ملخص كتاب Blitzscaling

ما هو الطريق لبناء شركات تحقق نمو هائل و سريع؟

Prioritizing speed over efficiency — even in the face of uncertainty


إعطاء الأولوية للسرعة على الكفاءة - حتى في مواجهة عدم اليقين

الملخص التالية يحتوي على:

  • ماذا تعني كلمة "Blitzscaling".

  • لماذا يتم تفضيل الجرأة في الاقتصاد الحالي.

  • كيف يكون أحد مفاتيح كسب المال للشركات هو غالباً خسارة المال.

مع نهاية عام 1996، كانت الشركات العملاقة في العصر الصناعي هي أهم الشركات في العالم: "جنرال إلكتريك"، "رويال داتش شل"، وشركة كوكاكولا، "إكسون موبيل"، وشركة يابانية للاتصالات تسمى "نيبون تلغراف أند تلفون ".


وبعد عقدين وفي يومنا الحالي لم يعد أي من هذه الشركات ضمن الشركات الخمس الأولى بعد الآن! تم استبدالهم بـ "أبل" و "جوجل" و "مايكروسوفت" و "أمازون" و "فيسبوك" وفي هذا الوقت أصبح الاقتصاد العالمي تحت سيطرة شركات التقنية العملاقة. شركات التقنية الـ150 الأكثر قيمة في وادي السيليكون وحده تقدر قيمتها بنحو 3.5 تريليون دولار.


لقد تطور العديد من شركات التقنية من شركات ناشئة إلى شركات عملاقة في بضع سنوات فقط. "أمازون"، "فيسبوك"، "جوجل"، "يوتيوب"، "إنستاغرام"، "تويتر، "أوبر"، "سناب شات"، "باي بال"، "لينكد إن" – وأكثر من ذلك.


ما هي أسرار هذا النمو الهائل؟

يمكن تلخيص أحد أهم الأسرار في كلمة واحدة: Blitzscaling

ماذا تعني كلمة "Blitzscaling"؟

هي شكل من أشكال النمو التجاري السريع المستمر والذي يتيح للشركات الوصول بسرعة إلى تقدم هائل.

 

وهي كلمة تم اختراعها مؤخراً، وأسهل طريقة لتعريف "blitzscaling" هي تقسيم مكوناتها: "blitz" و "scaling".

في اللغة الألمانية، "blitz" تعني البرق ⚡️

في اللغة الإنجليزية الحديثة، أصبحت طريقة عامية لوصف ما يحدث عندما تحاول منظمة تحقيق شيء ما بسرعة البرق.

 

على سبيل المثال، إذا نشرت شركة ما حملة إعلانية كاملة و سريعة غمرت بها الاعلام فإنها تصبح "marketing blitz" اي التسويق البرقي.


أما "scaling" فهو اختصار لـ "scaling up" وهو النمو في الأعمال، هذا يعني ان تنمية الشركة على النحو الذي يجعل كل أجزائها متناسبة مع بعضها البعض أثناء نموها. وهذا أمر مهم، لأن لكي تبيع الشركة المزيد من المنتجات أو الخدمات تحتاج إلى توسيع بنيتها الأساسية ومواردها وقوة عملها، ويتعين على الشركة متابعة جميع الخطوات خطوة بخطوة حتى يكون النمو مستمراً.


على سبيل المثال، تخيل أنك تمتلك كشك لبيع عصير ليمون، وتريد توسيع إمبراطوريتك.

لبيع المزيد من عصير الليمون، تحتاج للاستثمار في:

 

  1. أكشاك إضافية

  2. ليمون

  3. أكواب

  4. عمال

إذا حاولت التوسع في واحد فقط من هذه المجالات دون الاخرى، فإن التوسع لن يستمر. ففي النهاية، اذا نفذت منك الأكواب، لايهم كم من الليمون يمكنك عصره!

 

وإذا نجحت في تجنب هذه المشكلة وانتشرت إمبراطوريتك الليمونية في كل منطقة، فقد نجحت في تحقيق النمو "scaling" بالمعنى المذكور في الكلمة.


بتجميع هذه الأفكار التي بالاعلي معاً، يصبح لديك أول تقدير تقريبي لما تعنيه كلمة "blitzscaling": إنه نمو تجاري ليس سريعاً للغاية فحسب، بل و متناسباً من جميع النواحي أيضاً، وبالتالي مستمراً و مستدام. 



وهذا هو ما حدث عندما تحولت أمازون من امتلاكها 151 موظفاً و 5.1 مليون دولار كإيرادات في عام 1996 إلى 7600 موظف و 1.64 مليار دولار كإيرادات في عام 1999

أي زيادة 50 ضعفاً في عدد الموظفين و 322 ضعفاً في الدخل، وكل ذلك في غضون ثلاث سنوات فقط!


