الإعلام الجديد

( تصديًا للهـزيمة نحن بحاجة إلى قدمٍ وساقٍ جديدة )

لا زالت ثقافة الإستماع للراديو من الأحب والأقرب والأحن لقلبي ، و أخشى كثيرًا على هَذِهِ الثقافة أو العادة أن صح التعبير أن تنقطع او تختفي يومًا ما و بشكل تام ومطلق تمامًا .

السيد ( راديو ) أرتبط عندي بأشياء كثيرة جدًا طريق السفر الطويل طريق مكهـ ، الطائف ، الجنوب و مؤخرًا طريق الرياض الذي أصبح كعادةً أسبوعية لي ولوالدي ، بتنا نستمع للراديو إلى ما يقارب الساعة ونص ذهابًا والساعة ونص إيابًا

الراديو لا يفرض على المستمع موضوع او حتى مجال معين بعينه ، لا يجبرك على التحيّز لإعلامي معين ، أو محطة معينهـ ؛ عندما تكون في طريق سفر يتجاوز الخمس ساعات ، حسب منظوري الشخصي وحسب تجربتي مع الراديو قد يعد الإستماع ( أحيانًا ) نوعًا من مسايرة للنص الإعلامي او الأغنية كنوع من تقطيع الوقت ، اذكر جيدًا طريق سفر كان الى مدينة ما تبعد عنّا الكثير

كانت الأغنية التي لا تعجبنا نخفت صوتهـا ولكن عندما تأتي أغنية يفضلهـا والديّ نرفع الصوت عاليًا ويبدأ أبي بالغناء مع المطرب الذي يحبهـ او يصفق كنوعًا من تجاهل نوبة النوم التي أجتاحتهـ في منتصف طريق السفر ذلك

فترتبط معنا كلمة أو مقولة او إغنية سمعناها بالراديو بذكريات طريق السفر ذلك اللذي قطعناهـ برفقة الراديو .

ولا أنسى المسلسلات الراديوية الرمضانية التي كانت شيءً مفضلاً عندي منذ الطفولة التي كان يؤديها ممثلين حجازين يبدو ان اللهجة الحجازية كانت جديدة علي وكنت استمتع بذلك بسببها ! ، و أجزم أنها كانت تقطيعًا ممتاز لمسك أي خط .

ومؤخرًا الراديو الذي نستمع إليه أنا ووالدي على طريق الرياض يجبرنا على فتح مواضيع كثيرة جدًا

فقد تحدثنا كثيرًا عن الرؤية وعن التعليم الأكاديمي وعن أهمية الإنخراط في المجتمع وعن الوطنية ، وعن الموسيقا والفن وعن السياسة والكثير جدًا من المواضيع الإجتماعية أو حتى التحفيزات التي كانت تتسلل كل موضوع نفتحه بأن والدي كان يشيّد بضرورة التعليم وتحمل أعبائه ؛ و أشياء كثيرة جدًا لا يسعني ذكرهـا لكن حتماً كان الراديو له يدٍ فاعله فيهـا ولو كان بطريقةٍ غير مباشرة تمامًا

إختصارًا اعتقد دفاعي الدائم تجاه الراديو لأنه كان جزءٌ منّي ومن ذكرياتي

هل هنالك معركة وإنتصار بين الإعلام الجديد والقديم

الحقيقة لماذا نفترض على الدوام أنه لابد من وجود معركة حاسمة تكون مقسمة على فريقين منحازين لنمطين أو جهتين أو حتى جيلين ( جيل الأولين الطيبين وجيلنا نحن القادم ) ؛ لماذا من الأساس لابد علينا ان نعمم عبارات النصر لإحدى هذا الفريقين ، بإعتقادي الشخصي مسألة الإعلام الجديد والحديث مسألة مرتبطة إرتباط تام بعجلة الحداثة

لكن عجلة الإعلام تبين لنا أن كل مرحله من مراحل هذا الإعلام ، قد واجهت انتصارات كثير وإنهزامات أكثر ، وأيضاً واجهت الدفاع والتحيز والردع والكراهية من جهة إخرى ، والمفارقات بين كل مرحله وأخرى معتمدة تمامًا على المقومات سواء مقومات مادية إبداعية ، كتابية ، ومدى قابليتها للوصول للعالمية أو على اقل تقدير للعالم العربي أجمع ، بالإضافة إلى مقومات الفكرة أو الحدث أو الموضوع الذي يطرح على منصة الإعلام بجديده وقديمه

