التلاعب بالقوانين لصالح الملايين
الجزء الأول
تمت ترجمة هذا المقال من قبل الأخ غسان @Ghassan_am
لمدة سنوات عديدة قام نادي مانشستر سيتي لكرة القدم بالنفي بالشدة أي خرق لقوانين اللعب المالي النظيف من قبل مالكه الشيخ منصور بن زايد. ولكن المراسلات الداخلية تروي قصة مختلفة وتوفر أدلة على عقود بأثر رجعي (عقود تم توقيعها بتواريخ حديثة على أنها قديمة -سيتم الشرح لاحقا بالتفصيل-)، رعاة وهميون وأحد جاهز دائما للمساعدة (نستطيع فعل ما نريد)
عندما قامت آنا كونيل ابنة الكاهن بتأسيس نادي كرة قدم في مانشستر لدفع العاطلين عن العمل والعمال بعيدا عن الكحول فبالتأكيد لم يخطر ببالها أو ببال أي أحد أنه بعد 128 عاما سيقوم آل النهيان في سبتمر من العام 2008 بشراء نادي مانشستر في انكلترا وتحديدا في عاصمة الشمال. بعد ذلك فتتالي الأحداث كان دراميا.
النادي المتوسط سابقا والموجود في شرق مانشستر أصبح الآن أفضل فريق في الدوري الانكليزي الممتاز، منتج جذاب جدا وأصبح أداة تسويق ممتازة لأبو ظبي. استراتيجين مصقولين ككيفن دي بروين والكاي غاندوغان يلعبون للفريق مع الكهربائي ليروي سانيه وجميعهم تحت قيادة أفضل مدرب بالعالم -حسب وجهة نظر الكثيرين- بيب غواردويلا هو بالتأكيد شيء يمكن وصفة كقصة ناجحة.
ولكن الآن وبفضل مسربي الحقائق عن طريق منصة تسريبات كرة القدم (فوتبول ليكس) فيوجد وثائق تقوم بكشف الحيل القذرة وراء قصة نجاح الفريق.
مالكي الفريق قاموا بتقديم عصر جديد في رأسمالية مانشستر (المصطلح أساسا يعود لفترة الثورة الصناعية عندما كانت الشركات شرسة ولا تقبل بأي نوع من القوانين لتسيير أعمالها وتقييدها) ولكن الآن يمكن تطبيق هذا المصطلح حاليا على عالم كرة القدم.
منذ شراء النادي من قبل الشيخ منصور بن زايد فالنادي نجح في شق طريقه لنخبة الأندية الأوروبية ولكن عن طريق التلاعب وقام بالإضافة إلى ذلك بتكوين امبراطورية كروية عالمية تدر أرباح هائلة متجاهلا في طريقه لذلك جميع القوانين الموضوعة. فخر النادي الذي أتى حديثا متأصلة جذوره بالأكاذيب.
القصة الحقيقية لصعود مانشستر سيتي لها شقين: سياسي واقتصادي وهي تهم كل شخص يريد أن يفهم طريقة عمل كرة القدم في هذه الأيام.
الفصل الأول: الخداع
"أغويرووووووووو" اسم، صرخة طويلة جدا..كل مشجع لمانشستر سيتي مرتبط عاطفيا بشكل ما بهذه الصرخة. صرخة من غير تفكير من قبل المذيع مارتين تايلر في 13 أيار 2012. كل "سيتزن" يعرف أين كان بالضبط في تلك اللحظة. الدقيقة 93 والثانية 20، خلال الثواني الأخيرة من مباراة مانشستر في آخر مباراة بالموسم. مانشستر احتاجوا أن يفوزوا بمباراتهم الأخيرة ليتوجووا باللقب لأول مرة بعد 44 عام.
ولكن خصمهم في تلك المباراة والمهدد بالهبوط وقتها (كوينز بارك رينجرز) كان قد أخذ الأسبقة. كان يبدوا أن نهاية الموسم لن تكون مختلفة عن نهايات المواسم التي سبقته باحتفال غريهم مانشستر يونايتد باللقب لمرة أخرى. ولكن ادين دجيكو قام بتسجيل هدف التعادل في الدقيقة 91 و14 ثانية، دقيقتين بعد ذلك قام "أغويرووووووو" بالتسجيل مهديا فريقه لقب البطولة.
تلك ال126 ثانية من الوقت المضاف بدل الضائع هي جزء من قصة تأسيس النادي الأسطورية، النادي المملوك من قبل شيخ من أبو ظبي والذي لم يعد يعامل بطولة الدوري على أنها شيء مثير ولكن كان فقط راضي لمشاركته بشكل دوري.
