قُل لي:  ما اسمك؟


صفاء عباس | Sophia

" يناديها: سامية..

وهي تلتفت بصمت متثاقل: نعم يا سامي..!!"


      في مشهدٍ يبدو كتورطٍ دائم، كعقدةٍ لا تنحل بين شخصين، كالتصاقٍ معنوي وانصهار للكينونة، في لحظةٍ بدا المشهد أمامي ثنائي الأبعاد، مسطحًا، لا زوايا، لا مسافات، لا أنماط..!!


     دائمًا ما يلفت انتباهي أسماء الأشخاص، أصوات الحروف في أسمائهم، كل اسم يحمل موسيقى تختص به، كل اسمٍ يُشعرني بأن له لونًا، ترنيمة على اللسان، مذاق حذِق، وربما عذِقُ طيب الرائحة..


     ومما يشغل ذهني أيضًا الأشخاص الذين تتشابه أسمائهم، أو تتشابه بعض الحروف في أسمائهم، ويستدعي ذلك تساؤلاً في نفسي: هل ربما يصير هذا التشابه بين الأسماء إلى تشابه بين الأشخاص؟ هل يستدعي تطابقًا في صفاتهم، في مرآة أرواحهم؟ وما يدعوني للدهشة أكثر ارتباط مثل هؤلاء الأشخاص ببعض كأصدقاء أو زملاء أو بعلاقات أكثر عمقًا كأن يكونوا أزواجًا مثلاً، بغض النظر عن التشابه شبه المقصود بين أسماء أفراد العائلة الواحدة.       

والاسم هو الكلمة التي تدل على معنى في نفسها ولا تقترن بزمان. لذا كان الاسم دلالة عميقة على معنى الذات.

      بحثت كثيرًا في هذا الصدد، ومما أثار انتباهي أثناء القراءة والبحث؛ دراسة تُعرف بـ:  تأثير حروف الاسم وتُعرف بالإنجليزية: (Name-letter effect) وهي ظاهرة تُوَضِّح الاتجاه الداخلي للأشخاص لتفضيل الحروف الواردة في أسمائهم على باقي الحروف الهجائية الأخرى. فعندما يُطلب منهم اختيار الحرف الذي يُفضلونه من مجموعة من اثنين، أو اختيار مجموعة صغيرة من الحروف التي يفضلونها، ففي العادة يختار الأشخاص الحروف الواردة بأسمائهم الخاصة أكثر من غيرها.


     والأهم من ذلك أن الأشخاص لا يُدركون أنهم يختارون حروفا من أسمائهم. هذا التفضيل الشخصي منبعه تقدير المرء لذاته، ولما للاسم من دلالة عميقة وارتباط بالذات، فالاسم ألصق شيء بالإنسان، والاسم هو الكلمة التي تدل على معنى في نفسها ولا تقترن بزمان. لذا كان الاسم دلالة عميقة على معنى الذات.

كل اسم يحمل موسيقى تختص به، كل اسمٍ يُشعرني بأن له لونًا، ترنيمة على اللسان

         وقد اكتُشِفَت هذه الظاهرة في عام 1985 من قِبَل عالم النفس البلجيكي "جوزيف نوتين"، وقد ورد مصطلح "تأثير حروف الاسم" في عشرات الدراسات لموضوعات مختلفة في أكثر من 15 دولة. حتى إن الأشخاص الذين غيروا أسماءهم منذ سنوات عديدة يميلون إلى تفضيل الحروف الواردة في كل من الأسماء الحالية والأصلية على غيرها من الحروف. ويظهر التأثير بصورة أبرز للأحرف الأولى، ولكن حتى عندما يتم استبعاد الأحرف الأولى، تظل الحروف المتبقية من كل من الأسماء وأسماء العائلة هي المُفَضَّلَة على باقي الحروف.



       وحوالي عام 1977، بينما كان عالم النفس البلجيكي "جوزيف نوتين" يقود سيارته على طريق سريع ويجول ببصره في لوحات السيارات لاحظ أنه يفضل اللوحات التي تحتوي على أحرفٍ من اسمه. وتساءل عما إذا كان الناس عموما يفضلون المحفزات التي ترتبط بهم بطريقة أو بأخرى؛ وهي ما تعرف بـ: "ظاهرة مجرد الانتماء" . وهذا ما يعطي تفسيرًا لارتياح البعض لتشابه أحرف أسماءهم بالآخر، أو ربما يوحي برابط انتماء منشأه الاسم.


      أظن أن المجال يحتاج إلى دراسات تجريبية أكثر، لمعرفة ما إذا كان هنالك تأثير حقيقي لظاهرة الارتباط الناشئ بين الأشخاص الذين تتشابه أسماؤهم: ( سامي- سامية ؛ جميل – جميلة؛  فايز- فايزة؛ ....).


وهذا ما يعيدني للسؤال: قل لي: ما اسمك؟!

Join