ثُلاثية لا تتكرر!
ختمت في يومين ثلاثية غرناطة
وجم لساني وانعقد
ثقل كبير وألم بداخلي وفكر يتأجج بالاستفهامات ..
رواية تمس معاقل القلب و العقل .
قتامة القلب تزداد وكأن مابه من ثلم لم تكفه .. ومازالت الندوب لم تندمل .
لم أكن أعرف قبل اليوم تفاصيل حياة موجعة تنسيك الترهات التي يفكر بها أبناء جيلك ..
دمعات يحتقن بها العين في كل صفحة.
٥٠٠ صفحة كانت حياتي التي ابتدأت فيها صاخبة بعض الشيء ثم خفت الصخب رويدا رويدا حتى جفل ...
جروح الإسلام والمسلمين ثاعبة بمزق اللحم والجلد لا تتوقف ويظل عُمر الشاطبي يردد مؤنبا من تزعزع توكله على أرحم الراحمين والذي له حِكَمه التي يعجز البشر فهمها ..
يردد :
لا اليوم آخر اليوم في العمر ولا هو الفيصل في القادم من الأيام . كبوة موجعة نقوم منها نواصل أو يواصل أبناؤنا من بعدناومادمنا أصحاب حق فنصرالله أكيد
فهويمهل ولايهمل فلا تيأس وأنت مؤمن .
عندما ينتهي المرء من قراءة غرناطة لابد أن الحزن يعتري كل جوانحه . لكنه حزن مشوب بمشاعر أخرى وليدة !
من المواقف الشامخة ...
حين تقرأ سليمة الكتاب وتفكر وتحرر وتنام مجهدة ثم تراودها الكوابيس خشية أن يأخذ نعيم الكتاب قبل أن تتمه فتستيقظ لتكمل دروسها!
وتنقاد أخيرا إلى جحيم دون جرم سوى تلك الكتب !
في ذلك الوقت المحزن ...
الذي انتكست فيه رئوس المسلمين للقشتاليين..
في الأندلس اليتيمة ..
في وقت كان يعاقب فيه من يحتفظ بالكتب..
من يدرس
من يتعلم و من يعمل مايحب
من يصلي ... من يشهر بعروبته !
يظل تحت الأستار أناس يأخذون على غفلة أحد القساوسة كتابا أو كتابين من تلك الكنوز العلمية التي سرقها المحتل من المسلمين فيقرأها العربي في الظلام ، وتحت جنح الليل.
يلتهم مافيها من كلمات ويعبّ من معينها الذي يعشق .
والآن في وقت نصلي فيه كيفما نشاء..
ونتعلم كيفما نشاء ..
وتستطيع المرأة أن تتحجب كماتشاء..
ويستطيع العربي أن يعتز بعروبته ..
ترى من يمقت التعليم .
من ينبذ الكتب.
ومن يهجر نية العلم ويكتفي بالتعلق بقشّة الوظيفة لا أكثر .
نرى النفور والانحياز لثقافة العدو..
لتعاليم الغرب..
وتبًا لمن كان إمّعة يظن التحضر في زيف حضارة غربية واهية ..
حرقة تنشب في الصدور لايخمد أوارها حين ترى النشأ وقد اتخذ ذاك العدو الذي سلب أجدادنا حريتهم ..
وحرق كتبهم التي يشعرون بها أرواحا لهم . ترى سليلي هؤلاء الأجداد..
الأحفاد البررة يرفعون رؤوسهم شامخين حين يتشبهون بأعدائهم ، ويظل الواحد فيهم معتزًا بكونه مواكبًا للتطور ،
وسحقا للتطور وأهله إن كان الانحلال من الهوية يُعدّ تطورا !
و سلامٌ عليك غرناطة إلى أن نلقاك يوم يأذن المليك و يرضى رب العباد .