بالنسبة لمشجعي مانشستر سيتي فإن لقب الدوري كان يعتبر معجزة ولكن بالنسبة لنقاد النادي فالأمر كان يعتبر مسألة وقت. بالنسبة لهم فهم دائما ما شعروا أن استثمار الشيخ منصور في النادي والأرقام المهولة التي تم دفعها على الانتقالات تقوم بتشويه مبدأ المنافسة. بالنسبة لهم فالأم هو إماراة غنية بالنفط تقف وراء الفريق، ويضيفون بأن عقود الرعاية هي خرافة هدفها تأمين الطريق لأموال أبوظبي لخزائن النادي. مسؤولي مانشستر سيتي كانوا قد نفوا دائما هذه الإدعاءات.
النادي يلعب بملعب الإتحاد وهي نفس الجهة الممولة لقمصان الفريق. خطوط الطيران التي تتخذ من إماراة أبو ظبي مقرا لها هي ملك للأخ غير الشقيق للشيخ منصور مالك النادي. شركة اتصالات أبو ظبي (Etisalat) وهيئة أبو ظبي للسياحة أيضا هم من المعلنيين في النادي بالإضافة لشركة أبو ظبي للاستثمار (آبار) والتي تمتلك حصص في شركة البنوك والاستثمارات العالمية الإيطالية (UniCredit )
بالإضافة لامتلاكها أسهم في (Virgin Galactic) المعنية بأبحاث الفضاء.
كرة القدم الانكليزية لم تر أبدا استثمار بهذا الحجم والأرقام الحقيقية التي تم عرضها في تحليل داخلي تم تجميعها وتدقيقها من قبل رئاسة النادي هي أرقام صادمة. الأرقام أتت من وثيقة معنونة باسم ( تلخيص لاستثمارات المالك) بتاريخ 10 مايو 2012 أي قبل هدف أغويرو الشهير بثلاثة أيام. في ذلك الوقت فإن إدارة النادي التي تم تعيينها من قبل الشيخ منصور كان قد مضى على وجودها بالنادي مدة 3 سنوات وثمانية أشهر وكانوا (إدارة النادي) قد قاموا بالحسابات لما أنفقه مالك النادي في النادي حتى ذلك التاريخ والرقم كان 1.1 مليار باوند أي ما يعادل 1.3 مليار يورو.
أحد أقسام تلك الوثيقة يربط كل شيء بشكل منطقي، القسم يحمل عنوان (إضافة على صفقات رعاية أبو ظبي)
لشرح معنى ذلك فيجب علينا العودة ل "أغويرووووووووو" لإعادة إحياء الفريق. في المدرجات رجال كبار يذرفون الدموع، بينما اللاعبون قاموا بالتكوم على شكل كومة لونها سماوي فاتح. على الخط الجانبي يوجد شخص بعمر ال47 يقوم بالتشجيع معهم وقام لاحقا بتعليق العلم الإيطالي على أكتافه: المدرب روبيرتو مانشيني الفائز بالدوري الإيطالي ثلاث مرات وبمسابقة الكأس أربع مرات والذي قام بتقديم 4 مكتسبات تقدر قيمتها بالملايين للنادي في بداية ذلك الموسم، أحد تلك المكتسبات كان أغويرو.
مانشيني قام بتحقيق أول ألقاب النادي بعد غيابه لقرابة النصف قرن ولكنه مع ذلك سيقع قريبا ضحية ل "طموح" رئيس ناديه. بعد سنة تم طرد مانشيني لأن الفريق أثبت وقتها أنه غير قادر على المحافظة على لقبه. ذلك المنطق يأتي من مالك النادي بحيث إذا حدث ولم يعمل أمر ما فيجب استبداله. ولكن كان يوجد مشكلة أخرى تلوح في الأفق، قانون اللعب المالي النظيف الذي تم تقديمه مؤخرا من قبل الويفا، مجموعة من القوانين التي تقوم بالحد من الميزانية والتي أخذت حيز التنفيذ بعد طرد مانشيني بأسابيع قليلة.
بداية وأولاً أرادت الويفا أن تتأكد أن الأندية لن تقوم بأخذ الكثير من القروض التي ستؤدي بها في نهاية المطاف لإعلان إفلاسها.
ثانياً الويفا كانت قلقة بشأن التنافس في الدوريات الأوروبية وأرادت أن تمنع الأندية من أن تصرف أكثر مما تجني.
مانشستر سيتي كان في خطر تجاوز النقطة الثانية، "سيكون لدينا نقص في الميزانية بمقدار 9.9 مليون باوند إذا أردنا تحقيق شروط اللعب المالي النظيف هذا الموسم" هذا ما كتبه المدير المالي جورج شوميلاس في أحد ايميلاته الداخلية "العجز بسبب روبيرتو مانشيني -إشارة إلى انهاء عقد مانشيني ودفع مستحقاته- أعتقد أن الحل الوحيد المتبقي هو إضافة عن طريق الرعاية من أبو ظبي لملأ العجز في الميزانية"
في هذا الإيميل، يقوم شوميلاس بشكل أساسي بالكشف عن أن ناديه يقوم بالأعمال بشكل مختلف عن المعتاد في أندية كرة القدم.
