ماذا لو..؟!

في طريق ممتد، تجلس بجانبي، نتجاذب الحديث لنقطع رتابة الطريق الطويل.. وكعادتها المتلهفة للتساؤل..

تسألني: لو عاد الزمن للوراء، ماذا ستغيرين.؟!

أطرقت لدقائق في صمتٍ، وعيناي تنظر للطريق الممتد وهو يشبه شريط عمري، وقصة تاريخي، ولاح في خاطري تساؤل: أنحن من يجتاز هذا الطريق وهذه الذكريات، أم هم من يجتازونا ويمضوا.!!

مرّ للحظة شريط العمر كله أمامي.. وأنا أعيد السؤال لنفسي:

ماذا كنت سأفعل لو عاد الزمن للوراء..؟

مضيت يا أبي دون أن تخبرني كيف هي الحياة بوجهها القاسي الذي كانت تخجل من حبك وحنانك أن تظهره لي..

وما لبثت تنهيدةٌ ثقيلة تتحشرج في صدري، وأنا اتنقل بين الذكريات..


رأيتُ أبي وودت لو عاد الزمان لأحتضنه أكثر مما كنت أفعل، لأحكي له كل أحلامي المخبئة، التي انتظرت أن أفاجئه بها وفاجئني برحيله..!!

مضيت يا أبي دون أن تخبرني كيف هي الحياة بوجهها القاسي التي كانت تخجل من حبك وحنانك أن تظهره لي.. ولكنها فعلت..!!


التفتُّ قليلاً بعيني لأراكِ أروى، أخت قلبي وتوأم نبضي، ووددت لو أني أحببتك أكثر مما فعلت، لقاومت النوم أكثر لأسمع قصصك، لأضحكتك أكثر لأجل أن نضحك معًا، لفعلت مغامرات أكثر معك، ولكنكِ ترجلتي ومضيتي دون أن تودعيني..!! دون أن تخبريني كيف يعيش المرء من دون أخت..!!

استمريت ظنًا مني أن الوقوف استسلام، ولكن لا بأس أحيانًا بأن نستسلم..!!

رأيتُ أشخاصًا وددت أني أحببتهم أكثر، تمسكت بهم، ولكن الحياة كانت أقوى من رغبتي، ورأيت آخرين وددت أنني لم أفسح لهم في حياتي مجال، وددت لو أنني لم أرد الابتسامة، ولم أجب على الرسالة، وددت أني مضيت أشق طريقي ونظل غرباء..!!


نظرت لاختياراتي الماضية وددت لو أني توقفت وغيرت مسلكي وطريقي، ولكنني استمريت ظنًا مني أن الوقوف استسلام، ولكن لا بأس أحيانًا بأن نستسلم..!!


أما أنت؛ أيها الحاضر في الغياب، الغائب في الحضور، لو عاد الزمن للوراء وددت أننا لم نلتقِ، لم نكتشف الحُب، لم نتبادل النصوص والقصائد، ولم نطرب لغناء الطيور على وقع فراقنا..!!

أما أنت؛ فقد كنت شفائي ودوائي..!!

صفاء عباس


وفجأةً بيدها الناعمة تشد كفي؛ أين شرد ذهنك..!؟؟ ما زلت انتظر جوابك..


تنبهت قليلاً وكأني أفقت من دوامة ندم وجزع، واستمر قلبي يبحث عن جواب:

كل الحب الذي وددت أن أمنحه لأبي وأختي كان كافيًا وعلى قدر استطاعتي، وكل مالم يخبروني به هي خبرتي الآن في الحياة..

كل الأشخاص المقدّر غيابهم، كان هذا نصيبهم مني في الحياة، وكل الأشخاص الذين استثقلتُ الآن وجودهم هم دروسي واختباراتي في الحياة..

أما أنت؛ فقد كنت شفائي ودوائي..!!

ما هو مقدر لك؛ سيعرف طريقه إليك..

وديدن الحياة هو: ما هو مقدر لك؛ سيعرف طريقه إليك..

 What's meant to be will always find a way

 نظرت لها وعيناها تبرق من شدة تعطشها نحو الجواب الذي تنتظره مني..


ابتسمت وقلت لها:

لا، لن أغير شيئًا أبدًا..!!

من خلال الإجابات تتعرف إلى ذكاء الإنسان، أما من خلال أسئلته فتتعرف على حكمته

نجيب محفوظ
أسعد بمتابعتك لي.. وإذا لديك استفسار، تفضل هنا

تعليق أو استفسار

Join