8 طرق لتقرأ الكتب التي يقف الوقت حاجزًا دون قراءتها
كتبها: نايل باسريتشا
للوصول للمقال الأساسي من هارفرد بزنس ريفو، اضغط هنا:
*تم تعديل بعض الأجزاء من المقالة بما يحقق الاستفادة الكاملة للقارئ العربي، وبعد أخذ الموافقة من كاتب المقالة.
يا سيدي، عليك أن تقرأ كتبًا أكثر.
عندما أخبر الناس بهذه الجملة، أغلبهم يقولون: "صدقت، طبعًا نتفق معك." ولكن قبل أن تمر ثانيتين، يضيفون:"آه ولكن ليت لو كان عندي وقت."
تعرفون ما هو الوصف المناسب لهذا النوع من الردود؟ أُطلق على هذا العذر مصطلح "خداع النفس"؛ لأننا لو تأملنا الواقع، لدينا وقت.
نشرت جامعة كاليفورنا تقرير مفاده بأننا نستهلك معلومات أكثر بكثير مما كان يفعله أسلافنا من أي وقت مضى - ما يتجاوز الـ100 ألف كلمة في اليوم والليلة. فكّر بكمّ الكلمات والرسائل والتنبيهات والتذكيرات ورسائل البريد العملية والشخصية التي تأتي تباعًا دون أن تتوقف، فكّر بعناوين الأخبار، والتدوينات، وتغريدات تويتر ومنشورات انستقرام التي تقرأها كل خلال24 ساعة.
مع كل هذا الزحام من القراءات الفارغة وعديمة وضئيلة المنفعة، يوميًا، من منا يملك الوقت لقراءة الكتب إذن؟
فيما سبق نشرت مقالًا على هارفرد بزنس ريفو تحت عنوان "8 طرق لقراءة كتب أكثر هذه السنة." شاركت عبره كيف أني كنت في معظم أيام مراهقتي أقرأ خمسة كتب بالسنة على الأكثر. كان لدي بعض الشموع على المنضدة، تساعدني لأقرأ عددًا من الكتب في الإجازة إن حالفني الحظ. ولكن لاحقًا، قبل ثلاث سنوات، قرأت خمسين. نعم، خمسون كتابًا في السنة! كان هذا الرقم بمثابة الصدمة التي تُفاجئنا ونعجز عن تصديقها. بإمكاني الشعور بأن الكتب أخذت دور الدومينو بأن أكون زوجًا أفضل، والدًا أفضل، وكاتبًا أفضل.
بعد تلك الفترة، حاولت مضاعفة حجم قراءاتي. والآن، أقرأ ما يتجاوز ال100 كتاب في السنة. بطبيعة الحال، بعض الأحيان أتباطأ ويصيبني الخمول وأعجز، وأحوم في المتاهة، كما أني أغرق بعوالم مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تتوقف وثقوبه المظلمة. إليكم الثمانية أشياء التي صرت أفعلها لأعود لجادّتي وطريقي الصحيح بالقراءة:
1- عش حياتك بين عالم من الكتب. معظم الناس عندهم أرفف كتب، "هناك" في مكان ما تخلد فيه تلك الكتب. في إحدى أيام السنة الماضية، زوجتي وضعت حوالي عشرة كتب مصورة على طاولة القهوة في الصالة. تصور مالذي حدث حينها؟ أطفالنا بدأوا بتكوين علاقة معها وتصفحها طوال الوقت. والآن، صرنا نستبدلهم كلما انتهوا بكتب جديدة في ذات الطاولة. المسألة كلها عبارة عن مبدأ يُضعف مقدرتك على المقاومة، تمامًا مثل ما فعلت قوقل عندما وضعت الوجبات الخفيفة الصحية على طاولة الاستقبال، بينما الشوكولاته مُخفاة بعيدًا في علب بسكويت. أيضًا، وضعنا التلفاز في الدور الأسفل بينما رفوف الكتب أصبحت قريبة من باب المدخل، بالإضافة إلى عددٍ من الكتب في مقاعد السيارة وفي جنبات البيت المختلفة. يقول الكاتب الأرجنتيني جورج لويس: "أعجز عن النوم ما لم أحاط الكتب." هذه الكيفية التي نختار بها طريقتنا لعيش حياتنا. (حتى ولو كنت تسعى للتخلص من الفوضى، أو لا تملك مساحة كافية لاستيعاب الكتب، دائمًا تستطيع استعارتها من المكتبات التي تقبل نظام الاستعارة ومن ثم تستعيدها بعد قراءتها.)