السؤال الحقيقي هل هنالك أفضل

لا أحب التفضيلات كثيرة لكن كل فترة أو مرحلة من مراحل الإعلام تثبت نفسها في الساحة التي كانت مناسبة فيها ، من منّا لا يذكر الصحف الورقية وكيفية إنتظارنا للعمود الفلاني الذي يكتب تحته الكاتب العلاني ، أو برنامج الراديو الذي كان يعرض قبل اذان المغرب أو المحطة التي تطرح اختيارات موسيقية جيدة لتقطيع طريق الذهاب للعمل صباحًا ، أو حتى المسرح البسيط الذي كان عنصر الدهشة بالبداية رغم بساطة الفكرة وعشوائية التقديم ومباشرة الرسائل التوعوية لا اخفي ان بعضها كان جيداً جدًا ، لكن من جهة أخرى البعض منها كان بسيطًا جدًا بطريقة مبتذلة لكن رغم ذلك دهشتنا بالسابق اعتقد أنها كانت نابعة من بساطتنا الحقيقة

لكن الآن مع كل هذي التقدمات ومع توفر الكثير من الإمكانيات والمقومات اعتقد أننا كعرب أو أنا كمتابع اجد أننا بحاجة لقدم وساق جديدة متمثلة بالإعلام الحديث الذي يندرج تحته

( المسرح ، الموسيقا ، الإذاعة ، العمل السينمائي ، والصحافة )

هنالك بدايات للإعلام الجديد كمدونات المقالات البسيطة وكقنوات البودكاست التي تكون تحت إشرافات فردية وجماعية وايضًا هنالك اليوتيوب الذي أتاح لنا سقف جديد ؛ لكن اجد ان القدم والساق الجديدة التي اتحدث عنها بدأت بالوجود لكنها لم تكتمل بعد

نحن بحاجة أليها لكي نستند عليها ونحن في قمة رضانا .

بالفعل كل جيل يثبت لنا أن مقدار الوعي بالضرورات بدأ يزيد وبدأ كل فرد مع تقدم الأجيال يحصل على الأسلوب النقدي والأسلوب الذي يمكنه من ان يجد هل ماهو مقدم لنا بالوقت الحالي جيد وفعال أم أننا نحتاج سقف أكثر فاعلية !!

لماذا الإعلام يبدو لنا وجوده ضرورة قصوى

كما ذكرت سابقاً الإعلام كمصطلح عام يشمل الكثير فعند وجود إعلام حقيقي جيد يعني وجود ساحة جيدة للتعبير ساحة جيدة لإبراز الثقافة الشعبوية وساحة فعالة لضمان الهوية الفنية لنا كعرب، وأيضاً مادام هنالك إعلام حقيقي يراعي المصداقية ويراعي الفن كجزء من الحضارة والتاريخ اقصد الفن الخالص هنا ليس الذي مر على أساليب التعرية المختلفة ، ومادام هنالك منصة تشمل كل ذلك فيعني ذلك وجود عقول كثيرة مفكرة خارج الصندوق تستطيع إنشاء وإنتاج الكثير

الإعلام يمثل المسرح يعني الكوميديا بأنواعها ، يعني طرح القضية على ساحة مسرح كبير يعني أن تطالب بطريقة غير مباشرة

الإعلام يمثل الصحافة ويمكنني أختصارها بجملة

الصحافة هـي أدبٌ على عجل

richard gere - runaway bride

وبما أنها قد تكون نوعاً من الأدب ولو كان على عجاله فهو إذن يعد منصة لأشياء وتطلعات كثيرة

الأعلام يعني الموسيقا ولو تحدثنا عن الموسيقا فلطالما كانت الموسيقا طريقة للتعبير عن الوطنية ، الثورة ، الحرية وجميع العواطف الحياتية والإجتماعية ذلك النغم الذي بمقدوره ان يعبر بطريقة رقيقة جدًا وشاعرية

الإعلام مطلب وضرورة للحفاظ على الهوية وطريق للتطلع للحرية وللبهجة

مازلت اتبع الإعلام القديم في بعض الأحيان لكن أحب المحاولات الجديدة للنهوض بإعلام جديد مغاير كلياً ، وأتمنى أن الإعلام الجديد يكون فعلاً القدم والساق الجديدة التي نحتاجها وبشدة .

Join