عادة الأمور تبدو على الشكل التالي في عالم كرة القدم: اللاعبون يلعبون كرة قدم ناجحة، يتم جذب جمهور أكبر بناء على ذلك، يتم بث مباريات الفريق، وبعذ ذلك يقوم أحد الأطراف بالإعراب عن اهتمامه بإمكانية رعاية الفريق. الرعاة يقومون بتوقيع عقود مع الفريق يتم بموجبها دفع كمية محدودة من الأموال (يتم تحديدها بالعقد) مقابل امتياز الإعلان مع النادي. تلك الأموال تصبح جزء من ميزانية الفريق للموسم الذي يليه ويمكن استخدامه للتوقيع مع لاعبين جدد، دفع عمولات وكلاء اللاعبين أو حتى صيانة عشب الملعب.
عندما يحدث خطب في خطط الفريق أو يضطر الفريق إلى صرف مبالغ أعلى من المخطط لها، عندها سيكون الفريق خاسرا في نهاية الموسم وعليه ترشيد النفقات.
ولكن مانشستر سيتي ليس نادي عادي، تكاليف وديون؟؟ لا يهم أي مما سبق ذكره. وفي حال ظهور عجز مالي، فالرعاة من بلد المالك يقومون بإرسال أموال إضافية. العقوبة هي فقط لمن يتم كشفهم. لتفادي عقوبات الويفا، كان على إدارة مانشستر سيتي الإتيان بمقتراحات مبتكرة. "نستطيع القيام باتفاقيات بأثر رجعي للسنتين القادمتين..والدفع يكون مقدما" هذا كان اقتراح التنفيذي في إدارة النادي سيمون بيرس. المدير التنفيذي – فيران سوريانو- اقترح في هذا الأثناء أن يقوم الرعاة بالدفع للفريق المكافآت المنصوصة في العقد في حال الفوز بكأس الFA على الرعم من عدم فوز الفريق بالمسابقة في ذلك الوقت.
بعد نهاية الموسم ب10 أيام، قام شوميلاس بعرض نتيجة التداولات وقام بالإعلان أن تفاصيل صفقات الرعاية سيتم تعديلها ((للموسم الذي انتهى لتوه)) كان يجب على طيران الإتحاد دفع 1.5 مليون باوند إضافية، آبار ستقوم بدفع 500 ألف باوند إضافية وهيئة السياحة ستقوم بتقديم 5.5 مليون باوند. وكان يجب عليهم جميعم التصرف كما لو أنه هذه كانت الاتفاقية المتفق عليها منذ بداية الموسم.
النادي ورعاته كانوا يتلاعبون بالعقود المبرمة بينهم. عندما قام شوميلاس بسؤال زميله سيمون بيرس إذا ما كانوا قادرين على تغيير تاريخ دفعات الرعاة من أبو ظبي، أجابه بيرس بروح الرئيس التنفيذي لمانشستر سيتي "بالطبع، نستطيع فعل ما نريد" -بمعنى جوابه لم يكن شخصي بل كان جواب يمثل النادي-
هذه الأنشطة في ربيع 2013 تثير الشكوك حول إذا ما كانت الشركات الواقعة في أبو ظبي والتي تقوم برعاية مان سيتي هي فعلا شركات مستقلة كما كان يدعي مسؤوولها التنفيذيين بشكل دائم.
في ابريل 2010 عندما قام بيرس -الرئيس التنفيذي- بمناقشة صفقة الرعاية مع آبار، قام بكتابة إيميل وشاية لرئاسة الشركة. وفقا للعقد فإن شركة الاستثمارات (آبار) كان يجب أن تدفع سنويا 15 مليون باوند ولكن يبدو أن الحكاية لا تنتهي هنا. الايميل الذي كتبه بيرس يوضح تتمة الحكاية " كما ناقشنا فإن الإلزام السنوي لشركة أبار هو 3 مليون باوند، ال12 مليون باوند المتبقية سوف تأتي من مصادر ثانية من قبل معاليه".
بجملة واحدة فقط قام بيرس بتأكيد الإتهامات التي لطالما نفاها النادي بشدة، لقد قام بتمسية معاليه (الشيخ منصور) وأنه قام بدفع جزء من أموال الرعاية بنفسه.
