-التعلّق-
هذه التدوينة لكل شخص مُبادر في علاقاته..
هناك العديد من الأشخاص دائماً ما يكونون مبادرين في جميع علاقاتهم باعتقادهم أن هذا جزء من شخصيتهم، وقد يكون صحيحاً لكن ليس دائماً
كيف أعرف لو كان جزء من شخصيتي؟ ببساطة بحال انزعاجك من تصرفك ستعرف أنك تفعله لسببٍ ما وليس لأنه جزءاً منك، فلو فكرت قليلاً ستعرف لماذا..
وغالباً بسبب مشاكل نفسية أو فراغ في حياتك، وهناك عدّة دوافع لهذا التصرف إما لأنك شخص يعتقد أنها من مسؤوليتك بقاء العلاقة مستمرة، أو تشعر بالذنب بحال عدم سؤالك عنهم، أو بسبب شعورك اتجاه الأشخاص (كالمحبة)، أو لاعتقادك أن سعادتك مرتبطة بهم..
أياً كان دافعك يؤسفني القول أن هذا التصرف سيؤدي بك للتعلّق بهم ومن ثم سيعود عليك بمشاعر سيئة غير مفهومة بأحيان كثيرة.
كيف أعرف بالضبط ما السبب؟
دائماً لمعرفة الأسباب عليك أولاً أن تجلس مع ذاتك فقط وبصراحة تامة، حتى وإن كانت هذه المصارحة ستؤلمك قليلاً فلا بأس ستتألم في سبيل المضي قدماً
عُد في الوراء لأبعد نقطة تتذكرها وفكّر في بداية هذه العادة وكيف اكتسبتها، في حال كنت تعاني من الفراغ لوقتٍ طويل فمن الممكن أنه السبب، وبحال كنت تعاني من أية مشاكل ولا تجد من تتحدث معه قد يكون هذا السبب، وبحال عانيت سابقاً من صدمات بخصوص شخصيتك أو حب الناس لك قد يكون السبب أيضاً.
ما علاقة كل هذا بالتعلق؟
الفراغ سيجعلك تبحث دائماً عن أي شيء يسليك ولهذا قد تبادر دائماً، أما عن الصدمات فمن تعرضوا لها قد يصبح لديهم هاجس وشك حول شعور الناس اتجاههم ويعتقدون بحال مرور مدة من غير حديث أو سؤال أن هذا يعني وجود شعور سيء أو أن الشخص لم يعد يرغب بالحديث معك والواقع مختلف تماماً.
وما السيء بكوني أُبادر دائماً أو أنتظر شخصٌ ما ليحدثني؟
ستجد نفسك بعد مدة تتساءل
(لما أنا من يبدأ دائماً؟)
(هل أنا من أحبهم أكثر؟)
(هل أنا شخص غير مهم بالنسبة لهم؟)
وهذا بالطبع مع مشاعر سيئة ستشعر بها، وثقل لكونك المبادر، وللأسف قد يعرضك للاستغلال من قبلهم أو التهاون في شعورك وأحاديثك، وستجد نفسك تعلقت بالعديد من الأشخاص وربطت سعادتك وتقدمك بهم، وستشعر أن يومك بلا معنى بحال لم تتواصلون -وهذا تصرف خاطئ جداً-
كونك تعد الأشخاص أساس سعادتك هذا بحد ذاته سيسبب لك ألماً لا يُنسى، ولن يجعلك تشعر بالمسرّات في يومك وأي شيء يحدث معك لن يكون كافي لأنه لا يتعلّق بهم، وسينتهي اليوم بمشاعر سيئة وستعدّه يوم حزين بالرغم من كونه عكس ذلك لكنك للأسف لا ترى الحقيقة وستتسبّب لنفسك بالحزن والألم فقط لأنك تعلقت بهم أكثر من اللازم.
هل لهذا التصرف أثر على الأشخاص في حياتك وليس أنت فقط؟
نعم..
نتيجة هذه المشاعر ستغضب منهم أو تبدأ بلومهم على أشياء لم يفعلوها حقاً.
قد ترى كلامي غير منطقي لكن كما قلت سابقاً فكّر بصراحة وواقعية أيضاً، ماذا فعلوا لتغضب منهم؟ فقط لانشغالهم بحياتهم الخاصة (وهذا التصرف الطبيعي)
ليس ذنبهم كونك لا تعرف كيف تتعامل مع ذاتك وحياتك ومشاعرك، وقد يكون الكلام مؤلم لكنّي كنت في نفس المكان والشعور سابقاً ومن الجيد لو كان هناك شخصٌ ما لينبهني على ذلك.
وبالطبع بحال كان ردود أفعالهم سيئة اتجاه مبادرتك فهنا من حقك أن تشعر بالغضب اتجاههم، لكن التصرف الصحيح أن تعرف قيمة ذاتك وتبتعد.
