الفن يجمعنا؛
لقاء مع صانع الأفلام محمد السلمان
أجعله يشعر بأنه خارج المكان في كل مكان، أجعله مُراقِبًا في كل الأوقات. هذه هي وصفة صناعة الكاتب
لين مانويل ميراندا
الفن جمعني بضيف اليوم الذي جمعه حب السينما بصنَّاع أفلام مدينة الأحساء، ولإيمانه الكبير بأهمية قراءة السينما، مناقشتها والحديث عنها كان الضيف المثالي لمشاركة تجاربه في هذا الفترة الذهبية التي تمر بها صناعة الأفلام السعودية حاليًا ليُلهم كل عاشق لهذه الصناعة.. ضيفنا هو محمد السلمان صانع أفلام يمتلك في حصيلته أربعة أفلام قصيرة متنوعة يتطرق بها لمواضيع إجتماعية يطرح فيها تساؤلات للمشاهدين ويتركهم مع الموسيقى التصويرية للفيلم الذي تعلن نهايته مُتفكرين.. في اللقاء يشاركنا بداياته ولماذا فضلّ العمل في الإخراج والكتابة على عمله في الهندسة الكهربائية، تفاصيل عن عمليّة الإنتاج السينمائي وأثر فرصة عرض أفلامه في المهرجانات السينمائية المحلية والعالمية على مسيرته الفنية.. لقاء ممتع، مثري ومُلهم لكل مهتم بمجال السينما والفنون.
من هو محمد السلمان؟
“ سؤال مثير للاهتمام ولكن أعتقد انك لو تخيلت نفسك من منظور شخص آخر رح تصف نفسك بالوصف الذي تعتقد أن الآخرين يرونك فيه ولكن الظريف أنه عندما يسأل شخص عني بين أصدقائي “مين محمد السلمان؟” الأغلب يكون ردهم: “ الي فيه رمشة لونها أبيض؟ ” لان هنالك البعض من رموشي لونها أبيض فهذه علامة بصرية موجودة عند بعض الأشخاص عني و I find it funny. ”
ماهي اللحظة التي أيقنت فيها أنك تنتمي إلى عالم صناعة الأفلام؟
“ على عكس الكثيرين الذين كانوا منذ الصغر مهتمين بالسينما ويذهبون إلى صالة سينما ويملكون الكثير من القصص عن هذا الشغف أنا شخصيًا لم يتواجد لدي هذا الاهتمام وانما كنت أشاهد على القناة السعودية الثانية بعض من الأعمال، عدا ذلك كان والدي وأخي الأكثر اهتمامًا بمجال التصوير فاقتنوا كاميرات الديجيتال في بدايتها، اما أنا كنت أحب تجربة كل شيء وأغلب طفولتي ومراهقتي كانت في العالم الخارجي، في الشارع، أن أعيش انا واصدقائي مغامرات. ”
My grandpa was a good storyteller
“ كان جدي يروي الكثير من الحكايات الظريفة فكنت أستمتع بالجلوس بجانبه في طقس مقرب لقلبي وهو شرب الشاي، وعلى الرغم من أنه لا يقرأ ولا يكتب ولكنه حفظ العديد من القصص الشعبية التي كانت تروى في المجالس فكان راوي جيد للقصص. إلى منتصف الجامعة كنت مهتم بتجارب الحياة، فأنا كنت ولا أزال شخص فضولي منذ الصغر وصديق للشّك وليس اليقين ويرافقني هذا المفهوم في جميع المبادئ من عادات وتقاليد وغيرها، وحاولت أعبّر عن هذا الشيء في فيلمي الأول (فيما بين) فأعتبره القاعدة الأساسية او الـ (Manifesto) الي امشي عليه.. ولحظة دخولي إلى السينما كانت عبر المسرح. “
وظيفة المخرج هي تصميم تجربة المشاهد من الألف للياء
كيف دخلت المسرح؟
“ عن طريق النادي الطلابي للمسرح في الجامعة وبالواقع كان عن طريق الصدفة عندما دعاني أحد الأصدقاء إليه. كنّا مجموعة لكلًا منا إهتمامات مختلفة، من الرسم التشكيلي الى الكتابة والشعر، ولاحظت أهتمام أحدهم (أحمد الشايب) بالإخراج فأنضممت معه كصانع في مجموعة كان اسمها لوحة فن، عملنا في صناعة الوثائقيات والدعايات وأثار إهتمامي مفهوم عمل المخرج، فكان جديدًا بالنسبة لي، عملية تصميم تجربة المشاهد من الألف الى الياء، إلى ماذا ينظر وبماذا يشعر. فكنت نهارًا أستمتع بحضور المحاضرات الجامعية لتخصص الهندسة وفي المساء أذهب إلى نادي المسرح وكان هذا المزيج المثالي ومن ثم اكتشفت السينما بشكل أوضح، وفي تلك الفترة لم يكن هناك توجه كبير بالمنطقة كما هو الحال الآن وإنما كان من النوادر أن تعثر على صديق مهتم بالسينما. “