لكن هناك تحذير يجب أن نضيفه إلى تعريفنا للكلمة "blitzscaling". كل شركة تسعى إلى النمو، وكل شركة ناجحة تنمو. وإذا كانت عبارة "blitzscaling" تعني النمو السريع المستمر فحسب، فإنها سوف تكون مجرد كلمة أخرى للنجاح الباهر في الأعمال التجارية. ما الجديد؟؟؟


 رغم أن الكلمة  تعني النمو السريع المستمر، فإن الأمر يشتمل على ما هو أكثر من ذلك. لذلك سنكتشف ما هي العناصر التي تصنع الكلمة في المحتوى القادم.

كلمة "Blitz" لها تاريخ سيئ ولكنه مفيد. انها تعود للكلمة الألمانية "blitzkrieg"، التي تعني "حرب البرق" وأصبح هذا اسم الاستراتيجية العسكرية التي نفّذها الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.

و بإلهام من المفكرين العسكريين البريطانيين تم تبنيها من قِبَل الحلفاء... هذه الاستراتيجية تحولاً جذرياً في الكيفية التي كانت الجيوش تتعامل بها مع الحرب. في الماضي، كانوا يتقدمون ببطء وحذر إلى أراضي العدو، بهدف تأمين خطوط إمداداتهم ومسارات للانسحاب قبل التقدم إلى الأمام.


في المقابل ، مع "blitzkrieg" (حرب البرق) ، يتقدم الجيش بسرعة وحسم ، على أمل أن ينال من العدو. تشمل هذه الاستراتيجية مخاطر كبيرة؛ قد ينفذ الجيش المهاجم من الإمدادات أو يفقد قدرته على الانسحاب. لكن المكافأة المحتملة لسحق العدو غالبًا ما تفوق هذه المخاطر.


وتشمل blitzscaling ايضا التخلي عن الحذر تماماً. في الواقع، تبني حالة من عدم اليقين والمخاطرة يشكل العنصر الحاسم لهذه الكلمة. مثل الجيش في الماضي، تسعى الشركة التقليدية إلى تأمين موقعها في ساحة المعركة التجارية (السوق) قبل أن تتقدم لتوسيع أراضيها (حصتها في  السوق). 


وعلى سبيل المثال، إذا أرادت شركة أمريكية تقليدية أن تتوسع في الخارج، فإنها عادة ما تقيم مكتبا في بلد ما، وتنتظره ليؤسس نفسه بنفسه، و تنشئ مكتبا آخر في بلد آخر، وتنتظر مرة أخرى وهكذا.

ولكن شركات الـblitzscaling على العكس من ذلك، فإنها تنطلق بأقصى سرعة.


 على سبيل المثال، في الفترة من 2011 إلى 2012، ارتفع عدد المكاتب الدولية التابعة لشركة Airbnb من 0 إلى 9.


هذا أمر محفوف بالمخاطر للغاية ، وكان من الأسلم بكثير أن تتبع شركة Airbnb النهج التقليدي. وإذا كنت قد بدأت بالفعل بتأنِّي وثبات و إنشاء 8 مكاتب دولية واحدة تلو الأخرى، يمكنك أن تشعر بثقة كبيرة بشأن المكتب رقم 9.


لكن بالنسبة لـAirbnb ، لم يكن النهج التقليدي خيارًا. كان لديهم منافس ألماني يدعى Wimdu في أعقابهم ، وينسخ نموذج أعمالهم. إذا كانوا قد انتظروا لتنظيم افكارهم جيداً قبل المكتب التاسع ، فربما فات الأوان؛ وكان Wimdu قد غزا الأسواق الدولية قبل وصول Airbnb. لذلك غامروا ونجحو في النهاية. لقد قضوا على تهديد Wimdu، مما أدى إلى زيادة عشرة أضعاف في حجوزات Airbnb.


تعطي الشركات التي تتبع الـblitzscaling الأولوية للسرعة على الكفاءة لتحقيق ميزة المتقدم الأول (first scaler advantage).

الشركات التقليدية تعطي الأولوية للاستخدام الفعال لرأس المال؛ فيسعون للحصول على أكبر قدر من الأرباح من كل دولار تحت تصرفهم. 


المقهى، على سبيل المثال، ينفق بحكمة عندما يشتري أكوابه الورقية بكميات كبيرة فصندوق كبير من الاكواب لا يكلف سوى بضعة دولارات ولكنه يتيح مئات المبيعات المستقبلية.

