On Paper And Screen: I Am Thinking of Ending Things Film Review & Book Appreciation.
Director: Charlie Kaufman | 2h 14min | Drama, Thriller | Netflix | 2020 | R
RATING: 10/10
تجاهلت الأكاديمية أفضل فيلم في عام 2020 ولم يكن حفل تسليم جوائز الأوسكار له طعمه المعتاد بالنسبة لي، أعتقد أن كل شيء يحدث لسببًا ما، ربما كان السبب هو أن أطلق سلسلة التدوينات التي بدأت مدونتي من أجلها ولكن لم تسنح لي الفرصة لأبدأ في كتابتها حتى الآن. (على الورق والشاشة) هي سلسلة جديدة على المدونة موجهة للقارئ السينمائي أكتب فيها عن قصص كتبت على الورق اولًا كروايات ومن ثم وجدت طريقها للشاشة الكبيرة كأفلام.
الهدف من هذه السلسلة هو التعريّف بفن (الأدابتيشين - Adaptation) لأنه فن ساحر يُمكنّك من تحويل الروايات وقصص الأدب إلى أعمال سينمائية رائعة يستقبلها عدد أكبر من الناس. أرغب شخصيًا في القيام بذلك يومًا ما، بتحويل روايات المؤلفين المفضلين لدي للشاشة الكبيرة ولكن حتى ذلك الحين، سأشجع على قراءة الكتب ومشاهدة نسخة الأفلام منها وتحليل طريقة المخرج في سرد القصة. سأجيب على الأسئلة التي تتبادر إلى ذهن القارئ السينمائي النهم، هل يستحق الكتاب/ الفيلم وقتي؟ كيف ترجم المخرج عناصر سرد الرواية إلى صور بصرية مناسبة لقصة الفيلم؟ لأن أدب الرواية مشابه للسينما ولكن كل منهما لديه هيكل مختلف تمامًا عن الآخر.
رواية Iain Reid الشهيرة "I Am Thinking of Ending Things" تمت كتابتها ليتم نقلها (Adapt) للشاشة الكبيرة وبالتأكيد ليس إلا من قبل المخرج العظيم تشارلي كوفمان. فكرت كثيرًا في هذه القصة منذ أن قرأت الكتاب لأول مرة في مايو 2020, قبل سنة من اليوم وأصبحت متشوقة جدًا لمعرفة كيف سيترجم تشارلي هذه الحكاية المعقدة عن الوحدة، الحب، العلاقات الإنسانية، ال “ماذا لو” والطرق التي لم نسلكها. عن العيش داخل عقلك وعدم القدرة على التحكم في قصتك. الماضي يطاردك، المستقبل يخيفك والحاضر ليس ألطف من كليهما.
أفكر في إنهاء الأمور. بمجرد أن تصل هذه الفكرة ، فإنها تبقى، تلتصق، تهيمن.
مع استمرار دقات الساعة، تستمر أفكارك بالتدفق، تخنقك إلى المرحلة التي تلجأ فيها إلى التخيلات وأحلام اليقظة، ولكن حتى هؤلاء يخونونك والطريق الوحيد للخروج هو مواجهة كل شيء، مواجهة الحقيقة بكل شجاعة دون أن تهرب أو تنظر إلى اليمين أو اليسار، سيجعلك الحاضر تُفكرّ في إنهاء الأمور. هنا يطلب منك تشارلي كوفمان مشاهدة أحدث تحفة فنية له دون أن ترفع هاتفك مرةً واحدةً لأن هذه ليست الطريقة الصحيحة. فيلم “I Am Thinking of Ending Things” بالتأكيد سيجعلك تفكر في الكثير من الأمور، ولكن حتى حين تشعر بذلك، فقط ثق في هذه القصة وإسمح لنفسك بالضياع فيها.
مثل جميع أفلام تشارلي كوفمان " Eternal Sunshine of The Spotless Mind" و "Being John Malkovich" و "Adaptation" يستكشف الفيلم آمال البشر ورغباتهم وأحلامهم. وعلى الرغم من تشابه مواضيع (Themes) جميع أفلامه، هذه المرة يأخذ تشارلي القصة إلى أقصى حدودها ويخاطر بالغوص في أعماق شخصياتها، أعمق مما قد فعله سابقًا.