ماهي السينما بالنسبة لك؟
“ أتفهّم كون السينما للكثير وسيلة للمتعة فقط ولا أمانعه فيذهبون لها في الويكيند لقضاء وقت ممتع بدون أن يخرجوا من صالة السينما أو يناموا وهم يفكرون في القصة التي شاهدوها. إنما أنا تهمني وتجذبني السينما الي تطرح أطروحات فلسفية وتحتوي على تساؤلات كبيرة (higher concept)، التي أشعر أن المخرج وضع فيها نوع من الفلسفة وتميّز في طرحه.. وكصانع أفلام هنالك مقولة معجب بها تشرح مفهوم كتابة الافلام الذي أؤمن به وهي إذا رغبت أن تكتب فيلمًا حول أسماك القرش، ليس من المفترض أن تدرس سيناريو فيلم (Jaws) وإنما بإمكانك أن تقرأ كتابًا عن اسماك القرش وتبحر فيه وأرى في هذه الطريقة متعة أن تمر في مرحلة من التعلّم لتصنع حكاية عن وفي هذا العالم. “
من الجميل أن تعمل ولكن يعطيك عملك المساحة لممارسة شغفك
هل تتفق مع مقولة “وظيفتك وشغفك لازم يكونوا واحد” ولماذا؟
" أعتقد هذه عبارة لا يمكنك أن تنفيها أو تأخذها بشكل قاطع فهي تعتمد بشكل كبير على ظروف الشخص وأين وكيف يعمل. في عالم الشركات قد تكون شغوف بمجال معين ثم تعمل به عند جهة معينة ومن ثم يتحول عملك إلى رتابة او يخدم هدف معين ويتكوّن عندك نوع من الروتين فتبدأ بكره ما كنت تحب.. ففي حالات معينة من الجميل أن تعمل ولكن أن يعطيك عملك المساحة لممارسة شغفك ولكن إذا تحوّل عملك الحر بدون أي قيود فنيّة إلى مدخول عيشك فهذه الجميع يتمناها ولا أعتقد ان هناك شخص يختلف فيها.. كمثال من تجربتي حصلت لي فرصة العمل كمخرج في نفس الشركة التي عملت فيها سابقًا كمهندس وهي شركة أرامكو وطبيعة عملي صناعة أفلام دعائية وتعليمية وعادةً الأفلام التي أصنعها موضوعها الهندسة فجدًا مستمتع بصناعة أعمال يجب أن أتحدث فيها مع أصحاب الاختصاص لكي نصل للنتيجة المطلوبة ولكن هذا لا يعني أن وظيفتك يجب أن تكون في شغفك، لن تكون دائمًا بشكل جيد، ولكن إذا كانت بالعكس ليش لا.”
التمثيل أعطانا حرية أن نشعر بأننا أطفال على الرغم من أننا شباب
ذكرت أن نادي المسرح الجامعي كان هو سبب دخولك للمجال، فهل تجاربك بالمسرح ولدت لك اهتمام خاص بالتمثيل؟
“ نادي المسرح كان البوابة للمجال الفني وتجربة سمحت لنا بالمشاركة في مسرحية (للعرض بقية) في مهرجان المسرح الخليجي بالرياض الذي قابلنا عن طريقه المهتمين بالفنون من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج.. فالتمثيل أعطانا حرية ان نشعر بأننا أطفال على الرغم من اننا شباب.. ولا أزال مقدّر للممثلين الذين شاركوني المسرح ولكن لم أخذ إهتمام خاص به وإنما ولد اهتمامي بالإخراج عن طريقه. ”
أعطينا فكرة عن أهم مشاركاتك لعالم صناعة الأفلام؟
“ من افلام القصيرة: (فيما بين، لِسان، ستارة، ٢٧ شعبان). جميع هذه الأفلام عرضتها في مهرجان أفلام الدمام وهذا المهرجان قريب الى قلبي ولقلب الكثير من صنَّاع الأفلام ففي كل مرة أعرض فيها أحد أفلامي أكتسب أصدقاء جدد وعلاقات مهمة تساعدني في أعمالي القادمة والموضوع بدأ من أول فيلم (فيما بين) الفيلم كان جدًا شخصي، تجريبي وقصير وكانت المفاجأة عند إختياره كفيلم الافتتاح لمهرجان الدمام في دورته الثانية. “