عِشقة
كم أظهر العشقُ من سِرٍّ وَكَمْ كَتَمَا
وَكَمْ أَمَاتَ وَأَحيا قَبْلَنَا أُمَما
قالت غلبتكَ يا هذا فقلتُ لها
لم تغلبيني ولكن زدتِني كرما
بعض المعارك في خسرانها شرف
من عاد منتصراً من مثلها انهزما
ما كنت أترك ثاري قط قبلهمُ
لكنهم دخلوا من حسنهم حرما
يقسو الحبيبان قَدْرَ الحبِّ بينهما
حتى لتحسبُ بين العاشقين دما
ويرجعان إلى خمر معتقة
من المحبة تنفي الشك والتهما
جديلة طرفاها العاشقان فما
تراهما افترقا إلا ليلتحما
في ضمة ترجع الدنيا لسنتها
كالبحر من بعد موسى عاد والتأما
قد أصبحا الأصل مما يشبهان فقل
هما كذلك حقاً لا كأنهما
فكل شيء جميل بت تبصره
أو كنت تسمع عنه قبلها فهما
هذا الجمال الذي مهما قسا رحما
هذا الجمال الذي يستأنسُ الألما
دمي فداء لطيف جاد في حلم
بقبلتين فلا أعطى ولا حَرَمَا
إن الهوى لجدير بالفداء وإن
كان الحبيب خيالاً مر أو حُلُمَا
أو صورة صاغها أجدادنا القدما
بلا سقام فصاروا بالهوى سُقَمَا
الخصر وهم تكاد العين تخطئه
وجوده بابُ شَكٍّ بَعدُ ما حُسِمَا
والشعر أطول من ليلي إذا هجرت
والوجه أجمل من حظي إذا ابْتَسَمَا
في حسنها شَبَقٌ غضبانُ، قيده
حياؤها، فإذا ما أفلتَ انتقما
أكرم بهم عصبة هاموا بما وهموا
وأكرم الناس من يحيا بما وَهِمَا
والحب طفل متى تحكم عليه يقل
ظلمتني ومتى حكمته ظَلَمَا
إن لم تطعه بكى، وإن أطعتَ بغى
فلا يريحك محكوماً ولا حَكَمَا
مذ قلت دع لي روحي ظل يطلبها
فقلت هاك استلم روحي فما استَلَمَا
وإن بي وجعاً شبهته بصدى
إن رنَّ رانَ وعشبٍ حينَ نمَّ نما
كأنني عَلَمٌ لا ريحَ تنشره
أو ريحُ أخبارِ نصرٍ لم تَجِدْ عَلَمَا
يا من حسدتم صبيَّاْ بالهَوَى فَرِحَاً
رِفْقَاً بِهِ فَهْوَ مَقْتُولٌ وَمَا عَلِمَا