2- اختر الأحمر في سريرك. زوجتي عادة تسبقني بالنوم، حينها أبدأ باستعمال إضاءة القراءة الحمراء المعلقة على جبيني. لماذا الأحمر بالتحديد؟ مايكل بريوس، كاتب The Power of When أشار إلى نظرية خلاصتها بأن الإضاءة الحمراء تساعد لإنتاج الميلاتونين. بينما الإضاءات الساطعة لها تأثير عكسي. وفقًا ل The Sleep Health Foundation of Australia.الإضاءات الساطعة بقوة، أو الشاشات صارخة الأشعة، تزيد من يقظتك. قراءة ما قبل النوم يفترض أن تساعدك لأن تنام، وليس أن تستيقظ أكثر.
3- قلل إدمانك على الهاتف. الهواتف أجهزة مشتت، مُصممة بنظام يسمح لها أن تكون أكثر سلاسة، إثارة، ونعجز عن مقاومتها. لا تصدقني؟ كتاب Irresistible لـ آدم التر، الأستاذ المساعد في كلية سترين للأعمال، سيرفع وعيك سريعًا بفكرة التصاميم المحفزة للإدمان داخل الهواتف الذكية؛ كما هي أجهزة القمار بقدرتها لأن تعلق مستخدمها بها. حسنًا، كيف تقاومها ما دامت بهذه الطريقة؟ دعها أقل جاذبية. كيف تكون أقل جاذبية؟ انقل التطبيقات (المسؤولة عن إدمانك) إلى صفحة غير الرئيسية، لذا عندما تفتح الهاتف، لن تجد شيء مثير أمام عينك. اترك شاشتك المكسورة، مكسورة. انقل الشاحن إلى مكان تكسل عن الذهاب إليه، مما يعينك في أوقاتك الحرجة لمقاومته، خاصة فترة قبل النوم وعند الاستيقاظ. إذا كنت مُلزم بمصاحبة هاتفك داخل غرفة النوم وقت نومك، فعل خاصية "عدم الإزعاج" حتى تتجنب الاتصالات والرسائل بعد الساعة 7:00 مساءً. بهدوء، وخفّة وخلال فترة زمنية قياسية ستجد نفسك تجاوزت إدمان الهاتف ولم يعد قادرًا على إغوائك كما كان.
4- استخدم نظام تصنيف ديوي العشري. كيف تنظم كتبك؟ بناءً على الألوان أو متى اشتريتهم، أو بشكل عشوائي؟ هناك سبب أن المكتبات تستخدم هذا النظام، سبب منطقي. لأن توزيع الكتب بهذا النظام المصنّف، يجعلها أناقة عند البحث عنها في مصنفات علوم النفس والأديان والعلوم والفنون وغيرها. مالفائدة؟ الفائدة هي مقدرتك على خلق ارتباطات بين تلك الكتب، ومعرفتك أين تكمن الهوّة المعرفية لديك. قضيت يوم سبت واحد فقط لتنظيم المكتبة بتلك الطريقة، والآن، أصبحت أسهل خطوة هي البحث عن كتاب.. كما أني بدأت أشعر بأن قراءاتي صارت هادفة أكثر، ومرتبطة ببعضها البعض؛ أي لا أكون كل يوم أنا في شأن؛ هذا الترابط ساعدني لأن تستقر الملعومات بذهني أكثر وأكثر. قد تتساءل، ما هي الأدوات التي تحتاجها لأن تبدأ بتنظيم مكتبتك؟ ليست معقدة، أداتين وحسب: استخدمت classify.oclc.org للاطلاع على أرقام الكتب وفق النظام التصنيفي للكتب التي لا تحمل رقم تصنيف على غلافها. أما الأداة الثانية فهي Decimator app حتى أفهم ما ذا يعني رقم التصنيف. وبطبيعة الحال، أستخدم القلم وأكتب رقم التصنيف لكل كتاب قبل وضعه على الرف.