ولكن شركات الـ blitzscaling تفعل الأمور بشكل مختلف، فتعطي الأولوية للسرعة وليس للكفاءة. وهذا هو السبب الذي جعل شركات سيارات الأجرة التقليدية ترتجف عندما تنطلق شركات النقل بالاقتصاد التشاركي مثل أوبر في المدينة.


عادتا تحاول الشركات أن تستولي على بعض من حصة منافسيها في السوق وتحاول تقليص هذه الحصة من خلال تخفض أسعارها. لتفعل ذلك تحتاج الى التوازن بتقليل تكاليف الإنتاج ولكن هذه عملية طويلة وصعبة قد لا تسمح إلا بخفض ضئيل للغاية في الأسعار.


فماذا تفعل شركة تتبع blitzscaling مثل أوبر؟ فهي تخفض الأسعار إلى الحد الذي يجعلها لا تغطي حتى التكاليف ــ وهي الاستراتيجية التي قد تعادل في نظر الشركات التقليدية الانتحار. ولكن أوبر تستطيع أن تتحمل القيام بهذا لأنها تتمتع بميزة هائلة ــ خزانة تتألف من مليارات الدولارات من رأس المال الجريء، ولا تندم على استخدامها لمصلحتها.


هذا الطريقة تسمح لشركة أوبر بخسارة المال من أجل غزو سوق جديدة في أسرع وقت ممكن. إنها إستراتيجية محفوفة بالمخاطر، ولكنها إستراتيجية قادرة على تقديم مردود كبير في هيئة ميزة المتقدم الأول (first scaler advantage).


كما تتلخص استراتيجية أوبر في التوسع بقوة، مدينة بمدينة، وترتيب أولوياتها للسرعة على الكفاءة يسمح لها بالهيمنة على الأسواق الجديدة بسرعة واكتساب ميزة المتقدم الأول (first scaler advantage).

تذهب ميزة المتقدم الأول (first scaler advantage) إلى الشركة التي تعد الأولى في التوسع والسيطرة على نظامها البيئي للأعمال.

بمجرد قيام الشركة بذلك، يصبح من الصعب للغاية التنافس ضدها مما يجعل المنافسة صعبة في اقتصاد اليوم، خاصة في مجال التقنية وتجعل الفائز يستولي علي كل شيء بشكل سرعة.


ولنتذكر معاً السنوات الأولى لشبكات التواصل الاجتماعي عندما كان "فيسبوك" و"ماي سبيس" و"فريندستر" يتنافسون جميعاً على الهيمنة. الآن، متى كانت آخر مرة استخدمت فيها "ماي سبيس" أو "فريندستر"؟ هذا لأن الفيسبوك تقدم بنجاح.

هنالك عوامل للنمو يمكن أن تعزز نمو الشركة مما يسمح بالوصول غير المسبوق إلى أسواق كبيرة.


هناك أربعة عوامل ينبغي لكل شركة تتبع blitzscaling أن تسعى إلى تعظيم أثرها وهي تأثيرات الشبكة، وحجم السوق، والتوزيع، وهوامش الربح الإجمالية المرتفعة. 

تأثيرات الشبكة (network effect)، من الممكن أن يشكل دفعة هائلة لأي شركة تسعى جاهدة إلى اكتساب ميزة المتقدم الأول (first scaler advantage). وتحدث "تأثيرات الشبكة" أساساً عندما تزيد قيمة الشبكة بالنسبة للمستخدمين مع بدء عدد أكبر من الناس في استخدامها.


لنتأمل هنا موقع Airbnb. كلما زاد عرض الناس لممتلكاتهم على موقع الشركة، كلما أصبحت ساحة السوق للنزلاء اكبر للراغبين في الاقامة. وكلما زاد النزلاء في السوق، ازداد رغبة الناس في عرض ممتلكاتهم عليه. تأثير الشبكة تخلق حلقة ردود فعل إيجابية.

وبسبب هذه الحلقة من ردود الفعل، فإن الشركة التي ترغب منافسة Airbnb سيصعب عليها ذالك. وبما أن نمو شركة Airbnb السريع الذي يعتمد على تأثير الشبكة سمح لها بالاستيلاء على ميزة المتقدم الأولى في السوق، فإنها تتمتع ببداية قوية تكاد تكون مستحيلة التغلب عليها في التعامل مع كل المنافسين.


اذا كان هنالك شبكة، فهناك إمكانية التأثير الشبكي، وهي الحقيقة التي استخدمتها العديد من شركات التقنية لتحقيق النجاح.