ما ذكره بيرس يعتبر أمر بالغ الأهمية بالنسبة للويفا ولقوانين اللعب المالي النظيف. لأنه إذا قام النادي بالقيام برحلة تسوق بشكل مفرط على حساب الشيخ (مالك النادي) فإن هذه النفقات يجب إعلانها لأنه من شأنها أن تضع ميزانية المان سيتي فورا باللون الأحمر المخالف لقوانين اللعب المالي النظيف، ولكن إذا تم إخفاء هذه الأموال على هيئة أموال من الرعاة، عندها تبدو كأرباح جناها النادي وعندها يستطيع المان سيتي تحمل هذه النفقات الكبيرة بدون الخوف من عقوبات الويفا.
تقارير النادي المالية كانت عبارة عن شبكة من الأكاذيب، الفريق قام بتجاوز قوانين اللعب المالي النظيف. طيران الإتحاد، أحد أكبر خطوط الطيران في العالم كانوا مشتركين في اللعبة أيضا. "مساهمة طيران الإتحاد تبقى محدودة عند 8 مليون" هذا ما كتبه بيرس في مذكرة في في ديسمبر 2013. في ذلك الوقت كان عقد طيران الإتحاد مع النادي يقدر ب 35 مليون باوند!
كيف تعمل هذه الصفقات؟ من الواضح أن شركات كطيران الإتحاد في أبو ظبي تنتظر مجموعة أبو ظبي المتحدة (ADUG)، الشركة القابضة التي تعود ملكيتها للشيخ منصور بن زايد، والتي تملك مانشستر سيتي، لتقوم بتحويل الأموال لهم. تلك الأموال بعدها "يتم إعادة تحويلها عن طريق شركاء وهم بدورهم يقومون بتحويلها لنا" هذا ما كتبه المدير المالي أندرو ويدوسوون في ايميل. تلك كانت الطريقة التي تتم بها الأمور على الأقل في 2015. في ذلك الوقت كانت الأموال التي تصل من صفقة رعاية طيران الإتحاد تصل إلى 67.5 مليون باوند سنويا. ولكن الرئيس المالي (شوميلاس) كان قد أكد في إيميل أرسله لبيرس " يجب الإنتباه إلى أنه من ضمن هذه ال67.5 مليون باوند، 8 مليون باوند يجب تمويلها بشكل مباشر من طيران الإتحاد وال59.5 من قبل مجموعة أبو ظبي المتحدة"
عندما تم التواصل مع طيران الإتحاد للتعليق على الموضوع كانت اجابتهم بأن الإرتباطات المالية المتعلقة برعاية نادي المان سيتي كانت وستبقى "المسؤولية والمسؤولية الوحيدة" للشركة. وأضافت شركة طيران الإتحاد أنها فخورة كونها الراعي الرئيسي للنادي منذ أيار ال2009. بينما لم تجيب شركتا أبار وهيئية أبو ظبي للسياحة عن الأسئلة التي تم وضعها من قبل فريق التحقيق الصحفي.
كانت تلك ال (إضافة على صفقات رعاية أبو ظبي) التي تم دفعها عن طريق الشيخ منصور بن زايد (مالك النادي) عن طريق طرق تمويل بديلة هي ما تم الحديث عنه والتخطيط له بشكل منفتح داخل أسوار النادي بالوقت الذي تم نفيه بشدة وعدوانية عبر وسائل العالم من قبل مسؤولي النادي. ذلك كان بالضبط ما عناه رئيس بايرن ميونخ أولي هونيس عندما اشتكى وقال "على أبو ظبي فتح صنابير النفط ليكون للسيتي القدرة على تحمل اللاعبين المكلفين"
خلدون آل مبارك قال بعد فترة من الاستحواذ على النادي "يوجد تقريبا تجسيد في النادي للقيم التي نحملها في أبو ظبي كما يحملها الشيخ منصور" وسؤال الدير شبيغل هو " هل هذه القيم هي: استمر بالغش حتى يتم الامساك بك؟"
فريق التحقيق الصحفي طلب من النادي التعليق على الأمر ولكن رد النادي كان بأنهم لن يقوموا بالرد على الأسئلة وأضاف متحدث باسم النادي في بيان مكتوب "إن المحاولة لتشويه سمعة النادي هي منظمة وواضحة"
في الوقت الذي صرخ فيه مارتين تايلر "أغويرووووووو" عن طريق الميكرفون في أيار 2012، كانت حاسبات النادي الداخلية قد أتمت حساباتها، 127.5 مليون باوند كان قد تم ضخها في أرصدة النادي عن طريق (إضافة على صفقات رعاية أبو ظبي) - سبق وتم شرحها- هذه أفضلية تنافسية لا يستطيع أي نادي مجاراتها باستثناء ربما نادي واحد- باريس سان جيرمان الذي يتم تمويله عن طريق الغاز القطري.