Film Review: MINARI
Director & Writer: Lee Issac Chung
PG-13 | 1h 55min | Drama | 2020
عندما أفكر بأفلام الدراما العائلية، أفكر في العلاقات العائلية المليئة بالصراعات وأتشوق لمشاهدة شخصيات قريبة مما أراه في الواقع تتصرف بطبيعتها الفريدة، تُريني جميع جوانبها وتشاركني أحلامها البسيطة. جلست على أريكتي اليوم متوقعة شيء كهذا من فيلم “MINARI” من كتابة وإخراج (Lee Isaac Chung) مُخرج أفلام أمريكي من أصول كورية بدأ مسيرته بأفلام قصيرة حازت على إهتمام المهرجانات السينمائية والآن بفيلم “MINARI” يحظى بإهتمام الجمهور أيضًا. رُشِّح الفيلم لجائزة أفضل فيلم أجنبي من جوائز الـ (Golden Globe) وحصل على ترشيحات أخرى من مهرجانات أثنت على الفيلم ككل بترشيحه لجائزة أفضل فيلم للسنة وجوائز أخرى كجائزة أفضل مخرج وأفضل نص وجوائز على التمثيل. حتمًا الفيلم أستحق جميع هذه الترشيحات وبكل جدارة أثبت أن قصة بسيطة يمكن أن تقدم الكثير عند أستخدامها لأدوات السينما بطريقة تخدم القصة.
في مقابلة مع المخرج (لي تشونغ) أفصح أن قصة الفيلم كانت نوعًا ما تشكيلًا لذكريات طفولته.. فكانت البداية أنه كتب بعض من الذكريات التي يحملها كطفل من العيش في مزرعة في (أركانسس) ومن ثم بدأت هذه الذكريات بتشكيل نفسها لسرد قصصي يناسب الشاشة الكبيرة ويقول أنه يشعر بأن هذا كان الوقت المناسب لمشاركته جانب خاصًا منه في قصة كهذه. تحكي قصة الفيلم عن أنتقال عائلة كورية أمريكية من المدينة إلى مزرعة في أركانسس بحثًا عن تحقيق حلمهم الأمريكي بعيش حياة هانئة ولكن سرعان ما يكتشفون أن العلاقات الأسرية وحبهم وإهتمامهم لبعضهم البعض هو الحلم الأمريكي الحقيقي وليس ما يتم الترويج له في كل مكان.
لقد أتفقنا أننا سنذهب إلى أمريكا وننقذ بعضنا البعض
- Monica (MINARI)
يحكي الفيلم قصة (جايكوب) و(مونيكا) بعد مهاجرتهم من كوريا وقدومهم إلى أمريكا في الثمانينات للعمل في كاليفورنيا في وظيفة ينظر لها بإزدراء تتطلب منهم فصل صغار الدجاج على حسب جنسهم. يبدأ الفيلم بمشهد داخل السيارة نرى فيه (جايكوب) و(مونيكا) وإبنتهم الكبرى (آن) والطفل (دايفد) ذو الستة سنوات في رحلة تنتهي بوصولهم إلى بيتهم الجديد الذي منذ لحظة وصولهم الأولى إليه نبدأ بإكتشاف شخصية (جايكوب) الذي يعتقد إعتقادًا تامًا ان هذه البداية الجديدة سوف تنعمه بحياة هنيئة و وظيفة ممتعة تمكنّه من إعالة أسرته. في حين نرى تعابير وجه زوجته (مونيكا) وإنطباعها الأول على منزلهم المتنقل الذي تشير إلى أنها غير متقبّلة لنمط حياتها الجديد. ففي مشهدًا في الفيلم عندما تقوم إبنتها (آن) بتفريغ محتويات صناديق النقل وتسألها عن المكان الذي يجب عليها أن تضع فيه صورة (جدتهم) ترد عليها (مونيكا) بأنه لا داعي لذلك لأننا لن نبقى طويلًا هنا. في هذا المشهد البسيط نرى إختلاف الأب والأم عن بعضهم البعض وفي مشاهد أخرى تبين للمشاهد أنهم يأتون من طبقات إجتماعية مختلفة ويمتلكون أولويات مختلفة.
ولكنّها ليست حتى جدةً حقيقة!
