ستة شبابيك في الصحراء

الخطوات الأولى لتلفاز 11 نحو سينما شابة

تقييم، انطباع، مناقشة

مقدمة:

تلفاز 11 هي قناة يوتيوب وهي تابعه لشركة سي ثري للأفلام، بدأ نشاط القناة بعرض عدد من البرامج عبر صفحتها في اليوتيوب منذ عام 2009 وقد تأسست فعلياً في يوم 11 نوفمبر 2011.


بدأت بالمبادرة بجمع أربع شباب سعوديين منهم فهد البتيري، إبراهيم الخير الله، علاء يوسف، علي الكلثمي لصنع أفلام قصيرة تمزج بين الكوميديا والفائدة وتطور الأمر شيءً فشيئ وزاد عدد أعضاء المبادرة ليصبحوا طاقما متكاملا من التمثيل والتقديم والتصوير والغناء بقالب كوميدي. (ويكيبيديا بتصرف)


ولهم برامج ومنها لا يكثر، خمبلة، التمساح، الجسر، كيس، بدون نص، فُليم وعدد من المشاركات والإعلانات الجانبية.

كانت المشاركات لا تخرج عن مقاطع في اليوتيوب وبعض الإعلانات لبعض الجهات بشكلٍ خجول، إلى أن قرر فريق تلفاز وآخرين مبدعين مستقلين بصناعة أفلامهم الخاصة.

وكان هذا قبل 2018 تقريبا قبل حتى تواجدت السينما في السعودية بشكل رسمي، حيث تم عرض الأفلام الستة هذه وغيرها في سينما عالمية وعربية ولاقت جوائز ايضا.


تعاونت معهم بعد ذلك شركة نيتيفليكس (كما هو معتاد منهم بتمكين الطاقات الشابة لكل أقليم لصناعة محتوى أصلي خاص بنفس الأقليم)،

بعد انتظار وترقب من الجمهور لمشاهدتها اخيرا على منصة نيتيفليكس تم إطلاقها للمشاهدة أخيرا تحت مسمى (ستة شبابيك من الصحراء) والأسم يحمل رمزية أنها أفلام من السعودية.




وتهدف الأفلام الستة الحائزة على جوائز عالمية والتي تمت صناعتها بأيدي مواهب سعودية إلى تسليط الضوء على مواضيع اجتماعية مثيرة، حيث تناقش كل من القضايا الاجتماعية، والتطرف، والعوامل النفسية والعديد من القضايا الأخرى التي تهم المجتمع السعودي. وتتيح سلسلة الأفلام القصيرة الجديدة التي ستعرض على Netflix فرصة للجماهير العالمية للتعرف على صناع المحتوى السعوديين وأهم أعمالهم.”


ومن جهته علق علاء فادان، المدير التنفيذي من استوديوهات تلفاز١١:

"نفخر بتقديم 6 من أفلامنا القصيرة على Netflix. ويسعدنا عرض أعمال المواهب السعودية أمام 167 مليون مشاهد حول العالم. نحن في استوديوهات تلفاز١١ نمتلك مجموعة من صناع المحتوى الموهوبين الذين يقدمون قصصا مُلهمة وم ثيرة للاهتمام مقتبسة من ثقافتنا المحلية، ونتطلع قدما ليشاهد العالم بأكمله ما نقدمه".







وقبل الآن الانتقال لابد أولا توضيح ماهية الفيلم القصير:


الفيلم القصيرة أشبه بالقصة القصيرة وهنا نقلا من ويكيبيديا:

هي نوع أدبي عبارة عن سرد حكائي نثري أقصر من الرواية، وتهدف إلى تقديم حدث وحيد غالبا ضمن مدة زمنية قصيرة ومكان محدود غالبا لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة، لا بد لسرد الحدث في القصة القصيرة أن يكون متحدا ومنسجما دون تشتيت. وغالبا ما تكون وحيدة الشخصية أو عدة شخصيات متقاربة يجمعها مكان واحد وزمان واحد على خلفية الحدث والوضع المراد الحديث عنه


اذا نفهم من ذلك بأن الفيلم القصير لا يعني فقط أن المدة زمنية بل أنه سرد لحدثٍ وحيد في مساحة قصيرة مكتملة الأركان والشروط السردية للتعبير عن موقف او شعور او رمزية ما بشخصية واحدة او عدة شخصيات.