بالنظر إلى قصة الفيلم من بعيد، فهو يدور حول “امرأة شابة” تقوم برحلة على الطريق (Road-trip) خلال عاصفة ثلجية مع حبيبها "جيك” لمقابلة والديه في منزل مزرعتهما. يصل الحبيبان إلى وجهتهما بعد رحلة طويلة بالسيارة مليئة بالأحاديث العميقة عن الحياة والموت وما بينهما. تبدأ الشابة في التساؤل عن كل ما يحدث حولها وكل ما تعرفه عن نفسها وصديقها والعالم منذ لحظة دخولها منزل والديه، ولكن هنالك قصة أخرى تتماشى تمامًا مع هذه القصة، وهذا ما يجعل الفيلم تحفة فنية سيريالية معقدة للغاية.
يتألق الفيلم من المشهد الافتتاحي بالعناصر السينمائية المختلفة، أولها نسبة عرض الفيلم المستخدمة (3:4) التي تجعل المشاهد ينظر مباشرة إلى الإطار ويلفت انتباهه إلى أبسط التفاصيل في ذلك المربع. نتعرف على الشخصية الرئيسية "الفتاة الشابة" التي في الواقع ليس لها اسم ثابت طوال الفيلم هي لوسيا، إيمي وإيمز والعديد من الأسماء الأخرى التي يناديها بها صديقها "جيك". ولكن هذا ليس الشيء الوحيد الذي يتغير بإستمرار طوال الفيلم.
تبدأ القصة بالتعليق الصوتي للفتاة من خلال تكرار عنوان الفيلم “أفكر في إنهاء الأمور” أثناء تواجدها في السيارة مع صديقها جيك. في الجزء الأول من الفيلم، نعتقد أنها تعني بتلك الجملة رغبتها بالانفصال عن جيك حتى يأتي الجزء الثاني، عندما تصل الفتاة الشابة وصديقها إلى منزل والديه وتبدأ أشياء أغرب في الحدوث تجعلنا نحن كمشاهدين والفتاة بداخل الفيلم نتسائل عن حقيقة كل ما يحدث داخل الإطار المربع.
في مشهد لقاء الفتاة الشابة وجيك لوالديه تحدث قفزات في الزمن حيث يكون الوالدان في منتصف عمرهم ولكنهما فجأة بعد (cut) في التحرير “المونتاج” يصبحان في أواخر عمرهما ومن ثم بعد (cut) أخرى يصبحان في مرحلة عمرية أصغر، تتغير ملابسهما وتصفيفة الشعر وتختفي بعض الأشياء الموجودة في الغرفة من الإطار. تستمر تلك الإنتقالات بإستخدام “المونتاج” في الفيلم والتي تأخذنا بين قصة الشابة وجيك إلى رجل مسن يعمل في مدرسة ثانوية كبوّاب ومن ثم نعود مجددًا لقصتنا الأساسية. هذه الإنتقالات بين القصتين تحدث كثيرًا ولكن اللقطات للرجل المسن لا تأخذ وقتًا طويلًا على الشاشة، أو على الأقل في الفصلين الأولين من الفيلم.
عندما نصل إلى الفصل الثالث من الفيلم، تتضاعف مشاعر القلق والرعب وعدم الراحة التي تسببها هذه القصة وطريقة سردها، وعندها نبدأ في إدراك حقيقة عبارة “أفكر في إنهاء الأمور”. البوّاب الذي ظللنا نراه في أجزاء مختلفة من الفيلم، هو في الواقع جيك. وكل ما يحدث من بداية الفيلم حتى نهايته هو محادثة طويلة وحكاية متخيلة داخل رأس جيك وهو رجل مسن ورغبته في إنهاء حياته.
يمكنك قول أي شيء ، يمكنك فعل أي شيء ، لكن لا يمكنك تزييف فكرة.
إنها حلقة متكاملة تمامًا كما نرى في المشهد الختامي، عندما يكون الحبيبان في طريق العودة إلى المنزل ويخرج جيك من السيارة ويدخل مدرسته الثانوية القديمة. تتبعه الفتاة الشابة إلى هناك، حيث يؤدي شبيهان للممثليين (Doppelganger) رقصة رائعة، مستلهمة من المسرحية الأمريكية أوكلاهوما التي كانت إلهامًا كبيرًا للكاتب إيان ريد والمخرج تشارلي كوفمان لإيصال هذه القصة، ليس من ناحية الكتابة فقط ولكن حتى من ناحية الموسيقى التصويرية. يلي هذا المشهد كلمة يلقيها جيك وهو يرتدي مكياجًا مزيفًا يجعله يبدو كبيرًا في السن، هذا المشهد أيضًا مستوحى من فيلم (A Beautiful Mind) الذي تخوض فيه الشخصية الرئيسية صراعات عديدة إلى أن يُلقي هذا الخطاب الذي هو خطاب توديعه للعالم. كان هذا المشهد بطريقة ما النهاية المثالية لسريالية هذه القصة المحزنة.