لحظات ما قبل السعادة
اللّــقيا بلا ميعاد
كان الوقت - قبل أن ألقاهم بيوم - كالمطر ينهمر في وسط سحابة الأيام ماءا زلالا يتسلل بين أصابع اليد فلا تستطيع أن تمسك به ولكنها تأنس بملمسه وقدومه وكأنها لحظة من لحظات ما قبل السعادة.
عرفتهم منذ أكثر من عقد من الزمن جمعتني بهم الأيام في قاعة الجامعة وتحت سقف فصول المرحلة الثانوية .. ثم في لحظة من لحظات العمر افترقت الطرق وتشعبت ولكن الأغصان هي الأغضان بثباتها وثمرها والأوراق هي الأوراق بألوانها ونضارتها وفاءا للأيام الجميلة والليالي الملاح التي أمضيتها معهم مستنيرا بعقولهم الراجحة وطموحاتهم العظيمة وأرواحهم النقية وأمالهم الكبار.
لقد كبرنا يا أصدقاء، فنحن نعيش الان مع نصفنا الاخر .. وبراعمنا التي نمت وستنموا في المستقبل إن شاء الله تقول لنا (بابا) وتؤكد أننا نرتقي في سلم العمر.
كيف لهذه الأيام أن تسير دون أن تظللها الضحكات وتتقي من صروف الدهر بالهدايا والورود وتأنس في وحدتها برسائل كتبت بخط اليد وحبر الروح؟
هذه الأيام التي ينتظرها سن الأربعين وما بعده إن كان في العمر بقية ستكون أجمل وأحلى حين نصنع منها ذكريات بين الحين والاخر .. كما صنعتها معكم في مدينة (هيوستن) أواخر شهر نوفمبر من عام 2023م الموافق شهر جمادى الأول من عام 1445 ونحن نواصل رحلة طلب العلم في غمار جراحة المخ والأعصاب والصرع وبين قيادة المشاريع الهندسية ومرورا بأجمل تخصص في مجرة درب التبانه (المعلوماتية الصحية)..
يا أصدقائي لقد صنتعم من رحلة ابتعاثي ذكريات سأعود لها في سراء الأيام وضراءها وأحكيها لنفسي كلما عاد الحنين للوطن في أرض الغربة.
أنا فخور بكم.
سالوا و لا ماءَ
لا مرآة وانعكسوا
وباسمهم في الأعالي صلصلَ الجرسُ
مؤذنونَ قدامى كلما التبست صلاتُهم
أجلّوا التكبيرَ والتبسوا
وكلما فُتنت بالريحِ أنفسُهم
تقمّصوا فكرةَ الأشجارِ وانغرسوا
الداخلون إلى المعنى
علانيةً
ودونهم تسقطُ الأبوابُ والحرسُ
مطابقونَ لغاباتِ الخيالِ
فمذ سميتُهم
بينابيعِ الهوىانبجسوا
من أين أُمسكهم؟!
من فرطِ ما اتسعت أسماؤهم
حفظوا الأسماءَ
ثم نسوا
مجلّلون بما للهِ من مطرٍ
تقول صحراؤهم:حاولتُ...ما يبسوا
حاولت ما يبسوا .. من قصيدة لمحمد عبدالباري