الجزء المهم.. كيف أتخلص من التعلّق؟
-كلما فهمت ذاتك أصبح الأمر أسهل عليك، عندما تعرف الأسباب ستتمكن من إيجاد الطريقة الأنسب لك؛ لأنه ببساطة لا يوجد حل مناسب للجميع، فكل شخص يختلف عن الآخر بطريقة تعامله مع نفسه وشعوره.
لكن هناك بعض الأمور التي ستساعدك بذلك..
-أفضل ما تقدمه لنفسك أن تفهمها وتعاملها بلطف لذا اسعى لمعرفة أي متسبب لمشاعرك السلبية والسيئة، قد يكون صدمة سابقة أو مشاكل نفسية حدثت لك وأنت لا تدركها أو في طفولتك واعتقدت أنها مجرد موقف عابر، عالج جميع صدماتك لأنها مع مرور الوقت تشكّل عادات سيئة تضرك في كثيرٍ من الأحيان.
-الأهم من ذلك حاول أن تعمل على نفسك وشخصيتك بوقت فراغك، أن تفعل الأشياء التي تسهم في تقدمك وتطورك سواءً في حياتك الشخصية أو المهنية، انشغالك بذاتك سيُنسيك أي شخص آخر لذا دائما ضع نفسك أولوية واعمل من أجلها ولا تقدّم أي شخص عليها.
تذكّر دائماً أن تعلقك بالأشخاص تصرف يعود عليك بالمضرة أكثر من النفع؛ لأنه لا يوجد أي شخص يدوم في حياتك ولا يعني انتهاء جميع العلاقات بشكل سيء، أحياناً تحدث بعض الظروف، أو فقط ينتهي دور هذا الشخص بحياتك دون أي شعور سيء أو مشاكل بينكم.
حقيقة مؤلمة ولكن مهما قدمت من حب وتضحيات ليست ضمانة لبقاء من تحب بحياتك، وعاجلاً أم آجلاً ستثبت لك الحياة ذلك.. لذا استعد قبل أن تحدث، ولا أقولها بسلبية أو توقعاً للأسوأ لكن هذه هي الحياة لا تعطيك كل ما ترغب به، ومن الجيد لك ألّا تتوقع الأبدية لمن تحب، اعمل لنفسك دائماً وعامل من تُحب بود ولطف دون تعلّق.
-توسّط بكل شعور وهذا يعني: لا تبالغ ولا تقلل
لا تبالغ حد أن تربط سعادتك وإنجازاتك وتقدمك بهم، ولا تقلل حد التهميش والبُعد التام
وازن ما بين مسرّاتك وما تفضّل وبين التواصل معهم، شاركهم ما تود بحال اهتمامهم بذلك ومشاركتهم لك بمشاعرك الجيدة والسيئة، لا تنسى الأشياء الجيدة بيومك وتجلس في دائرة الحزن عندما لا يتحدثون إليك، تعلّم أن تفصل بين هذا وذاك.
-حاول أن تكتشف ما هي الأشياء التي تحبها ويمكنك أن تقضي وقت فراغك وأنت تمارسها (الكتابة، القراءة، الرسم، ربما شيء ما تحب متابعته، الخروج لمكان تفضله) رتّب ما تفضله بحيث يمكنك أن تفعل أكثر من شيء لكيلا تمل وتشعر بالفراغ والوحدة، وتعلم كيف تقضي الوقت بمفردك وأنت سعيد فالسعادة ليست حصر على العلاقات فقط.
-تذكّر أن الحياة لا تدور حول الأشخاص فقط فهناك أكثر من ذلك، الحياة رحبة ومليئة بالأشياء الجيدة حاول معرفتها وتجربتها، اسمح لنفسك بعيش تجارب مختلفة ولا تضيّق على نفسك في نِطاق محدد.
-لا تجبر نفسك على التواصل والمُبادرة في حين أنك لا تود بذلك، لا تبدأ حديث في وقت تحتاج به للراحة بمفردك، لا تشارك شعورك أو لحظات من حياتك وأنت تود أن تحتفظ بها، لا تبادر لمن لا يستحقّون ذلك.. ببساطة لا تفعل عكس رغباتك الداخلية فقط لتحافظ على استمرار علاقةٍ ما.
-العلاقات الجيدة لا تتطلب تواصل ولقاء مستمر، من يحبك بحق لن يتخلى عنك لأسباب تافهة وسيفهمك أو على الأقل سيُحاول من أجلك، ما دمت تعاملهم جيداً وتتصرف معهم بوضوح فهذا أقصى ما يمكن تقديمه، فلا تسعى وتحاول على حساب راحتك، وتذكر أنَّ التواصل الدائم لا يعني الاهتمام والحب فالجميع بحاجة لأوقات راحة من وقتٍ لآخر وهذا أفضل لهم ولمن حولهم.
تذكّر دائماً الوضوح والصراحة والأهم ضع نفسك بالمقدمة.
_lq998