 تربط شركات أوبر (Uber) وإير بي إن بي (Airbnb) وإيباي (eBay) مشتري وبائع للسلع وللخدمات بشبكاتهم الضخمة للأسواق. يربط فيسبوك وإنستاغرام وتويتر الناس بشبكات اجتماعية تصل بين ملايين المستخدم. يربط يوتيوب منتجي الفيديو والمستهلكين بشبكة الترفيه الأكثر شعبية في العالم.


بطبيعة الحال، تُعَد هذه الشبكة أيضاً مورداً تتوق شركات التقنية إلى الاستفادة منه. فهي تمثل بالنسبة لهم السوق النهائي المفتوح على مدار الساعة والقائم في كل مكان في نفس الوقت من دون الحاجة إلى متاجر على أرض الواقع باهظة الثمن. 


هذه هي الفكرة وراء حجم السوق كعامل نمو. فلكي تتمكن شركة ما ان تتبع blitzscaling، فلابد وأن يكون حجم سوقها ضخم. وإلا فلن يكون هناك ما يكفي من المال لدعم أو تحفيز تمويلها ونموها.


ننتقل الى هوامش الربح الإجمالية المرتفعة او الـ High gross margins و التي تشكل عاملاً آخر من عوامل النمو في blitzscaling. 


الهوامش الربحية مفهوم بسيط جداً إنها مقياس لكمية الأموال التي يحصل عليها نشاطك التجاري بعد تغطية التكاليف.


لنفترض أن منتجك يكلفك 0.50 دولار لإنتاجه وبيعه، هذه هي تكلفة البضائع المباعة (COGS)، ثم تبيع المنتج بسعر 0.75 دولار لكل وحدة، هذا هو إيرادك.

 

حسنًا ، إيرادات 0.75$ مطروحًا منه تكلفة البيع 0.50$، يساوي 0.25$ وهذا هو هامش الربح الإجمالي، والمال الذي لديك في البنك بعد كل عملية بيع.

مع العلم ان "هامش الربح" (gross margin) مختلفة عن "الربح" (profit)، حيث يمكنك الهامش لتغطية النفقات الأخرى مثل الضرائب. على الرغم من أنه مهم لأنه مصدر جاهز للتمويل لأي مبادرة جديدة قد ترغب في متابعتها، من توسيع عملياتك التشغيلية إلى تطوير خط إنتاج جديد. لذالك عندما ترغب في  تنمية شركتك بسرعة إلى نطاق هائل، الهوامش الإجمالية المرتفعة ( high gross margins) تصبح امراً حاسم! 


عادةً ما يتم تمثيل الهامش الإجمالي كنسبة مئوية، ويتم حسابه بقسمة قيمته على قيمة الإيرادات. وبالتالي ، فإن تقسيم إجمالي هامش الربح البالغ 0.25 دولارًا على 0.75 دولارًا في الإيرادات ، يعطي هامش ربح إجمالي بنسبة ٪33 بالمئة كما هو موضح بالصورة الاعلى.


و 33% هو أعلى من هامش جنرال إليكتريك البالغ 27% لكن معظم عمالقة التقنية لديهم هوامش اجمالية تبدأ عند 60% ويمكن ان تصل الى 90%.

جوجل 61% 

وفيسبوك 87%


هوامش الربح الإجمالية العالية تعطيك أكثر من المال فحسب، أنها تسهل عليك تمويل التوسع، لأنها كلما ارتفعت كلما لاحظك المستثمرون. 

تخيل  ان هامش ربح الشركة "أ" هو 66%، في حين ان هامش ربح الشركة "ب" هو 33%. هذا يعني أن "ب" تجمع نصف ما تجنيه "أ" من المال في كل عملية بيع، وأن عليها أن تولد ضعف ما تجنيه من مبيعات لينتهي بها الأمر إلى الحصول على نفس المبلغ من النقد. وهذا سوف يتطلب المزيد من الموارد، والمزيد من البنية التحتية والمزيد من العاملين مقارنة بمنافسيها ــ ليس فقط للتصنيع، بل وأيضاً لأشياء مثل موظفين خدمة العملاء لضِعف عدد العملاء.

بالنسبة للمستثمرين، من الواضح أن "أ" لديها فرصة أفضل للنمو من "ب"، ولهذا السبب، سيختارون الاستثمار في "أ". وهذا يؤدي إلى حلقة ردود فعل إيجابية أخرى: مع زيادة رأس المال الاستثماري لإنفاقه على توسيع عملياته، فإن "أ" ستنمو بسهولة أكبر من "ب". عندما يرى المستثمرون هذا النمو، سيضعو المزيد من أموالهم إلي  "أ"، مما يؤدي إلى مزيد من النمو. 


