حي بشدة

قرية تمتد من سفح جبل ضخم حتى أسفله تسمى ناضرة. ليس فقط ذلك بل وتحوم حولها معقدات من الجمال، فعن اليمين نهر من العسل يمشي على جانبية خَلق مدهش كطيور الينان البنفسجية الصغيرة جداً موحياً للمار من بعيد أنها كرات صغيرة من سحر الخيال، ولكنها لم تكن خيال.
عن يسار القرية منطقة أسموها "المتساقطات" حيث أن أشجارًا وشجيرات غايةٌ في الخفة ترمى من الغيوم على المنطقة وتملؤها بكومة من الأوراق ذات الألوان العجيبة، فهناك الينتون وألوان الجين بدرجاتها المتباينة. إنها ألوان لا تطالها عينك ولكن تفعله عيون أهل الناضرة، بل إن هناك أيضاً الكثير من مظاهر الروعة التي ليست في عالمك.
اعتاد قرويي الناضرة كل هذا وفقدوا إلتماس الجمال الذي أحيط بهم. فلم يعد أحدهم عند نهر العسل يقف متأملًا ولا حول أعجوبة طير الينان متسائلًا. أستثني من ذلك فتى سماه حكماء القرية الأوائل بـ يحيى، وقيل عنه أنه حيٌ بشدة.


لمفهوم كهذا أشعر بالضجر من أن أهمّ بتبيانه، لذلك لن أفعل ولكن لمن ظن أنه اكتفى بالشعور أنه يحزن ويسعد فأقول اعلم أنك خُدعت بأنك حي ولنفسك الفاترة أدعو بالرحمة.


وأما للبقية، خُلفاء آدم عليه السلام، فأعي أن بعض ذلك عليكم ثقيل ولكن الشعور ليس منثنٍ عن العقل وحقَّ هنا أن أقول إنه مفتاح الإدراك الأول والتجربة الإنسانية الأصيلة. وآخراً، للبعض الذي تاهوا بحثا يزيدون أنفسهم حياةً فأنصحهم أُذكر، إن أسمى ما يبحث عنه ابن آدم الحق، والحق أظهره الله في خَلقه فلا من سبيل للحياة بشدة إلا التوسع في هذه الخليقة صدقاً مع النفس وتأملاً وسلوكاً.