مؤخرًا ..
قمت بتغيير موعد شرب
قهوة الصباح في مقهاي المفضل ..
ولاحظت مع مرور الأيام أنّ الأشخاص هم الأشخاص ..
وأنّ روتينهم ثابت لا يتغيّر ..
بل عرفت كُلّ طاولة هِي لِمَن، وما هي قهوته المفضّلة..
وأي الكتب أو الصحف يقرأ ..
وكالعادة لم يسبقني إلّا ذلك الرّجل ..
صاحب الكُوبَين كما أسميته ..
والبقيّة يأتون من بعدي ..
سبب التسمية لأني لاحظت دومًا ..
وجود كوبان من القهوة أمامه .. !!
قلت في نفسي
يا لإدمان هذا الرجل للكافيين ..
حتى أنني فكّرت عدة مرات بإيصال معلومات عن خطر كثرة الكافيين له ..
ولكن لأن موقع الكوب الآخر بعيد منه قليلًا..
قلت لربما كان صاحبه معه أو كانت لغيره..
ولأتأكّد..
أتيت باكرًا ..على غير عادتي..
ولأنّي عزمت على تنبيهه ونصحه في حال كان صاحب الكُوبَين هو صاحبهما فعلًا، فقد كتبت معلومات عن أضرار الكافيين في ورقة ..
وانتظرته..
أتى ..
ثم طلب كوب القهوة الأول عند السادسة والنصف..
ثم طلب الكوب الآخر بعد الأول بعدة دقائق
عندها ..
اقتربت منه وسلّمت عليه، وأعطيته ورقة وقلت
“أتمنى تقراها تراها تهمّك”
ابتسم وقال “ابشر” ..
وذهبت لأكمل يومي، وكنت قد كتبت بتلك الورقة:
إن تناول الكافيين يسبب القلق والأرق، كما يسبب الوهن والاكتئاب، كما أنه يُشعِر
الشخص بهبوط الطاقة {فيلجأ لتناول كوب قهوة آخر}
لذا فإنك بشربك للكوب الآخر فأنت تزيد الطين بلّة ..
في الصباح التالي حضرت كعادتي .. {بعده}
ورأيت الكوبَين أمامه..!!
شعرت بالإحراج وتمنّيت حينها لو لم أكتب له شيء.. !!
وبينما أنا أتابع مواقع الشبكات الاجتماعية..
قاطعني صاحب الكوبين قبل أن يمشي..
وسلّمني ورقة .. وقال {وهذي اقراها بعد.. وتراها ما تهمّك}
وكان قد كتب فيها:
حينما تعتاد على أمرٍ ما لمدة طويلة، لا يمكنك أن تتقبّل أن يتغيّر، لدرجة أن ما يسمّيه الآخرون “روتينًا” هو بالحقيقة “حياة” .. كنت على مدى ٦ أعوام .. ولا أبالغ إن قلت بشكلٍ يومي أحتسي قهوتي عند السادسة والنصف من كل صباح في هذا المكان .. وما هي إلا دقائق حتى يأتي أعز أصدقائي “ماجد” - رحمه الله - ليشاركني بداية يومه ..
لم أكن أحسب لتلك الدقائق المعدودة معه حسابًا .. بل لم أكن أراه أمرًا مهمًا…
حتى تفاجأت قبل شهر بخبر وفاته .. وانصدمت بحجم الفراغ الذي تسبب به لي ..
وما هذا الكوب الآخر إلا كوبًا لماجد .. فوجود الكوب على طاولتي يذكّرني به..
وأما ما ذكرته من اضرار الكافيين من القلق والأرق والاكتئاب والشعور بالوهن ..
فأنا أعاني منها منذ فراق ماجد.. شكرًا لاهتمامك
هذه القصة ليست من أحداث حقيقية