وبالتالي، فإن هوامش الربح الإجمالية المرتفعة تسمح للشركات بتجميع صناديق ضخمة لرأس المال المطلوب لمواصلة النمو على نطاق ضخم لـ blitzscaling وكما سنرى ، تتمتع شركات التكنولوجيا بميزة طبيعية عندما يتعلق الأمر بتحقيق هوامش ربح إجمالية عالية ، وبالتالي جذب رأس المال.


يشكل التوزيع (Distribution) عاملاً رئيسياً آخر من عوامل النمو، وهو الجزء الذي تتمتع فيها شركات التقنية بميزة.

 

قد يكون لديك منتج رهيب وسوق محدد جيد يطالب به ولكن وصوله في أيدي العملاء ليس مجرد حيلة فنية. التوزيع عامل نمو يمكن أن يحدث توزيع منتج أو خدمة على نطاق واسع بطريقتين.


  1. يتلخص في استخدام شبكة توزيع قائمة مسبقاً، مثل خدمة البريد في الولايات المتحدة واستغلت نيتفليكس لها عندما أطلقت خدماتها  لتأجير أقراص الفيديو الرقمية DVD بالبريد. وتستفيد أمازون من هذا أيضاً بعقد صفقة مع إدارة البريد تسمح لها بشحن الطرود الصغيرة مقابل دولار واحد فقط لكل منها.

  2. الطريقة الأخرى هي التوزيع الفيروسي. أولاً، تصيب زبوناً واحداً، ثم تصيب زبوناً آخر. كل واحد منهم يصيب المزيد من الزبائن وهلم جرا.

وهناك نوعان من التوزيع الفيروسي، العضوي والتحفيزي، وتقدم الأيام الأولى من باي بال مثالاً على كل منهما. في ذلك الوقت، كان على البائع أن ينشئ حساب كلما أراد المشتري إرسال المبلغ عبر باي بال. وأدى هذا التوزيع العضوي الفيروسي بطبيعة الحال إلى زيادة عدد مستخدمي هذه الخدمة. 


وفي الوقت نفسه، وفر التوزيع التحفيزي لباي بال حافزاً للمستخدمين لنشر خدماته: ادعو اصدقائك للتسجيل، وتتلقى أنت و صديقك 10 دولارات. وبالجمع بين هذين النوعين من التسويق الفيروسي، تمكن باي بال من النمو بمعدل مذهل يتراوح بين 7 إلى 10 بالمئة في اليوم.


تخيل، إذن، نوع النمو الذي يمكن تحقيقه عندما لا تكون هناك حاجة للتوزيع الملموس، ولا للبنية التحتية مثل البريد والموارد والعمال التي تتطلبها مراكز التوزيع. للاستغناء عن مثل هذه الأشياء ، يجب أن تكون رقميًا.


 لنأخذ على سبيل المثال شركة برمجيات تتضاعف طلباتها بين ليلة وضحاها. لتلبية هذا الطلب والمبيعات، ستحتاج الشركة الى... لا شيء!! في الأساس تكرار توزيع نسخة من برنامج رقمي يكلف صفر. الشركات الرقمية قابلة للنمو السريع وأيضا يتمتعون بهوامش إجمالية عالية (high gross margins).


الشركات الرقمية تستطيع بسهولة الاتصال بالإنترنت وتوزيع أسواقها على الإنترنت، يمكن للشركات الرقمية جني جميع مكافآت تأثير الشبكة والوصول إلى الأسواق الكبيرة لمنتجاتها. هذه الامتيازات، إلى جانب سهولة تكرار، نسخ المنتج، وصفة مثالية لهوامش ربح إجمالية ممتازة.


هذا هو السبب في أن العديد من الأمثلة الناجحة على استراتيجية blitzscaling تأتي من مجال التقنية؛ امتلاكك لمنتج وخدمة رقمية يمكنك من الاستفادة من جميع عوامل النمو الأربعة في blitzscaling.


لتحقيق السرعة للوصول لمرحلة الـ blitzscaling، فإن التوافق الجيد بين المنتج و السوق (product-market fit) و قابلية النمو والتوسع لعمليات التشغيل (operational scalability) يعدا أمراً حاسماً.

لتوليد مستوى جيد من المبيعات والعائدات الذي تتطلبه شركة تتبع blitzscaling، فيتعين عليك أن تستهدف سوقاً جيدة وأن تقدم منتجاً يرضي هذا السوق أو بعبارة أخرى، يتعين عليك أن تحقق توافق بين المنتج والسوق (product market fit). إن هذا التوافق يعد من الأمور التي تحتاج الشركات الانتباه لها.


وكلما زاد التوافق بين المنتج والسوق، كلما زادت فرص النمو السريع. ولكن تحقيق توافق مثالي بين المنتج و السوق على الفور ليس بالأمر السهل. ولتحسين التوافق، يتعين على أغلب الشركات أن تعدل منتجاتها لجعلها تتناسب على نحو أفضل مع مطالب السوق. 


