غايات
غايات ~
يسير بين الأحجار المتناثرة في الطريق وتطرق أذناه هدير الماء المنسكب من أعلى الجبل على لوحة النهر الصافي و أصوات البلابل تسبح خالقها ...
يقطع ميلا آخر فيرى عربة تخلو من أي شيء سوى شيخ كبير مع أصغر حفيداته فيمضي في طريقه واثقاً دون أن يتوقف أمام تلك المشاهد المتباينة
كان يمكنه أثناء سيره أن يتأمل لوحة النهر الصافي ثم يكمل مسيره ويمكنه أيضاً أن يُسعد حفيدة الشيخ بحلوى يضعها في سلتها ثم يكمل المسير من جديد ولكنه أبى أن يفعل ذلك ،، وآثر المسير
إنه يرى أمامه غاية واضحة المعالم
ولا يريد أن تحيد به السبل الأخرى عن نقطة النهاية التي يبحث عنها !!
هذه الرحلة هي نموذج لحياة الإنسان
في دنياه ~
لكن!
هل يمكن أن يتسبب جلوسه أمام النهر بضع دقائق أن يعيقه عن المسير أو يؤخره عن الوصول لغايته؟
لو افترضنا أن الرجل يقطع الطريق في ساعتين و ان مدة جلوسه - لو جلس - 10 دقائق لاغير
فإنه في أسبوع واحد سيخسر 70 دقيقة وفي الشهر 280 دقيقة
وفي السنة 3360 دقيقة تقريباً
هل أدركنا الآن الفارق ؟!
في هذه الحياة الدنيا يقطع الإنسان في سيره الكثير من الطرق المختلفة
وينشد العديد من الغايات المتنوعة
ويظن أحيانا أن خطواته على الطريق المرسوم
ولكنه في الحقيقة ينتقل من (نهر) إلى (نهر) ويطيل تأمله فيه ،، أو ينتقل بين (عربات تنقل شيخا و حفيدته) ويهدي كيس الحلوى للحفيده ،،
إنها (خسارة) أن تصدنا السبل المفرقة عن الوصول إلى غاياتنا فنعيش حياتنا أقصر مما كانت عليه في الحقيقة وتمضي [سنوات] من عمرنا
كان أغلبها [دقائق] أهملناها يوما بعد يوم
وساعة بعد ساعة ،،
* * *
غاية الطبيب إما أن يخفف الألم أو يمنع حدوثه
وغاية المعلم إما أن يرفع الجهل أو يعطي العلم
وعندما يدرك كل منا الغاية التي يتمنى الحصول عليها، يصبح الإنسان منتجا وفاعلا
وناجحاً ..
واعلم أن أي شيء يصدك عن الوصول إلى غايتك فهو -ضار- لك .. علمته أم لم تعلمه !
الإنسان ( المسلم ) له غاية واضحة ومحددة .. غاية نبيلة .. غاية راقية .. غاية سماوية ~
غاية العبادة
[[ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ]]
تأمل حالك مع هذه الآية !
في صباحك ومسائك ..في عملك وبيتك..في ممشاك و جلوسك..في نظرك وكلامك..
هل كل هذه تخدم غايتك الكبرى؟!
إننا نعيش في ظلال دين عظيم ،،
دين غايته ( جنة عرضها السموات والأرض)
دين غايته
(فإذا سألتُمُ اللهَ فسَلُوهُ الفِردوْسَ ، فإنَّهُ أوسَطُ الجنةِ وأعلى الجنةِ ، و فوْقَهُ عرشُ الرحمنِ ، و مِنهُ تفَجَّرُ أنْهارُ الجنةِ)
وحين نتحدث عن الغايات إنما نقصد بها الغايات المشروعة
الغايات السامية .. الغاليات التي توصلنا –بحد ذاتها – إلى غايتنا الكبرى ,,
غاية العبادة ~
إنها -غايات- وإنها – سُبلٌ مفرقة – فاختر في حياتك ما تريد أن تصل إليه في آخرتك
صالح رشيد السعيد
7/3/1434 هـ