Book Review:
After Dark
Written By: Hauruki Murakami
هاروكي موراكامي يلعب بالخيال وكأنما يملكه في قصة سيريالية أبطالها ساعات الليل الأخيرة، مدينة طوكيو، حانة ديني، ماري آساي وتاكاهاشي - كخريطة تُرسم بأدق التفاصيل لتكون لوحة خلَّابة نعيش رحلة أشبه بحلم اليقظة.
Time moves in it special way in the middle of the night.
رحلتي في الانغماس مع مؤلفات موراكامي ليست بنفس إنسيابية وصفي لروايته، انقضت خمس سنين منذ قرائتي لأول رواية له ولم أكملها واليوم بعد ماتطور حسي الفني بعد تجربة مشاهدة أفلام اوروبية، فرنسية وايرانية وسعت مداركي وتغير مفهومي عن الفن وطرق تقديمه، استمتعت جدًا بالعمق الذي قدمه بطريقته الخاصة وأدركت ان موراكامي هو “Genre” بحد ذاته.
يقول موراكامي أنه احس بكونه خروف أسود في عالم الأدب الياباني لأن النقاد كانو يقولون عن كتاباته غير يابانية وأن أسلوبه في الكتابة “أمريكي للغاية”.. رد موراكامي عليهم كان بأن الفترة التي عاشها بعد الحرب نشأ فيها علي الثقافة الأمريكية: “كنت أستمع إلى موسيقى الجاز والبوب الأمريكية، أشاهد البرامج التلفزيونية الأمريكية - لقد كانت نافذة على عالم آخر. لكن على كل حال لقد طورت أسلوبي الخاص، أنه ليس أسلوبًا يابانيًا أو امريكيًا، أنه أسلوب خاص بي انا، موراكامي.”
You know what I think? That people's memories are maybe the fuel they burn to stay alive
تسرد الرواية قصة ماري أساي وهي طالبة تبلغ من العمر ١٩ عامًا تقضي الليلة في قراءة كتاب في إحدى حانات مدينة طوكيو، هناك تلتقي بتاكاهاشي تيتسويا وهو طالب يعزف على آلة الترومبون الذي يبدأ الحديث عن أخت ماري، “إيري” التي كان مهتمًا بها في المرحلة الثانوية، تمضي الليلة ويغادر تاكاهاشي الحانة بعد الانتهاء من تناول وجبته.. تقتحم مديرة فندق حُب المكان الذي تجلس فيه ماري وتطلب مساعدتها لترجمة حديث فتاة صينية وقعت ضحية عنف أحد زوّار الفندق حيث قام بضربها وتركها عارية لا ترتدي شيئا، تذهب ماري لمساعدة الفتاة ومن تلك اللحظة تعيش مغامرة ليلية نشاهد فيها المافيا الصينية التي تملك جسد الفتاة وتسمع قصص آخرى يحكيها موظفيّ الفندق ويعود تاكاهاشي تيتسويا ليقضي ماتبقى من الليلة مع ماري حيث يتشاركون أعمق أسرارهم عندها تحكي ماري حقيقة ماحدث لأختها “ايري”.
لفتني أسلوب السرد الذي أستخدمه موراكامي الذي كان أشبه بسيناريو فيلم سينمائي حيث كان يقول لي ماهي الزاوية التي أرى بها الأحداث، ماهي مسافة قربها وبعدها عني وماهو الشي الذي سيلفت إنتباهي، بدت الرواية لي كسلسلة من الأحداث الغامضة التي جعلتني أقلب الصفحات بسرعة فائقة ولكن سرعان ما بدأت تنكشف ففي البداية تبدو ماري أساي كفتاة عادية ومن ثم عبر القصص التي تسردها نبدأ نشعر بأحاسيسها، عن عدم معرفتها لماذا ستفعل بالغد، عن المعنى الذي تحمله الحياة وعن ندمها لعدم تطوير علاقتها بأختها وعن انه ربما حياتها لم تكن سهلة بالشكل الذي كانت تظنه سابقًا، بالمقابل “ايري” تظل مستلقيه على سرير في غرفة معزولة نزورها بين كل حدث وآخر، تبدو مثالية، نقية أو قد يقول البعض سجينة لإمكانيات وأحلام خفية.
ايقاع الحياة الليلة غمرني بجماله وعلاقة الخير والشر مع الليل والنهار، معظم الوقت الذي قرأت فيه الرواية كان في الليل عندما كنت احتسي قهوتي تحت اضاءة خافتة وعلى الرغم من أن الرواية تقدم العديد من الأسئلة لم تغمرني رغبة ملحة بالبحث عن أجوبتها لانني اعتقد ان الليل مليء بالأحلام الغير محققة، بالتساؤلات والحكايا التي لن ترى ضوء النهار ابدًا، بالشعور بالوحدة والعزلة في مدينة لا تنام.. موراكـامي جعلني أعيش هذه التجربة وأفكر في الجانب الذي نكافح لكي نجعله يستيقظ في الليل فقط، أكد لي بأننا كبشر مختلفون ولكن جميعنا تؤرقنا أفكار الليل ولكن عندما يحل النهار يجب علينا أن ننسى مخاوفنا معاه ونكافح لنعيش يومًا آخر على الرغم من ان الليل ينتظرنا مجددًا.
هديل محرم، الثاني عشر من يونيـو ٢٠٢٢