من الأسهل لشركة التقنية أن تكون بارعة في التوافق بين المنتج و السوق. فإدخال إصلاحات جديدة من خلال إصدار نسخة جديدة من البرمجيات أو اختبار خاصية تطبيقية جديدة يتطلب بنية تحتية أقل من إعادة صياغة سلعة ملموسة.

 

في البرمجيات عليك أن تقوم بتحرير بعض الاكواد فقط لا أن تشتري آلات جديدة. لذالك بوسع شركات التقنية أن تتغير (pivot) على نحو أسهل كثيراً من الشركات التي لديها منتج ملموس، فيمكنها التحول من محاولة تحقيق توافق بين المنتج والسوق من طريقة الى أخرى.


تأمل باي بال كمثال: في السنة الأولى من عملها عندما كانت تحت اسم confinity، مرت بأربعة محاور تحويل خدماتها من تشفير الهاتف المحمول إلى مدفوعات الهاتف المحمول، ثم إلى مدفوعات البريد الإلكتروني، وأخيراً إلى معاملات إيباي (eBay). 


ولنتخيل الآن أنك حققت توافق بين المنتج والسوق و وصلت الى product/market fit مثالي وانتجت طلباً مرتفعاً من عملائك، لكن لم يكن لديك القدرة على الإنتاج لتلبية هذا الطلب! بذلك أنت تخسر المبيعات المحتملة مما يعني أنك تحتاج لزيادة عملياتك التشغيلية للوصول إلى المستوى المطلوب من الإنتاج.


المحور الحاسم الثاني لـblitzscaling، هو قابلية التوسع لعملية التشغيل (operational scalability)، هذا المحور من شأنه أن يبني الشركة أو يهدمها. عادتا هذا المحور ليس مثبطاً لشركات التقنية، التي تعتمد بشكل أقل على البنية التحتية الملموسة.


ولكن حتى الشركة الرقمية لديها بعض البنية التحتية الملموسة تحتاج للتوسع من أجل التقدم والفشل في القيام بهذا قد يكون مدمرا.

 

على سبيل المثال، أتذكر (فريندستر)؟ كان منافساً لشبكات التواصل الاجتماعي، وكان الأول من نوعه الذي انتشر سريعاً واكتسب الملايين من المستخدمين خلال بضعة أشهر.


ولكن خوادم حواسيب الشركة لم تتمكن من مجاراة الطلب، حيث انتظر المستخدمون ما يصل إلى 40 ثانية لتحميل الموقع. خلال سنتين، منافس أسرع يدعى (ماي سبيس) تفوق على (فريندستر).


محور آخر، إن سرعة blitzscaling تتطلب استراتيجية إدارية، والنمو للأمد البعيد يتطلب خطة. إن تحديات التوسع معقدة و تزداد تعقيدا مع نمو الشركة.


تأملوا احد التحديات: تنظيم الشركة (company organization). إذا بدأت شركة مع ثلاثة أصدقاء، يمكن أن تكون المنظمة غير رسمية إلى حد كبير وتعتمد على العلاقات الفردية. هناك فقط ستة طرق من العلاقات والتواصل الفريدة بينكم.

ماذا إذا أضفت شخصين اخرين الى الشركة كم عدد العلاقات؟ أضف 20 آخرين كم ستكون؟ ماذا اذا كان لديك 25 ألف موظف كما تفعل فيسبوك؟ فإنك في أكثر من 312 مليون علاقة! فالتنظيم الأكثر رسمية (formal organization) يصبح ضروريا بسرعة، مما يعني أن تحتاج إلى إنشاء اقسام، وأن هذه الأقسام تحتاج إلى مدراء ومدراء فرعيين.

ويجلب النمو تعقيدات معه تساؤلات شائكة تتعلق بفلسفة الإدارة والتسلسل الهرمي وثقافة الشركة. إن هذه التساؤلات تشكل تحدياً كبيراً، حيث يتعين أن تجيب عليها باستمرار وأن تعيد الإجابة عليها في خضم النمو السريع الهائل. ويعد وجود استراتيجية إدارية للتعامل مع هذه العملية أمرا بالغ الأهمية.

وجدت شركة أوبر هذه الحقيقة الصعبة في أواخر عام 2016، وهي فترة من المشاكل الإدارية والاضطرابات التي لا تزال الشركة تتعافى منها. وظهرت ادعاءات بالتحرش الجنسي. ومخطط على إنشاء أوبر لحسابات وهمية مع منافسها شركة lyft. وثمانية من نواب الرئيس ورؤساء الأقسام تركوا الشركة في نصف عام فقط.