5- استمع البودكاست وقنوات مراجعات الكتب لحل معضلة "الكتاب التالي". عندما تبدأ برفع حصيلتك القرائية، أكبر مشكلة ستواجهها "حسنًا، مالكتاب التالي الذي يجدر بي قراءته؟" إذا استطعت تجاوز الكتب الموزعة في المطارات، والأكثر مبيعًا في رفوف المكتبات، واتجهت إلى الأرفف المتوارية، المنزوية، المهملة التي لا يُلقى لها بال، ذلك الحين.. ستعثر على مرادك وضالتك في الكتب المنسية، الكتب التي حتمًا ستغير حياتك. في عصر وفرة الخيارات اللامتناهية، تتجلّى قيمة التنظيم وحسن الاختيار. البودكاست، وقنوات مراجعات الكتب على يوتيوب، كذلك عددًا من الحسابات في تويتر، هي محطات مناسبة وأدلة إرشادية بإمكانها إنارتك والأخذ بيدك إلى كتب تجاوب على سؤال حيرتك. في يوتيوب، إليك هذه المقترحات وهي على سبيل المثال لا الحصر: (ظل كتاب لصاحبها سامي البطاطي، أو قناة نضال تقرأ) في تويتر: (المكتبة والليل، نديم، قراء الجرد، وأندية الكتاب مثل نادي كتابي وغيرها.)، كما أنه تتواجد العديد من المدونات الصوتية الرائعة عبر تطبيقات البودكاست مثل (كتبيولجي لحسين إسماعيل، أو ساندويتش ورقي بتقديم الرائع أنس بن حسين).
هذه مقترحات، وعالم الانترنت يزدهر برواد الكتب وقرّائه كل يوم.
6- توقف عن متابعة الأخبار. مما لا يخالجه الشك، أن متابعة الأخبار تعطل مسيرة قراءتك، ونشرت سابقًا عبر بزنس هارفرد ريفو كيف أني ألغيت متابعة خمسًا من المجلات، واثنتين من اشتراكاتي في الصحف، لأجل استجماع قواي الذهنية وتركيزي لمطالعة الكتب. ولكن هل تعرفون كيف تلاحقني هذه الأخبار؟ عبر مواقع التواصل. ولهذا السبب، تحتاج رادع قوي تجاهها: ألغ متابعة كل صحيفة ونشرة أخبار على على هذه المواقع، ألغ إشاراتها المرجعية في متصفحك، امسح الأرقام السرية المتعلقة باشتراكاتك، إلخ. وتذكر ما أشار إليه عالم السياسة هيربرت سايمون عندما قال "ماتستهلكه المعلومات يبدو واضحًا : فهي تستحوذ على انتباه متلقيها."وزيادة على الشعر بيت، أن ثروة المعلومات، أي تنقلك من خبر سياسي إلى الذي يليه عن آخر صيحات الموضة، ثم حرائق في وسط غزة، وينتهي بك المطاف إلى أن اللقاحات تؤدي إلى تغير الجينات.. خلال خمس دقائق أو ربما كانت أقل، سيخلق لديك فقرًا بالاهتمام. فلم تتلقى المعلومة وتتشربها، ولم تدعها وتركز على ما يهمك حقًا. للتعمق أكثر اطلع على مقالة "لماذا عليك أن تتوقف عن مشاهدة الأخبار" و "خمسة أشياء ستلاحظها عند ترك الأخبار".
