_

                         (صمت) العقل

 تشبع الذات بكليات وقيم عظيمة دون أجزاء ولا يُسمح للتفاصيل أن تحدث . وإن حدثت غرقت في بحر كلياتها ..


الفرضية الزائفة 


حين تُستنزف طاقاتنا من عمل وحديث وردود ونقاشات وتفكير وأوقات في الخوض في جزئيات وتفاصيل غير مترابطة للبحث عن عمق جوهري وحل جذري ونقاط إلتقاء ، ونجد صعوبة في ذلك ..

فلنأخذ خطوة للخلف ولنشاهد المشهد بالكامل ، فلعل تلك التفاصيل المبعثرة ليست إلا ولادة متعسرة لفرضية خاطئة في الأصل ..

نفي الفرضية الزائفة وإبطالها من الوهلة الأولى كفيل بحفظ كثير من الأمور ..


(الحكمة) ؛ وضع الأمور في موضعها الصحيح ..

النسبية هنا تتواجد بقوة ..

فما تراه صحيحاً قد يكون فيه وجهة نظر أخرى مخالفة ..

وليس بالضرورة الاقتناع بوجهة نظر أحد الطرفين ..


الحقيقة ذات أوجه متعددة يقبل ذلك العقل الواسع .. ولكن ؛ نتفق أن قبول الرأي والنقاش المجرد من الأحكام المسبقة كفيل بترجيح رأي على آخر ..

لعلنا بذلك نلامس طرف الحكمة قليلاً ..


جميل ؛


وما علاقة الفرضية الزائفة بموضوع الحكمة ؟


لأن.. لا وجود للحكمة في نقاشات فرضيات زائفة إطلاقاً ..

بل جوهر الحكمة هو نفي الفرضية من الأصل ..


لننتبه لكثير من الأسئلة التي نطرحها في حياتنا ونفكر فيها كثيرا ً ..

قد تهلكنا ..

علينا حتما هدم السؤال وليس البحث عن الإجابة..

الإجابات ليست (هم) الأسئلة الصحيحة هي (الأهم)..


لذلك كثير من (مخاوفنا) وهمومنا وما يُشغل بالنا في الحياة الواقعية لا وجود له ..

بل حين يأتي حدث ما بلغ منا الأرق في التفكير فيه مبلغه ، نجده سهلا هينا ونتسائل لماذا كبرنا المسألة في عقولنا والواقع جوابنا عكس ذلك .. كل ذلك يندرج تحت فرضيات زائفة .. العقل جيد في صياغتها وتقبلها والتفكير فيها وتضخيمها ككرة ثلج متدحرجة كبيرة للغاية في نهاية المسار مع العلم أن ضربة خفيفة بمعول يد يفككها ويبعثرها ..


العقل جيد في التفاصيل والجزئيات وربطها بما يسوغ له مزيدا من التفكير، حتى تبقى هذه الماكينة تعمل دون توقف ..


(الكليات) ؛ ليس النظر فيها مما يهواه العقل ، بل يتجنب ذلك ، لأن النظر فيها كفيل بهدم ألف تفصيل ونقطة .. مع العلم وكما يتضح جليا أن الكليات هي مربط الفرس . وأعني بذلك هنا الفرضية التي نبني عليها تفكيرنا ..

حاذر جداً من ذلك ؛ فقصص الطلاق تأتي من تفاصيل أحيانا تبدو (دون قيمة) وقصص القتل والاعتداء وقطع الأرحام وعدم تواصل الأصدقاء وكثير من ردات الفعل السيئة ليست إلا تفاصيل تواجد فيها (ابليس) وعزز حضوره بنتائج تدعم قراراته ، بينما الرحمة والعفو والصفح والتواضع والحب التي استقرت في (الكليات) تنهزم أمام (جزئياتها)..

ولعل ذلك من غريب الانسان ؛ أن تقتله تفاصيله ..!


و (صمت) العقل هو : تشبع الذات بكليات وقيم عظيمة دون أجزاء ولا يُسمح للتفاصيل أن تحدث . وإن حدثت غرقت في بحر كلياتها ..


ولتهتم بجودة القماش ولونه ،

ولتهتم بنوع عطرك وريحته ،

ولتهتم بتسريحة شعرك وتشذيبه ،

ولتهتم بمكان جلوسك ونظافته ،

ولتهتم بأناقتك ..


فمظهرك العام ليس إلا تفاصيلاً منسقة ..


وتذكر دوما :

أن ((الحياة تكمن في التفاصيل))..! ::

الإجابات ليست (هم) الأسئلة الصحيحة هي (الأهم)..


Join