تأثير النمط المعيشي على التعليم


تلعب المنظومة الاجتماعية دوراً مهما في حياة الفرد، وتكمن التأثيرات على الفرد كونه خاضعاً للمحرك العام للمجتمع، فهويعيش ضمن أدائهم اليومي ومناسباتهم واساليب تعاطيهم مع الحياة فيأكل مما يأكلون ويعشق ما يعشقون، وتضع التقاليدالاجتماعية قيوداً على عموم حركته و هذا الأمر ينعكس انعكاساً مباشراً على نمطه المعيشي فتتأثر صحته على سبيل المثال بالنظام الغذائي المعمول به وتنسجم تأثيرات ذلك على تعليمه ووعيه وثقافته.


فاتباع النظام الغذائي المعتمد على استهلاك مكونات من الاطعمة الضارة بالجسد ينعكس على الصحة وانتشار البدانة وبعض الامراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكر وذلك يؤثر على سلوكياته وادائه و مختلف نواحي حياته اليومية، و بنفس الشكل فان تداعي الجيل الجديد في استهلاكه لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها ووسائل الاعلام المختلفة يقوم بايجاد معطيات ثقافية لدى هذا الجيل تبرز في سلوكيات ضارة على المستوى الدراسي والوظيفي.


كان و لايزال النمط المعيشي للفرد في مجتمعنا يتأثر بالنمط الغذائي على نحو كبير، ولكن تأثره بتطبيقات مواقع التواصل بان أكثر حضورا واكثر انعكاسا على حياته اليومية وفي مقدمتها الحياة التعليمية.


نتائج تأثر الفرد بهذا بالنمط المعيشي:

مزاحمة النشاطات اليومية لحياته التعليمية، وهذه النشاطات في الأغلب نشاطات غير مهمة تأخذ وقته وتصرف جهده وتغيب قدرته على تنظيم يومياته، و ذلك لأن الجوال والاصدقاء والقنوات الرياضية ومواقع التواصل تفرض أجنده يومية طارئة لحياته، وتتدنى لديه المسئولية اتجاه وضعه التعليمي لانه لا يجد سبيلا لتنفيذ مسؤلياته التعليمية في هذا النظام اليومي.


يتاثر الاستيعاب المعرفي لدى الطلاب سلبا في هذا النمط المعيشي فحينما يحشو الطالب ذاكرته بمكونات معرفية طارئة ناشئة عن تتبعه للاخبار الرياضية وتعقبه للجديد في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة فأن الحاضنة الاساسية لذاكرته لاتجد دفئا الا من خلال هذه المعلومات المتناثرة و المتعدده والضاغطة على ذكائه لتشكل عبئا يصعب عليه استبداله او التخلص منه او معالجته بنظام الاولويات، و تتأثر قدرته على التركيز عند قراءة كتاب يتضمن أكثر من 140 حرف او حل معادلة رياضيات تتطلب استعياب مفاهيم معقدة.


التأثير على التربية الاسرية، وهي حاضنة لتربية الفرد ونموه النفسي والاجتماعي والعقلي وايجاد الاتجاهات لديه وصناعة الاهتمامات امامه. فان هي أغفلت تربيته على نحو صحيح فان الفرد سيقع ضمن الأطر التي تربى عليها، واذا ماكان الوالدان منخفضي المستوى المعرفي والتعليمي ومتأثرين سلبا بالنمط المعيشي المرتكز على نظام غير صالح وانشغالات صنعها الاعلام الالكتروني ومواقع التواصل و وسائل الاعلام المختلفة فانه لامحاله سيكون ثمرة وفية لهذا المشهد.


ضعف الكفاءة التعليمية لدى شريحة من المعلمين، رغم التأهيل الاكاديمي الحسن لدى المعلمين ورغم امتداد خبراتهم ورغم تلقيهم برامج تدريبية على رأس العمل، و رغم تقدم المناهج الدراسية والتغيير الجذري الذي أحدثته وزاراة التعليم في أطر ومكونات العملية التعليمية الا ان قدراً عالي من المعلمين يظلون دون المستوى، ولازال التعليم التقليدي حافزا لديهم ولازالت احداثياتهم تبعث في الطلاب مستويات غير مأمولة منها .وان تأثر المعلمين بالنمط المعيشي المعاصر مع ازدحام حياتهم اليومية يترك أثرا بالغاً على تلاميذهم ليكونوا انطباعا للمناخات المعيشية والتعليمية التي يعيشها المعلم.


إن الاسباب التي تقف امام الطالب لتدفعه للتأثر بالنمط المعيشي وفق الرؤية السابقة كثيرة وهي تلقي بظلالها على قابلياته صغيرا وتؤثر عليه كبيرا وتمنحه هامشا ضيقا من المناورة فإن هو أحسن التعامل مع هذا النمط المعيشي كله فأنه سيحظى بفرص يمكن ان تجنبه تداعيات ذلك وهو امر قل من يتحكم فيه في ظل التأثير الخارجي عليه من كل اتجاه.


توصيات ذات صله بهذا الشأن:

لابد من تشكيل رؤية وطنية شاملة تنهض بها أجهزة الدولة ووزاراتها لاعادة انتاج النمط المعيشي للفرد وقد تلعب وزاراة دون اخرى دوراً أكبر في ذلك. لكن الحقيقة التي يجب تبنيها هو ان جميع الوزارات معنية بنسب متفاوتة في معالجة النمط المعيشي وتأثيراته.


ما أدعو اليه هنا هو تشكيل جهاز تنسيقي بين الجهات والوزارات التي يمكنها ان تضع برنامجا وطنياً شاملاً منسقا لتغيير النمط المعيشي للفرد فوزارة الصحة معنية بضخ ثقافة صحية وغذائية جديدة. والهيئة العامة للرياضة صاحبة صلاحية في تحفيز الشباب والشابات وتطوير ادائهم على نحو متقدم يتجاوز تغييب انديتها ومؤسساتها الرياضية امام طوفان مواقع التواصل الاجتماعي. و وزاراة التعليم يمكن ان تضع في حسبانها أفكار تطويرية جديدة قادرة على استيعاب الطلاب والطالبات وايجاد مناخ مغاير لنمط حياتهم.


ان النمط المعيشي للفرد مشكلة تؤثرعلى التعليم ومخرجات التعليم، وتمتلك الاجهزة والوزارات طيفا واسعا من الدراسات والابحاث التي تثبت ذلك، ولابد من العمل على تغييره لنضمن تعليما ناجحا وصحة مستدامه وجيلا مثمراً.

Join