أتجرؤ..؟!
في الحياة ما يدعوك أحيانًا لأن تقف متفرجًا، ما يُبقيك غير مرئي، غير مسموع، وربما غير موجود..!!
في الحياة شيءٌ ما يدفعك نحوك، متأثرًا متفاعلاً بما يُعيدك مرئيًا، متوهجًا، مزهرًا كما كنت تعرفك..!!
تبحث عن ذاتك في كل شيء متعلقٍ بك، وفي كل شيءٍ اعتدت عليه، تراقب عاداتك، ردود أفعالك، ولربما تعيد حكاية نفس القصص التي عشتها بحثًا عما كنت.
في الحياة ما يسحبك ويشدك لداخلك، ويصرف عنك التركيز في كل ما يحدث هناك، حيث أولئك الصادقون، والأوغاد كذلك. كل أولئك الذين اصطدمت بهم دون أن تميّزهم ودون أن تعلم ما يخبئونه خلفهم..
مهما كنت طيبًا ومُحبًا ولطيفًا فليس بالضرورة أن يعاملك الآخر بمثل ما أنت عليه..
ستعتاد أن تكتم صوتك لأمدٍ طويل حتى تنسى كيف كان يبدو، ستبتلع الحزن وتستسيغه ساخرًا من كل معاناةٍ تلمحها حولك، ستتحاشى الذكريات وأنت تضحك على كل الحكايات الماضية..
وها أنت الآن تتلّقى الدرس وحدك، تتجرع مرارة الفهم وحدك، قد يطول الزمن لتفهم الحكاية، وقد تطول رحلة إدراكك لتصل لاستنتاجٍ يوجز المعنى؛ بأنه مهما كنت طيبًا ومُحبًا ولطيفًا فليس بالضرورة أن يعاملك الآخر بإنصاف وبمثل ما أنت عليه..
ففي الجانب الآخر من الحياة توجد القسوة واللامبالاة، ولكنك ستتغلب عليها بحنانك أنت ولطفك، وجزءٌ من الظلام ستتخطاه أنت بنورك وإيمانك..
غريبةٌ هي التفاصيل التي تغيّرنا في لحظة من الزمن..!!
فهل أستطيع أن أجزم الآن وأقول: بأنني نسيت كل شيء!! نسيتُ أحزاني الغائرة، نسيت قصصي القديمة، نسيتُ بيتنا القديم كيف كان يبدو، نسيت عاداتي المفرطة في الضحك والحياة..
هل أستطيع الآن أن أجزم وأقول: بأنني لم أعُدْ أتذكرك، لم أعُدْ أرى لك أي أثر، وكأنك كنت ومضةً خافتةً عبرتْ حياتي لحظة سهوٍ وانطفأت.
هل أستطيع الآن أن أجزم وأقول: أنا لم أعُدْ هي.. ولكنني الآن أكثر طمأنينة بنفسي وبقلبي وبكل القصص التي لم أعُدْ أذكرها، وبكل القصص التي توحّدت بنبضي، فصيّرتني (أنا) تلك التي لا تعرفها، ولن تراك أبدًا..
غريبٌ هو الإنسان، وغريبةٌ هي التفاصيل التي تغيّرنا في لحظة من الزمن..!!
لم يكن التغيّر مصدرًا بل فعلاً مضارعًا يطال كل لحظة نتنفسها ويزيحها نحو مسارٍ جديد
نحن نسعى لنتغير، لنجوّد أفكارنا، لنُحسن نمط حياتنا، ونظل نسير في كل اتجاهٍ ممكن بحثًا عن نقطة التغيير، ولكنها تختبر صدقنا، وتمتحن الحقيقة فينا وتظل تلوح وتختفي كالسراب إلى أن ترتطم بنا في لحظةٍ لم نتوقعها..!!
حيث يستسلم كل شيءٍ للتغيير، للتحول، للانتقال. لم يكن التغيّر مصدرًا بل فعلاً مضارعًا يطال كل لحظة نتنفسها ويزيحها نحو مسارٍ جديد.
أَحِبْ من قلبك لتجترئ..!!
لا يبدو الأمر بهذه البساطة، فهل تجرؤ حقًا لتتقبل فكرة التغيير، لأن تكتسب عاداتٍ جديدة، لأن تتقبل في دوائر حياتك أشخاص جدد، أن تسمح لقلبك بتجربة معانٍ جديدة للشغف..
أتجرؤ حقًا نسيان مامضى وتمضي بدون أدنى أسى، أن تحكي الحكاية وقلبك مبتسم، وتنظر للوجوه دون أن تثير ذاكرة الألم..؟!