و وضع استراتيجية إدارية لن يعني الكثير دون وضع خطة عمل تضمن النمو طويل الأجل.


في بداية الأمر، تستطيع شركة تتبع blitzscaling مدعومة بالاستثمار المناسب أن تتحمل خسارة المال في سبيل التوسع السريع والسيطرة على السوق ولكن لفترة وجيزة فقط. وبمجرد أن تحقق السيطرة فلابد وأن تتحول هذه الخسائر إلى أرباح. وإلا فسوف تنال استياء المستثمرين الذين قد يمنعون تدفق المال لك.

ولكن بالنسبة لشركة ذات منتج رقمي أو خدمة رقمية، فإن تحويل الخسائر إلى مكاسب قد يشكل تحدياً كبيرا. وهذا لأن الناس عموماً لا يرغبون في تخصيص أموال كثيرة لمثل هذه المنتجات والخدمات. تخيل إذا كان فيسبوك يطلب منك ربع دولار في كل مرة تدخل، هل ستدخل شبكة فيسبوك عدة مرات في اليوم؟ 

حتى لو نجحت شركتك في تعظيم كل عوامل النمو التي تتطلبها blitzscaling، فإنها لن تدر أرباحاً ضخمة في الأمد البعيد من دون خطة عمل تجارية صحيحة (business plan).

انظر إلي موقع Craigslist أو IMDB كمثال. فهي تطابق مواصفات الشركات التي تتبع blitzscaling، وتحقق المستوى الأمثل لتأثير الشبكات والتوافق بين المنتج و السوق (product/market fit)، و يوفرون خدمات مجانية لكنهم لا يكسبون الكثير من الارباح المالية.

 

إذن كيف يمكن لشركات التقنية أن تكسب المال؟

فبالنسبة لشركة تريد أن تنجح في blitzscaling، هناك أنماط مؤكدة تؤدي إلى ذالك، لا يوجد حل واحد يناسب الكل لوضع خطة عمل قادرة على تحويل النمو الهائل إلى أرباح هائلة بنفس القدر. غير أن هناك سبعة أنماط عامة اتبعتها الشركات الناجحة. وتتصل غلبها بمزايا ممارسة الأعمال التجارية رقمياً.

النمط الأول يتمحور على مزايا بيع منتج رقمي بحت. على سبيل المثال، تأملوا في لباس او لون بشرة إضافي يمكن شرائهم ليناسب شخصية اللاعب في لعبة ڤيديو. وبما انه موجود افتراضيا فقط، فلا تكلف لون البشرة شيئاً لصنعها او بيعها. وهذا يعني هوامش ربح اجمالية حوالي مئة بالمئة.


 فقد أصبحت المنتجات الرقمية البحتة مجالاً مربحاً للغاية بالنسبة للعديد من شركات التقنية، وخاصة في مجال ألعاب الالكترونية.


بطبيعة الحال، إذا كنت شركة تمتلك منتجات ملموس فلا يمكنك أن تحولها سحرياً إلى منتجات رقمية فحسب ــ ولكن لا يزال بوسعك أن تسخر قوة التحول إلى منتجات رقمية و هذا هو النمط الثاني.

 

على سبيل المثال، تستثمر أمازون بكثافة في المنتجات الملموسة الملايين من الأشياء التي يمكنك شراؤها من متجرها على الإنترنت هي منتجات ملموسة. وهذه أمور كثيرة ينبغي إدارتها ولكن أمازون تحولت إلى أنظمة الإدارة الرقمية للاستفادة بأقصى قدر من الكفاءة من مخزونها.


كما أنها تتجه بشكل متزايد إلى بيع البرامجيات كخدمة (SAAS)، وهي خدمات أمازون ويب AWS، التي حققت 150 بالمئة من إيرادات أمازون في عام 2016. كانت عائدات SAAS مرتفعة إلى الحد الذي أدى إلى تغطية خسائر تجارة التجزئة في أمازون! 


ما هو بيع البرامجيات كخدمة (SAAS)؟ حسناً، هذا هو النمط الثالث ويعني ذلك أساسا بيع البرامجيات عن طريق نموذج الاشتراك (subscription model)، بدلا من الشراء عن طريق الدفع مرة واحدة (one-time purchase) أو نموذج ترخيص (license model). 



اما الانماط  الاخرى هي الاستفادة من المزايا الرقمية بأربع استراتيجيات:

  1. باستخدام المنصات platforms

  2. الأسواق marketplaces

  3. الإعلان advertising

  4. الخدمات الممتازة premium services

إذا كنت تشتري أو تبيع منتجاً الكترونياً ، فمن المحتمل أنك على دراية بقاعدة المنصة لإدارة أعمالك.


