عن رومانسية الوقوع في الحُب لأول مره حيث المطاعم الراقية والنبيذ الفاخر والسير في طرقات باريــس ليس حلمًا بل واقعًا في حياة مراهقة تملك من العمر ستة عشر عامًا.

“An Education” هو فيلم مستند على السيرة الذاتية للصحفية “لين باربر” من إخراج “لين شيرفيغ” وكتابة “نيك هورباي”، هذا الفيلم رُشِح لثلاث من جوائز الأكاديمية في عام 2010 وهي عن جائزة أفضل صورة، أفضل سيناريو مقتبس وأفضل ممثلة في دور رئيسي وتم عرضه في مهرجان كان السينمائي.

 تدور قصة الفيلم عن البطلة “جيني” والتي تعيش في إحدى  ضواحي مدينة لندن في الستينات مع والدها “جاك” ووالدتها “مارجوري” اللذان يطمحان لإبنتهما أن تدرس في جامعة اكسفورد أو تجد زوج لها بعد تخرجها من المرحلة الثانوية وعلى غرار السيرة الذاتية تتعرف “جيني” على “دايفيد” الرجل الذي يكبرها بعشرين عام الذي يجعل من أحلامها الصغيرة والكبيرة حقيقة فيصطحبها إلى العشاء عدة لعدة مرات ومن ثم إلى الحفلات، يشتري لها عشرات الهدايا في أعياد الميلاد ويعاملها بالغة وبالرغم من فطنتها وتفوقها المستمر في المدرسة وحلمها بدراسة الأدب الانجليزي يتلاشى كل ذلك في غمضة عين وتتخلى عن الحياة التي لطالما حلمت بها حالما يعرض عليها “دايفيد” الزواج منه فتترك الدراسة.

تُظهر بعض أجزاء الفيلم فرحة “جيني” الحالمة مع “دايفيد” وأصدقائه “داني” و”هيلين” وعلاقتهم والتي تبدو في الظاهر طبيعية لكن في الحقيقة نلمس بعض الغموض الذي يكتنف “دايفيد” فجيني لا تعلم أين يعيش وماهو رقم هاتفه ولم ترد طرح الأسئلة خشيةً من أن تبدو صغيرة في نظره، تقول الصحفية البريطانية “لين باربر” أنها لم ترى ضيرًا في هذه العلاقة إلى أن وقعت الواقعة واكتشفت أن دايفيد متزوج ولديه ابن حينها أدركت الوهم الذي استدرجها إليه وعاشته معه ولكن قد فات الأوان في ذلك الحين وأصبحت جامعة أكسفورد حلمها الضائع الذي لم تشعر بقيمته إلا بعد فقدانه.

تألقت الممثلة “كاري موليغان” لأنها لم تجعلنا نشعر بغرابة ماحدث فنعيش معها الرحلة، سعداء بالعالم الذي تمكنت من لمسه والتجارب التي خاضتها في هذا السن الصغير، كانت تخطو خطواتها بعفوية مطلقة وحب كبير للحياة وتعطش لاكتشافها وبرعت في تجسيد ذلك في طريقة كلامها وحركة عينيها علمًا بأن هذا أول دور بطولةً لها.

تحكي “لين باربر” عن تجربتها مع “سايمون” بعد ما ان اكتشفت حقيقته وانفصلت عنه انه كان الدرس الذي كان والداها يريدانها أن تتعلمه فتقول: “لقد تعلمت الكثير خلال عامين مع سايمون. فعرفت المطاعم الباهظة الثمن والفنادق الفخمة واشبعت شغفي بالسفر الى الخارج وتعرفت على التحف وأفلام بيرغمان والموسيقى الكلاسيكية. كان كل هذا مفيدًا فبحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى أكسفورد كنت قد اشبعت كل رغباتي وفضولي فلم أكن أرغب في شيء أكثر من ان اتعلم وأتعرف على أولاد طيبين ومحترمين في مثل عمري لكن كانت هناك دروس اخرى قاسية علمني إياها سايمون، تعلمت ألا أثق في الناس. تعلمت ألا أصدق ما يقولون ولكن أن أشاهد ما يفعلونه ؛ تعلمت أن أشك في أن أي شخص فكل شخص قادر على "أن يعيش كذبة". لقد توصلت إلى الاعتقاد بأن الآخرين - حتى عندما تعتقد أنك تعرفهم جيدًا - هم في النهاية غير معروفين وكل هذا أساسًا جيدًا لحياتي المهنية اللاحقة كصحفية ولكن درسًا قاسية لي كإنسانة لانه جعلني حذرة جدًا.”

فيلم “An Education” هو (A basic coming of age story) لم يتميز في التصوير السينمائي مثل تميزه في الحوار والسرد والإنتاج الفني وهذا ما شدّني إليه وأجد انه نجح في تحويل قصة “لين باربر” لدراما رومانسية ممتعة بصريًا وسرديًا، فيأسرنا بجمال شغف “جيني” ويجعلنا متشوقين لنراها تتذوق المزيد ولا ينتهي إلا بعد ان يعطينا لمحة من المستقبل الذي تتمكن من إنقاذه وكأنما ماشاهدناه للتو كان مجرد حلم لا أكثر.