لا أعرف المستحيل يوما؟!

مرحبا أنا سحر الحمراني سأحكي لكم حكاية مؤلمة للغاية.
حكايتي بدأت مع ولادتي، حين تمنت أمي  فتاة لتكون صديقتها وحبيبتها بعد ما أنجبت أربعة من الصبيان.

  

ولكن بهجتها بولادتي لم تطل أكثر من ساعتين وأنا أنعم بدفء أحضانها وكأنه قد دار بيني وبينها الحوار التالي:

أمي: انظري إلي وإلى عينيّ!

الأم: ما أجمل لونهما إنهما تحملان لون زرقة السماء, هل أسميك سماء؟

أمي: انظري وأمعني النظر ،فأنا لا أراكِ، وإنما أحفظ صوتك الذي  سمعته وأنا في أحشائك.

الأم: أنت لا تبصريني؟ ! ولا تبصري أي شيء حولك؟!

نعم يا أمي.

بكت أمي دهرا.. ألما وقهرا وحزنا كبير.

وبدأ مشواري مع العلاج ،ومن طبيب إلى طبيب ،حتى تقرر إجراء عملية مستعجلة رغم عمري الصغير الذي لم يتجاوز 21 يوما فأجريت العملية وكان نجاحها لا يتجاوز 10% بسبب عمري وعدم تحملي المخدر.
فأصبحت أبصر ولكن بشكل طفيف بل طفيف جدا لا يتجاوز الأمتار.
وحتى خارج البلاد سافرت ولكن لا علاج لحالتي  لنادرة

- تآكل في عصب العين مع الماء الأزرق-


فبقيت على المسكنات،ومرت السنوات وأنا على نفس الحال،
حتى بلغت سن التعليم وحاولت أمي أن تقدم  لي في أكثر من مدرسة
وكانوا يرددوا عليها الكلمات ذاتها والخياريْن الذيْن لا ثالث لهما!!

أتردين دراستها أم نظرها؟!
كانت تقول نظرها، وكنت أقول قولي دراستها.
    كان لدي شغف كبير جدا بالتعليم ولكن حين لم يقبلني أحد، بدأت أتعلم مع إخوتي، وقد استفدت من برامج التلفزيون التعليمية حتى أصبحت أقرأ وأكتب وأجمع وأطرح وكأني تعلمت من معلمين خاصين.


وكان هذا أول تحدٍّ أجتازه بمفردي.


حتى التحقت بمعهد النور الخاص بالمكفوفين وعمري 10 أعوام
وبدأت انطلاقتي الحقيقية في التعليم وكنت أحصد المراكز الأولى حتى وصلت الجامعة,
ودرست بعد معاناة في إقناع عميدة الجامعة بأن أدرس في كلية الاقتصاد والإدارة.
وحصلت على بكالريوس إدارة أعمال مسار تسويق،
وكنت بذلك أول كفيفة في الشرق الأوسط أحصل على هذه الشهادة
مما فتح الباب للطالبات من بعدي.


كانت تأتيني العروض وأنا طالبة، مما جعلني أجتهد وأحصل على دورات في الحاسب لتساعدني مستقبلا على العمل.
ولكن رغم تفوقي وسيرتي الذاتية التي تبهر أصحاب الشركات إلا سرعان ما يغيرون رأيههم فيرفضون توظيفي لأني كفيفة.

ولكن لم يعرف اليأس طريقه إلي.


فبدأت بتعلم صناعة الصابون الذي كنت أصنعه وأقوم ببيعه حتى في بعض البازار قمت بذلك.
كما قمت بتدريس بعض طالبات الجامعة للمواد العلمية، طالبات كنّ مبصرات تقرأ إحداهن المسألة وأقوم بحلها.
    وبعد ثلاثة أعوام من تخرجي من الجامعة،كتب لي ربي بأن أتوظف معلمة للكفيفات،
فبدأت بتدريس الحاسب والرياضيات والعلوم.
والحمد لله قمت بتدريس جميع المراحل الثلاثة.

Join