والآن ننتقل للإنطباع وتقييم هذه الأفلام كل فيلم على حدة


تقييم وإنطباع:


وسطي (2016): يحكي الفيلم الذي أخرجه علي الكلثمي والحاصل على جائزة أفضل مخرج وأفضل فيلم أجنبي في مهرجان ويليامزبيرغ للأفلام المستقلة في عام 2017، قصة حقيقية حول مجموعة من المتشددين تهاجم مسرحية اسمها "وسطي بلا وسطية" في مدينة الرياض في مطلع الألفينات. ويعيد العرض سرد الأحداث من منظور مختلف. 33 دقيقة

إخراج: علي الكلثمي

كتابة: مؤيد النفيعي
نواف الشبيلي

تمثيل: مؤيد النفيعي (بدور سعد) محمد الحمدان (بدور كريم) منصور الناصر (بدور الطبيب)


تقريبا هذا أكثر فيلم كنت أنتظره شخصيًا لأنه سيتناول أولا عن قصة حقيقة وعن حدث مهم في الساحة السعودية الثقافية والإجتماعية وبالإضافة ستتم معالجته دراميًا لأول مرة ولو على شكل فيلم قصير، يقال بأنه تم أخذ بعض الحوارات والأحداث بلسان من كانوا بالمسرح..


يبدأ الفيلم بعرض شبه سريع عن المسرحية وعرض شبه ساخر عن التوجس من قِبل المحافظين المتدينين, وسط تردد مؤدي المسرحية لتقديم المشاهد أمام مرى المحاظفين.


ومن ثم تبدأ الأحداث الأولى سريعا إلى أن تأخذ منحنى آخر ويتم السرد عن شخصية خيالية لتكون هي الحبكة لكامل القصة..


الصورة والألوان والإخراج موفق لحد كبير لكن اللمسات الإخراجية ومحاولة لتقليد أساليب بعض المخرجيين العالمين كما هو جلي تأثر الكلثمي بهم قد أفقدت للفيلم حوارته، والحوارات هنا لم تأخذ حقها الكافي لصالح التقنية والإستعراض الفني، أداء مؤيد النفيعي كان جميلا كما هو عادته وبالإضافة كان اداء محمد الحمدان جدا موفق وأثبت انه ليس فقط محصور في عالم الهزل، القصة مسرودة بشكل مقنع وجيد ولكن ربما يظهر على الفيلم لمسة إنحياز خفية او محاولة تشفي غليل من فئة لأخرى بالرغم من ظهور بعض اللقطات التي تلغي هذه التهمة، فمثلا شخصيات المحافظين الذي قد حضروا المسرحية للمراقبة وإثارة البلبلة أظهروا بأن هنالك محافظ (وسطي) ولكن لم يكن كافيا ولكن هذا الإنحياز لم يكن سيئا لأن المهم هنا هو الشخصية الخيالية، الفيلم أشبه بخيال ما لمحاولة تبيين أن الاحداث الضخمة قد تصنع الشيء الكبير الذي لن يعرف عنه أحد وبأن الوسطية ربما قابلة للعيش ولكن لا تلاحظ.


الفيلم يستحق المشاهدة ويعتبر موفق لحد كبير رغم أنه اتى وقد سُمح بعرضه للجميع في وقت أعتبره متأخر كثيرا من ناحية إجتماعية


سومياتي بتدخل النار؟ (2016): تدور أحداث  الفيلم الذي أخرجه مشعل الجاسر والحاصل على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان لوس أنجليس للأفلام المستقلة في العام 2017، حول الطفلة ليان، وهي أصغر أفراد عائلتها التي وظفت العاملة المنزلية سومياتي. والتي تواجه بدورها تحديات في هذا المنزل من حيث التمييزمن أرباب عملها وتحاول النجاة والتعايش مع هذا الواقع. 23 دقيقة


إخراج: مشعل الجاسر

كتابة: مشعل الجاسر

تمثيل: مؤيد النفيعي (بدور سعد) محمد الحمدان (بدور كريم) منصور الناصر (بدور الطبيب)

تمثيل: مشعل الجاسر, صريح العشق, إيمان العصيمي



هذا المخرج الصغير أستطاع تكوين صورة ولمسة إخراجية من حيث المؤثرات والسرد المتسارع والحوارات الداخلية (صوت داخلي) وبث الرسائل المبطنة بطريقة خاصة به عبر سلسلة فُليم في يوتيوب، هنا يبدأ الفيلم ويتم سرده بواسطة الأداء الصوتي لطفلة ويتم النظر عن الخادمة سومياتي من وجهة نظرها..


الفيلم من البداية ستعرف أنه من مشعل الجاسر في اول دقائقه سوف تنبهر من كثرة المؤثرات واللمسات الإخراجية ولكن يعيب على مشعل هنا أنه أستمر بهذه التقنية ولم يسمح للحوارات ان تُعرض بشكلٍ طبيعي او لكي تعطينا فرصة لكي نتعاطى مع البيئة المعروضة، أداء الشخصيات موفق جدًا بداية من الطفل للخادمة إلى الأم وهي الأبرز, وجود مشعل هنا تمثيلا لم يطغى على الحدث وهذا شيء جميل، القصة والرسالة الموجهة من العمل واضحة وصريحة بل حتى رمزية العصفور فيها أثرها ولكن (الحركات الإخراجية) ربما قللت شعور الإحساس بكل هذه الرمزية، أروع مناظر سريالية في الفيلم في نظري هي اللحظات الأخيرة وطبعا بما ان السارد هنا هو صوت فتاة صغيرة فهذا سيطعى بعد وشعور بالتعاطف أكثر ويعتبر إختيار مخادع لحد ما للفوز بالقبول لهذا الفيلم.