7- اقرأ عبر شيء لا تتعدد استخداماته. كما قال لي الكاتب سيث جودن في مقابلة، " نادرًا ما يقرأ الناس عبر iBooks، لأنك على مسافة نقرة واحدة للاطلاع على بريدك الإلكتروني." إذا كان من السهل مقاطعتنا، أو تنبيهنا، أو تشتيت انتباهنا.. سُنقاطع ونُنبّه ويتشتت انتباهنا. وهذا غير جيد إطلاقًا عندما نودّ التعمّق في عوالم جديدة. مالذي أقترحه إذن؟ كتب حقيقية، صفحات على أوراق حقيقية. نعم، لا أمانع من "قطع" الأشجار إذا كانت تقودنا إلى اكتشاف ذواتنا والقدرة على التعمق في عقولنا. الكتب الحقيقية هي الوحيدة التي تمنحك السيطرة على ما تقرأه؛ فليس هناك تسجيلات يتوجب عليك الرد عليها، ولا قوالب بإمكانها التأثير على ما يودّ الكاتب كتابته. أتفهم رغبتك بالقراءة بحجم خط عريض، أو طبيعة انشغالاتك التي تستلزم تواجد بالسيارة طوال الوقت فتفضل الكتب الصوتية، ولكن ما أرمي له هو أنك إذا كنت ترغب بأن تصبح قارئًا كما أنا عليه اليوم، طوال حياتك، الكتب الحقيقية هي دليلك لتحقيق ما ترغبه. وإن كان لا بد من جهاز تستخدمه للقراءة، فتأكد أن لا يتلقى الرسائل ولا الإشعارات، كيندل على سبيل المثال.
8- تحدث إلى باعة الكتب حولك. بائع الكتب المفضل على الدوام لدي، هي سارة رمزي صاحبة Another Story Books في تورنتو. أذهب إليها، وأبدأ أثرثر، وأشتكي إليها مما أعانيه ومما يعقد فهمي، بينما نتجول في المتجر لمدة نصف ساعة. ثم تبدأ تقترح علي: أفضل كتاب بعد الطلاق، والأنسب قبل رحلتي إلى استراليا، والأروع لمن يعاني من أطفاله كما هي حالي. بعدها أرحل مُحمّل بجملة من الكتب المتوافقة، وبالمقاس، مع حالتي العاطفية، مما أحتاجه كي أنمو فأتزوّد به، الكتب التي تستقر في الذاكرة وتؤثر. إذا كنت تؤمن أن البشر هم أفضل خوارزمية (مثلما أؤمن)، فتوجّه لأقرب مكتبة مستقلة يقوم عليها أصحابها، واختر الموظفين الذين تتناسب اهتماماتهم مع اهتمامتك، واطلب مشورتهم وخذ النصيحة حيث عثورك على الكتب التي ستتعلق بها. (إليك بقائمة المكتبات المستقلة في الولايات المتحدة الأمريكية. إذا كنت تريد مكانًا للبدء منه)
حسنًا، هل تولّدت الحماسة لديك لتقرأ؟ لتنطلق؟ أو أنت من أولئك الذين لا يزالون يحتاجون بعض العلوم المؤصلة والوثيقة المقنعة حتى تتغير سلوكياتهم؟ إذا كنت تودّ المزيد من الأسباب: في 2011، ذكرت المجلة السنوية لعلم النفس أن القراءة تحفز الخلايا العصبية وتمنح أجزاءً من أدمغتنا المسؤولة عن تحفيز التعاطف والرحمة والتفهم. القراءة تمنحك الفضل لأن تصبح قائدًا ومعلمًا ووالدًا وأخًا أفضل. ودراسة أخرى نشرت في مجلة ساينس، اكتشفت أن قراءة الروايات الأدبية تدفعنا لتنمية تعاطفنا ومسؤولياتنا الاجتماعية مع الآخرين من حولنا. وأخيرًا، أجريت دراسة مذهلة عام 2013 في جامعة إيموري، أظهرت أن صور الرنين المغناطيسي التي أخذت صباحًا في اليوم التالي من أشخاص أجروا اختبارًا طُلب منهم عبره أن يقرأوا جزءًا من رواية، أظهرت زيادة في مقدرتهم على الاتصال في قشرة الدماغ اليسرى - المنطقة المرتبطة باللغة. تمعّن الكم الهائل من الفوائد على مدى حياتك الطويل عندما تقرأ كل يوم.
معظمنا يتمنّى أن يقرأ كتبًا أكثر، والأكيد.. بإمكاننا تحقيق ما نتمنّاه. وكما يقال، أنت ما تأكله، وأنت ما تقرأه.