لحيةً اكتساها البياض،ذهب طول العمر بأغلبها،لم يتبقى سوى بعض الشعر الذي يميل للطول قليلاً ،ارتسم على وجهه وسوم من التجاعيد لعّلُها شواهد للتجارب التي خاضها،يرتدي المعّمْ،محدودب الظهر لم أره يوماً بدون حاجونه الذي يتخذه سنداً عند المشي و متكأً ليدِه عند الحديث،ثمّة دراما يُضيفها صوته العميق للقصة التي يرويها وكأن هذا الصوت قادماً من زمنٍ ما،ولطالما شدّت الحركات التي تميّز بها انتباه المتلقي،وقَفَات تتخلل القصة هُنا وهُناك يمسك خلالها حاجونه بيديه الاثنتين ليُسنِد رأسه عليه مُضيفةً هذه الحركات حبكة درامية.

لعلّهُ يريد أن نلتقط أنفاسنا أثناء هذه الحركات. 

انطبعت بعض من معالمه في جدار ذاكرتي،ذلك المكان الذي تحدّث عنه ذات مساء إذ قال : " لا تراه إلا عندما يظهر لك فجأه،لتباغتك أشجار الثيل الممتدة في السماء وقد احتضن بعضها البعض من الأعلى،استخدم حركة الحاجون لشد الانتباه ثم قال: حدثني فلان وفلان وفلان وأورد أسماء رجالاً -هزّ كبار السن الحاضرين رؤسهم لربما دلالةً على معرفتهم بهم أو إشارةً على معرفة الصدق عنهم مع دعواتهم لهم بالرحمة - يقيم الجن احتفالاتهم به ليلاً هكذا قال ثم استشهد بما رآه هولاء الرجال من أنوار تظهر بعض الليالي ثم ما تلبث أن تختفي سريعاً.

نقل حاجونه من يده اليمنى إلى يده اليسرى ثم امسكه بشدة وقال بعد أن جال نظره في وجوه الحاضرين : فلان هو الرجل الذي دخل ذلك الوادي قبل أن تغرب الشمس بقليل مع مدخله الوحيد من الجهة الشرقية في لحظة يأس عندما بلغ به العطش مبلغاً جعله يغامر في دخول وادي الجن ذاك-هكذا سمّاه- لعلّه يجد ماءً،دخله منحنياً - قلّد طريقة دخوله بأن أخفض رأسه وكتفيه- سمع أصوات غريبة وحيفاً وصفير ثم اعترضه هواء عنيف،رأى بعد أن دلف مع المدخل طيوراً متعلقه بأرجلها و رؤوسها إلى الأسفل،كلّما تقدّم قليلاً للأمام زاد الظلام،إذ تحجب كثافة الأشجار ضوء الشمس،يأسه غلب على مخاوفه،حدّث نفسه ما الفرق أن يهلك في هذا المكان أو خارجه،إن لم يجد ماء فهو هالك في كلا الأحوال” 

وددت لو اكمل الشيخ الوقور القصة قبل أن يرتفع الآذان إعلاماً بدخول وقت صلاة المغرب،كُنّا نتحلق حولهم في المجلس ونترقب حضورهم وأحاديث وقصصهم المتنوعة التي لا تُمل،هكذا أجدادنا عرفوا أهمية القصة،وبرعوا في روايتها بالفطرة،أستخدموا القصة لنقل المعرفة أو الحكمة أو لبث الإلهام أو للتحفيز.

في العصر الحديث شهدنا الإهتمام بفن القصة وحتى تكون القصة جيدة وضع لها عناصر ، اتفق الأغلب على أنّها : المكان والزمان والشخصيات و الأحداث والحبكة الدرامية وحل العقدة، أجدادنا اتقنوا هذه العناصر في رواياتهم لربما حاجتهم للقصة أوصلهم لهذه النتيجة الموضوعة حديثاً 

يقول فيليب بولمان  

من وجهة نظري تتفوق قصص التواصل الحكومي بالموضوع وبمراعاة منصة التقديم وبأسلوب رواية القصة يدخل في هذا الأسلوب استخدام الفنيات التقنية وفنيات جذب المشاهد من خلال إخراج القصة بشكل مُلفت يحظى بانتباهه وتركيزه.

اخترت لكم نماذج من هذه القصص تتسم بما أشرت إليه .

ووجب أن أشير بأن جميع قصص التواصل الحكومي في تقديري ذات جودة عالية في جميع عناصرها وما أرقام المشاهدات العالية التي تحصدها هذه المواد إلاّ دليل لما ذكرت

على موقع التواصل الحكومي للعمل الإعلامي المشترك العديد من القصص التي تثري ثقافتكم وترضي ذائقتكم ويمكنكم الوصول لموقع التواصل الحكومي عبر الضغط هنا