاصة

أشعر بالفخر والقوة لأنني تمكنت ولا زلت أتغلب على هذه النوبات، أدرك أنني أكثر قوة وإرادةً منها، وقادرة على التحكم في مشاعري والاستمرار في الحياة بثقة وتفاؤل.
يمكن أن يكون شعور نوبة الهلع مرهقًا ومرعبًا، لكن مع الوقت والتعامل المناسب، يمكن أن يتغلب عليه المرء ويعيش حياةً متوازنة مليئة بالسعادة والنجاح.
Join