عندما يكون

التسويق من المريخ
والعملاء من زُحــــل

العلبة الزرقاء والسطل الأخضر نموذجاً

كثيرا ما يلاحظ المختصون في التسويق تناقضاً بين بعض الحملات التسويقية والأسواق التي تم تنفيذها لها ويزداد هذا التناقض العجيب في المواسم الكبرى والهامة مثل شهر رمضان المبارك والأعياد وحتى في اليوم الوطني !


المحزن أن مخاطبة الجمهور يجب أن تتم بصناعة محتوى يناسبه ويحبه وهذا يعتبر من أبجديات التسويق وركن من أركان الإعلان الصحيح وحتى المبتدئين بل وربما غير المختصين يعرفون ذلك جيداً فهل يمكن بعد اليوم أن نلتمس العذر لمن يقع في مثل هذا الخطأ؟!


إعلان بيبسي لليوم الوطني كمثال

ما علاقة الوطن بجمعتنا في بيت الجدة؟!ويلا عالممشى ونسهر في البر ونشيد خيمتنا!!!

كليجا وسمك ثول الطعم يا سلام

فتاة تعزف العود وأخرى تغني وشاب يعزف الكمان

كلمات ركيكة وسطحية وخالية من المعنى تماما ولا تمت بصلة لليوم الوطني


أو إعلان KFC 

فيها 33 مليون !

وتتعدد لهجاتنا بين احبك واحوبك!!

هل انعدمت الشخصيات السعودية لنستخدم شخصيات غير سعودية !!

وحتى لبس الشماغ والعقال المايل كان مهزلة واستخفاف بالمشاهد وذوقه وثقافته


كلا الإعلانين بعيدة عن هوية وثقافة المجتمع ويتميزان بالسطحية المطلقة وقيمة المحتوى المقدم فيها صفر مكعب!! والمناسبة بكل أسف كانت اليوم الوطني



هذه إعلانات صدرت من شركات ميزانياتها التسويقية مليونية وأنا عن نفسي وأدعي أن مثلي كثير جداً لا يجدون العذر لهم


مخاطبة الجمهور المستهدف بما يناسبه وهذا لا يتوقف على اللغة واللهجة فقط وإنما الأمر أعمق وأبعد بكثير وينطبق على الثقافة والألوان ومعالم التراث والبيئة والشخصيات التي يستخدمها المعلن ولباسهم وحتى لون بشرتهم يجب مراعاته جيداً .. بل يجب أن يراعى في الإعلان أيضاً دين وثقافة وأخلاق وحدود الحريات والانفتاح لدى هذا الجمهور.


هذا التناقض المؤذي والسطحية السمجة لماذا تحدث؟

من المسؤول عن مثل هذه الأخطاء؟

هل فيها شيء متعمد؟


من أهم أسباب هذا التناقض هو الاستعانة بفريق تسويق لا يملك المعرفة الكافية بالمجتمع والجمهور حيث لا يستطيع أن يفرق مثلاً بين لبس الشماغ في السعودية بالطريقة الصحيحة أو لبسه بطريقة خاطئة ومضحكة، نفس الشخصيات التي تستخدم في الإعلان عن منتج محلي وطني يتم اختيارها بشكل سيء جداً وتجد أن ملامحهم لا تشبه أبداً ملامح أبناء الوطن والمجتمع الذي تريد الوصول إليه وتسويق المنتج له، وكذلك وبكل أسف استغلال المرأة بشكل مستفز وبصورة مغايرة للسواد الأعظم من هيئتها في المجتمع وكل هذا في مناسبة اليوم الوطني!!!


أما من المسؤول عن هذه الأخطاء فأنا أوجه اللوم كاملاً على رأس الهرم في أي شركة تقع في مثل هذا الخطأ ، الوكالة الإعلانية قد لا يكون فريقها سعودي وقادر على التمييز بين الصحيح والمناسب من غيره لثقافة الشعب السعودي "ورغم أن هذا عيباً جوهرياً في الوكالة لأنها أهملت دعم فريقها بموظفين سعوديين" إلا أن إدارة الشركة كان عليها الاستعانة بموظفين سعودين حتى لو من داخل الشركة من إدارات أخرى غير التسويق ... على الأقل يمكن أخذ رأيهم وانطباعهم عن الإعلان قبل نشره حتى لا يكون سبباً في استياء الجمهور وجعلهم يستهزئون ويتحدثون عن الشركة بشكل سلبي.


إن كان من الضروري الاستعانة بفريق تسويق من جنسيات أخرى مع كل الاحترام والمحبة للجميع من جميع الجنسيات فعلى أقل تقدير يجب أن يكون هناك مختص يراجع أي عمل إعلاني قبل خروجه للعلن ويكون هذا المختص سعودي من نفس البيئة ومن نفس المجتمع وعلى دراية عميقة باللهجات والعادات والتقاليد وثقافة المجتمع حتى نتجنب أن يكون الإعلان منتج في المريخ وتم عرضه للعملاء في زحل!! ببساطة حتى لا يكون “مسخرة واستفزاز للجمهور”


أما عن كون مثل هذه الأخطاء متعمداً فلا أستبعد ذلك لأنه سبق وأن أطلق الدكتور عبيد العبدلي وسماً في هذا الصدد وهو #احترموا_ثقافتنا ولاقت صدىً واسعاً ولكن للأسف الشديد لازلت حتى اليوم أرى إعلانات أعدها فريق من كوكب المريخ وتم نشرها لعملاء وجمهور في كوكب زحل.


أتمنى أن تكون إعلانات اليوم الوطني السعودي 91 من نفس الكوكب

Join