إلى من سلك الطريق
رفع ديننا الإسلامي من شأن طالب العلم فقال الله في كتابه الكريم : ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ ، و في وقتنا الحاضر قيمتك الحقيقة هي في ما تحمله في صدرك من علم ومعرفة ، ولذلك تجد الكثير من العقلاء يحفزون أبناءهم على طلب العلم منذ الصغر؛ حتى يرفعوا عن أنفسهم الجهل ويصبحوا عناصر بناءة في مجتمعهم، ويجدر بطالب العلم أن يراعي الكثير من الجوانب أثناء طلبه للعلم، وهذا المقال سيعرج على مجموعة منها.
فأول جانب يجب على طالب العلم أن يعيه وينتبه إليه هي نيته في طلب العلم فإن كانت طلباً لمرضاة الله ، ورجاء لإخراج نفسه من وحل الجهل، فنعم العلم ذاك العلم، فهومنتفع و مأجور به فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( (ومَن سلك طريقًا يلتمسُ فيه عِلمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة)) ، فبمجرد أن تعقد النية في طلب علم نافع فأنت تسمح لعداد الحسنات أن يزيد ، وكما قيل النية تجارة العلماء.
كما أن وضع الأهداف الواضحة لطالب العلم، معين له ليحقق ما يرجوه في الوقت الذي يريده، وأنا أشيد بكل من يريد أن يحقق ما يتمناه أن يحدد أهدافه، وأن يضعها مكتوبة في جواله أو معلقة في جدارغرفته أو مكتبه، وكل هذا يشد من همة طالب العلم ويطرد عنه روح الهزيمة والكسل .
أما الجانب الثالث الذي لا يقل أهمية عما قبله فهو تنظيم الوقت ما بين التعليم والجد والاجتهاد وبين الترفيه والضحك والأنس، فمن أجاد تنظيم وقته فقد اختصر على نفسه نصف طريق النجاح والتميز، والطرق لتنظيم الوقت كثيرة، وأفضلها تدوين المهام اليومية في قائمة ، وعند الإنتهاء من أي مهمة يتم مسحها من القائمة ، ويفضل في قائمة المهام أن تكون مرنة حتى لا تتكاسل في إنجازها ، ولا مانع من مكافئة تهبها لنفسك جزاء انتهائك من قائمة المهام.
وفي ميدان التفوق والنجاحات لا تقنع بالقليل ، وضع بصرك نحو السماء لا إزاء الأرض ، اعمل واجتهد لتصل إلى ما تصبوا إليه ، وإياك أن تراودك نفسك بصعوبة الوصول أو بوعورة الطريق ، شجع نفسك لبلوغ القمة لا لبلوغ السفح ، ثم أحط نفسك بالناجحين، فهم خير سند لشحث الهمم و بلوغ المنى، فلم أعلم عن نبأ شخص ناجح إلا كانت له زوجة صالحة ، أو صديق محفز، أو أخ معين، أو عائلة ناجحة.
ختاماً أعلم أن طريق طلب العلم ليس ممهداً ويسيراً ، ولكن اصبر ثم اصبر ثم اصبر حتى يتعلم الصبر من صبرك ، وستجد ما تتمنى وزيادة ، وكن كما فعل أبو ذر الهرولي- محدث و إمام في المذهب المالكي- فقد كان يسأل عن حرف واحد في حديث نبوي أربعين عاماً ولم يفتر، ولو رجعنا إلى التاريخ لوجدنا العلماء يعتبرون الصبر الأس والأساس في طلب العلم.