ومن كآبة المنظر (2016): يروي الفيلم الذي أخرجه فارس قدس قصة من الخيال العلمي في فترة سبعينيات القرن الماضي، حيث يجب على مجموعة من الناجين من حادث تحطم طائرة فوق منطقة صحراوية نائية التعايش بعد عدة محاولات فاشلة للتواصل مع العالم. 36 دقيقة



الفيلم من إبداع الأخوين قدس (فارس قدس - صهيب قدس) الأخوين تميزوا في أعمال سابقة على يوتيوب ولهم طابع أسود قاتم ساخر مريب مثل كوكب آخر، كيس، موتى يمشون بيننا..


الفيلم يفتتح بسقوط طائرة في منطقة نائية والبدايات كانت مقنعه على صعيد المكان والحالة والبيئة ومن هنا تبدأ الأحداث على شكل فصول وكل فصل ترى تغير الشخصيات فيه والتأثر بالزمن ومن هنا تتصاعد وتبرز الشخصيات العالقة في هذا المكان وكيف ان سقوط الطائرة وتأخر العثور عليهم يبدأ يأثر عليهم تدريجيًا، قد يرد لذهن المشاهد أنه ماهو إلا تقليد لمسلسل Lost لكنه ليس كذلك، اداءات الممثلين كانت متوسطة إلى مقبولة ماعدا فارس كان أفضلهم ولكن ليس بأفضل حالاته، يعيب على العمل الحوارات ضعيفة وركيكة لحد ما حتى عند اللحظة الحاسمة لم يكن بالشكل المأمول، الصورة ومحاولة مطابقة الخط الزمني للقصة بأن الأحداث قد حصلت في زمن قديم كان موفق، للأمانة أعمال الأخوين قدس على يوتيوب كانت أفضل، ربما فلمهم شمس المعارف يعوض هذا النقص ولكن محاولة جيدة.





الجرذي (2018): يروي الفيلم الذي كتبه وأخرجه فيصل العامر حياة الشاب فهد، الذي قضى آخر يوم في حياته في خوف من والده، حيث يدخل فهد في دوامة الخوف من والده ويحاول تجاوز ذلك إلا أن الأحداث تعيد نفسها لتجعله شبيه بفأر يركض في عجلة لا نهاية لها. 10 دقيقة




ثاني أكثر فيلم متشوق له نظرا لتاريخ فيصل العامر في الكتابة بداية من روايته شغب التي قد أُستُلهمت كثير من عوالمه في سلسلة الرسوم مسامير وايضا لوجود نظرة خاصة لفيصل العامر لقراءة المجتمع وطريقته بالسرد الجميلة للشخصيات السعودية.


الفيلم مدته الزمنية قصيرة لكن الإفتتاحية توحي لك بأن العالم قامتٌ غامض مريب روتيني مؤسساتي (الفرد المسحوق [ترس في عجلة]).


منذ الوهلة الأولى أدركت بأن فيصل العامر ربما حاول خلق عالم جديد ولكنه لم يفعل حقيقة على الصعيد الفني لكن المحلي ربما، ما أقصد بذلك بأنه قد استوحى هذا الأسلوب لحد ما من عالم كافكا ورواية 1984 ولكن تم إستدراك ذلك في أول مشهد، الصورة والإخراج هنا صورة بديعة حقيقة تستطيع أخذ أي لقطة وتجعلها صورة صامتة لكن الألوان لم تكن بتلك الدرجة


الفيلم من بطولة زياد العمري و وجود سريع لعلي الكثلمي، هناك كثيرٌ من الشكوك حول مستوى زياد وبالفعل كان كذلك ربما الكتابة الجيدة لفيصل العامر جعلت زياد في مكان أفضل ولكنه لم يستغلها بشكل جيد، رغم أن المدة قصيرة لكن وفق في نقل الصور والرمزيات بشكل جيد من ناحية ان الفيلم يميل للغرابة وعدم المباشرة، لكن الرمزيات كانت أكثر من اللازم وهنا يتكرر الإشكال وهو فقدان الحوارات الجيدة، ربما حوار الكلثمي كان جيد لحد ما ومشهد زياد عند دخوله للمدير ماعدى ذلك كان فقيرا لحد ما، بنظري أن الرمزية في النهاية كانت واضحة لكن لم تكن قوية كفاية بل فارغه لحد ما، أظن فيصل هنا يستغرض عضلاته أكثر من أنه يريد سرد شيء ما، ولكن بالرغم من ذلك لدي الآمال لفيصل نظرا لأن هذا أول عمل واقعي له وأطمح برؤية المزيد له من ممثلين مبدعين فعلا وليسوا صناع مشاهد قصيرة في برامج التواصل وأعتذر لهذه القسوة.



Join