على سبيل المثال، إذا كنت ناشر كتب إلكترونية أو موزع أفلام، فإن متجر آي تيونز (iTunes) أصبح واحداً من منصات البيع المفضلة لك. 


هذا هو النمط الرابع الناجح، الإستفادة من قوة المنصات. وإذا أمكنكم تحديد منتجكم أو خدمتكم كمنصة لشراء وبيع المنتجات، أو القيام بأي نوع من الأنشطة المدرة للمال، فإنك ستحصل على حصة كبيرة من تلك الإيرادات. فشركة (أبل) تأخذ حصة ضخم تبلغ 30٪ من كل المنتجات التي تباع في متجر آي تيونز.


ويرتبط ذلك ارتباطا وثيقا بالنمط الخامس، الذي يستفيد من إمكانيات نمو الأسواق على الإنترنت. وهذه منصات من نوع محدد منصات لا تجمع بين المشترين والبائعين فحسب، بل وتسمح لهم أيضاً بتحديد أسعارهم من خلال قوى السوق المتمثلة في العرض والطلب، تماماً كما تفعل شركة Airbnb على شبكة الإنترنت.

أما النمط السادس فيتضمن الاستفادة من قوة جذب الانتباه التي تتمتع بها مشاركة المحتوى على شبكة الإنترنت، مثل التايملاين لتويتر أو فيسبوك. ولأن ذلك فعّال للغاية في جذب انتباه الناس، فهو جذاب للغاية للمعلنين، الذين سوف يدفعون أسعاراً باهظة لإدخال إعلاناتهم و المحتوى الممول المدفوع.


اما النمط السابع هو تقديم منتجك مجاناً ومحاولة جني المال بطريقة أخرى. الإعلان خيار. او تقديم خدمة متميزة على أمل أن يرتقي اليها المستخدمون من الخدمة المجانية. على سبيل المثال، تقدم "دروبوكس" 2 جيجابايت من التخزين بالمجان إذا اعجبتك الخدمة و تريد المزيد من التخزين عليك أن تدفع ثمنها.

وهذه الأنماط السبعة ليست وصفات، ولكن كلاً منها تم استخدامه كمبدأ توجيهي من قِبَل العديد من الشركات المربحة على نطاق واسع. وكما هو الحال مع كل علامات blitzscaling، فهي جديدة (أو جديدة نسبيا) وجريئة، وتتمتع بالقدرة على الوصول إلى نجاح مذهل. 


الخلاصة:


تحتاج blitzscaling إلى طموح ضخم وتسامح مع خوض المجازفات الكبرى على أمل تحقيق عائد كبير. تبني عدم اليقين والمخاطرة مع إعطاء الأولوية للسرعة على الكفاءة.

والاستفادة من عوامل النمو الأربعة، و اجتياز محددي النمو يمكن لهم جميعاً أن يؤدوا إلى إنشاء شركة قادرة على تحقيق توسع سريع وكبير وسيكون مستداماً في المستقبل.


 ولكن يتعين على أصحاب القيادة أيضاً أن يتحلوا بالواقعية في تحديد ما يوجهون شركتهم إليه، مع الاستعانة باستراتيجية إدارية وخطة عمل تستبق التغيرات والتحديات الناجمة عن النمو السريع. وبتوفر رؤية واضحة فإن blitzscaling من شأنه أن يساعد الشركات في السيطرة على السوق لفترة طويلة قادمة.


نصيحة: انظروا إلى قصص النجاح لاستراتيجية Blitzscaling خارج مجال التقنية. 


في هذا الملخص ركزنا على الشركات العاملة في مجال التقنية لأنها تقدم أوضح الصور التوضيحية لكيفية عمل blitzscaling. بالرغم من ذلك، فان هذه الاستراتيجية قد تحدث خارج مجال التقنية بل وخارج عالم الأعمال التجارية.

 إن شركة الملابس "زارا"، والمنظمة التعليمية غير الربحية "أكاديمية خان"، وحملة باراك أوباما الرئاسية في عام 2008، كلها أمثلة على الشركات والمنظمات التي نفذت عناصر من استراتيجية blitzscaling خارج مجال التقنية. اقرأوا كيف نجحوا واعرفوا أية عناصر يمكنكم تحديدها.


كما انصح في سماع بودكاست Masters of Scale من تقديم نفس مؤلف الكتاب من هنا.


للوصول الى سلسلة التغريدات من هنا.


اعتذر على الإطالة، الكتاب يحمل الكثير من التفاصيل و النصائح و الأمثلة لرواد الأعمال.


حققو أحلامكم. 


النهاية.