- Alan (MINARI)
يتطرق الفيلم إلى مواضيع أخرى كتشابك الثقافات، والصور النمطية ولكن بطريقة رائعة لا تفرض نفسها على القصة بل تخدم حبكة الفيلم وتسلسل أحداثه وتطور شخصياته، فنرى في مشاهد عديدة الطفل “دايفد” يستنكر تصرفات جدته التي تنتقل لتعيش معهم لمساعدة إبنتها على الإعتناء بأطفالها. الجدة تعتز بثقافتها الكورية وتمتلك أيضًا شخصية فريدة من نوعها تبرز فيها تصرفات الجدات المعتادة ولكن بأساليب مختلفة، فهي لا تخبز الكعك والكوكيز كما يقول (دايفد) ولا تكوي الملابس ولا تهتم بتنظيف المنزل ولكنها تستمتع باللعب ومشاهدة التلفزيون فلا يُرحب بوجودها و يستنكر العديد من تصرفاتها ويقول لأمه ليبرر عن تصرفاته “ولكنّها ليست حتى جدةً حقيقة” هنا نلمس تأثير الصور النمطية وتشابك الثقافات وقوة الـ (Propaganda). نشاهد تطور شخصية (دايفيد) في كل موقف ظريف وخصام يحدث بينه وبين جدته إلى أخر مشهد مؤثرًا في الفيلم حينما يقف هو وأخته ويبحثان عن جدتهما ويصرخان أسمها مرارًا وتكرارًا.. ما جعل ذلك المشهد ساحرًا هو صراخهم لأسمها باللغة الكورية وإدراكهم في تلك اللحظة إهتمامهم العميق بها.
إذا كان بإمكانك أن تجده في الطبيعة فلا تدفع المال للحصول عليه
- Jacob (MINARI)
المخرج (لي تشونغ) لم يكتب قصة رائعة فحسب ولكن أخرجها بطريقة ساحرة، تصوير الفيلم في المزرعة كان إختيارًا ضروريًا للقصة ولكنه أيضًا كان إختيارًا خدم جانبه الجمالي، فالتصوير السينمائي للطبيعة الخضراء كان جميلًا و مريحًا للعين. كانت هناك العديد من اللقطات الصامتة التي أحتوت على صور للطبيعة الخضراء فقط. ولا يمكنني أن لا أثني على تمثيل الرائعة (Yuh-jung Youn) بدور الجدة الظريفة، اللطيفة والعفوية للغاية.. تمت كتابة شخصيتها بإتقان وتم تجسيدها بإتقانًا أيضاً فوجودها في الفيلم أخذه إلى بعدًا آخر وأضاف الكثير للشخصيات الأخرى وساعد على تكوينها. أما بالنسبة لأصوات الطبيعة، كالمطر والعصافير واللحظات الساكنه فلقد دعمت ثيم الفيلم، والموسيقى التصويرية كذلك كانت جزءًا ساهم في تكوين موده.
حتى لو فشلت، يجب علي إنهاء ما بدأته
- Jacob (MINARI)
فيلم “MINARI” هو أسم نبتة متواجدة في شرق آسيا لها العديد من المسميات ولكن “ميناري” هو أسمها المتعارف عليه في كوريا. ربما كان وجود النبتة في الفيلم (Metaphor) لحقيقة أن هذه العائلة تحاول أن تجد موطنًا أو منزلًا جديدًا لها تغرس فيه جذورها وتبدأ حياتها الجديدة منه كما في ذلك المشهد الذي تحاول فيه الجدة زراعة نبتة "الميناري” مع الإبن (دايفيد).
الفيلم يطرح مواضيعًا كثيرة في قالب الدراما العائلية ويعالجها بتمثيل متقن واقعي إنساني وصورة جميلة، تطور الشخصيات فيه ناسب رتمه. فالمخرج والكاتب (لي تشونغ) كتب قصة شخصية فهم أُسسها وحبكتها وقدمها في قالب مناسب لها جاعلًا منه فيلم لا يمكنني أن لا أوصيكم على مشاهدته في ليلة هادئة على شاشة كبيرة.. ENJOY IT .
هديل محرم، ١٣ فبراير ٢٠٢١