هل يمكننا بناء واتس اب جديد؟
وصلت لأكثر من ملياري شخص حول العالم تنبيه على الواتس اب خلال الأسبوع الماضي يفيد بأنه يجب عليك الموافقة على مشاركة بعض البيانات الخاصة بك مع شركة فيسبوك -الشركة المالكة لبرنامج واتس اب- و إلا سيتوقع عليك البرنامج بتاريخ 8 فبراير 2021.
كان من شأن هذا الإعلان إثارة الكثير من السخط حول العالم بخصوص خصوصية المستخدمين و قدرة الشركة على قراءة المحادثات و الاطلاع على الصور مما أوجد حراك شعبي واسع لإبداء الامتعاض على هذه السياسة. و قد قام إليون ماسك المؤسسة لشركة سبيس أكس و شركة تيسلا بكتابة تغريدة من كلمتين فقط تقول “Use Signal“ أي “استخدم سيجنال“ و هو برنامج محادثات شبيه بالواتس اب و تيليقرام و لكنه مفتوح المصدر و الشركة المصدرة له ليست ربحية.
و في هذا المقال لست بصدد الحديث عن سياسة الخصوصية وهل يجب عليك الانتقال إلى سيجنال أو ترك الواتس اب ولكن سأحاول الإجابة على السؤال: هل يمكننا بناء واتس اب خاص بنا؟ و هل سينجح؟
هل يمكننا بناء واتس اب خاص بنا؟ و هل سينجح؟
طبعًا الإجابة التقنية كمختص هي “نعم” يمكننا بناء برنامج شبيه جدًا بالواتس اب بسهولة بالغة. و لكن السؤال الأصعب هو هل سينجح؟
لنأخذ برامج كثيرة على سبيل المثال:
تويتر.
الواتس اب.
إنستقرام.
سناب شات
كل هذه البرامج بسيطة في تركيبها و يمكن بناؤها بسهولة و كان هناك محاولات بالفعل لمنافستها و لكن أيًا منها لم ينجح و هو بسبب عدة أسباب ألخصها أدناه:
تجربة المستخدم: طبعًا عند بناء منتج شبيه لا يمكنك نسخه بالكامل بسبب حقوق الملكية فستقوم بتغيير التصميم قليلًا مما سيجعله مختلف عن ما تعود عليه المستخدمين للتطبيق الأصلي.
التسويق: كل هذه التطبيقات أخذت وقتًا طويلًا حتى استطاعت جذب المستخدمين و لم يكن بين ليلة و ضحاها.
السوق: أغلب هذه التطبيقات دخلت السوق لسد فجوة معينة على إثرها جذبت المستخدمين لها فإذا كان منتجك تقليد لمنتج موجود، فهو لا يسد أي فجوة و قد لا يُحفز ذلك المستخدمين للانتقال لك.
المستخدمين: و أعتقد أن هذه أهم نقطة، و هي أنه لن يأتيك مستخدمين ليكونوا وحدهم في برنامج للتاوصل الاجتماعي. فهم يحتاجون للكثير من الأصدقاء و أقصد بالكثير فعلًا و ذلك ليكون البرنامج فعلًا مهم لهم. و لكن المشكلة أن الكثير من الأصدقاء لن يأتوا حتى يأتي الكثير من الأصدقاء و ستجد نفسك بين حلقة مفرغة. لا أقول أن جلبهم مستحيل … ولكنه صعب و صعب جدًا إذا كان منتجك ينافس منتج قائم موجود فيه الأصدقاء جميعًا.
و أخيرًا نأتي للواتس أب خصوصًا، فما يٌميزه هو أنه لدى جميع أصدقائك تقريبًا و جميع من تنوي مصادقتهم كذلك 😂 و موجود لدى أغلب سكان كوكب الأرض الذين ستتعامل معهم. لذلك من الصعب إقناع كل هاؤلاء للانتقال!
حتى لو قمنا ببناء منتج سعودي و افترضنا أن السعوديين سيستخدمونه، ماذا عن تعاملاتنا مع من نتعامل معهم خارج المملكة؟ ماذا عن مشاركة الصور و الملفات معهم؟ هل سيقومون بتحميل البرنامج و استخدامه لوجود عدد بسيط من الأصدقاء داخل المملكة يستخدمونه؟
أنا لست ضد أو مع الفكرة و لكن أطرح فقط التحديات المتوقعة، فكثير من التقنيين يتساهلون جدًا في تقدير نجاح المشروع دون النظر إلى نموذج العمل له.
و أكبر مثال محلي لدينا موقع حراج. لقد حاول الكثير تقليده و لكن لم ينجح أحد لأنهم لم يستطيعوا جلب المستخدمين لموقعهم.
و في العموم هناك دائمًا فرصة لثاني برنامج يتقدم بعد نجاح الأول مباشرة و الأمثلة كثيرة مثل:
أوبر و لفت في أمريكا.
أوبر و كريم في الخليج.
هنجر ستيشن و جاهز.
واتس اب و تيليجرام.
انستقرام و بنترست.
الايفون و الأندرويد.