دراسات خربوطية


بين الحين والآخر تظهر لنا اخبار عن دراسات اجريت حديثا تقترح علينا اشياء مثل ان النوم مبكرا او متأخرا قد يؤثر على الصحة او يزيد الذكاء او يقلل الانتاجية في العمل <هالدراسات مادة دسمة لمذيعين الراديو>. الحقيقة ان هنالك عدد لا بأس من هذه الدراسات يبدو انه يفتقد لأهم المبادئ الاحصائية اللازمة لتعميم نتائجها <بالمختصر كلام فاضي>.


في هذا المقال اشرح ثلاث مفاهيم مهمة تستطيع ان تستخدمها كبداية لتقييم صحة تعميم هذه الدراسات <بتساعدك بسرعة تميز الغث من السمين>


قبل ان اشرع في الحديث عن هذه المفاهيم اريد اشرح مفهوم مهم وهو فكرة اخذ عينة <هذا المفهوم والله خطير ولو ما في الاحصاء الا هذا المفهوم لكفاه>.


اخذ عينة

جزء كبير من الاحصاء يتمحور حول فكرة جوهرية وهي اخذ عينة. فكرته باختصار هي انك تستطيع ان تعرف عن مجموعة كبيرة بأخذ جزء صغير منها فقط وتحليله <بس جزء صغير يعني ما تحتاج الكل. كيف؟ركز معاي في هالمثال>.


مثال, في الانتخابات الأمريكية تؤخذ عينة من الآف الأمريكان ويسألون عن المرشح الذي صوتوا له ومن خلال هذه العينة يمكن التنبؤ بالمرشح الفائز قبل إعلان نتائج الانتخابات <يعني ما يحتاجون كل المصوتيين اللي عددهم اكثر من ميتين مليون>. باختصار, يتمم تعميم نتائج هذه العينة على كل المجتمع. 


فكرة العينات يمكن تطبيقها ليس على البشر بل على اي مجتمع <وهنا قوة مفهوم اخذ العينة>. على سبيل المثال, عندما تأخذ رشفه من كأس شاي لتعرف ماذا اذا كنت تحتاج اضافة سكر فأنت عمليا تطبق هذا المفهوم. في هذا المثال, الرشفة هي العينة بينما كل الشاي في الكأس هو المجتمع <شايف القوة؟ ما يحتاج تشربه كله حتى تعرف اذا يحتاج سكر. طيب تخيل معي وعاء شوربة وتبي تتأكد من الملح, برضو الرشفة هي العينة ووعاء الشوربة هو المجتمع ومن رشفة واحدة تقدر تعرف عن كل الوعاء او تعمم, طيب تخيل معي صحن رز .. لا خلاص كافي خيال>


١- عدد المشاركين

هناك طرق احصائية لدراسة العدد اللازم لتعميم نتيجة الدراسة على مجتمع ما <كل ما كبر حجم المجتمع المفروض ان العدد يتغير, عينة من سكان الرياض غير عن عينة من سكان الخرج>. كل ما زاد عدد المشاركين كل ما قلت نسبة الخطأ. الباحث يستطيع من قبل ان يبدأ دراسته ان يعرف عدد المشاركين او حجم العينة المطلوب من خلال هذه الطرق او من خلال المواقع التي توفر حاسبة لهذا الغرض. 


في بعض الأحيان وفي الدراسات الغير علمية والغير رصينة <لو تقرأ بتشوف امثلة خطيرة> والتي قد تهدف لتسويق نتيجة ما يقوم الباحث بأخذ عينة صغيرة جدا وقد لا يذكر العدد ويقوم بادعاء ان نتائجها تمثل المجتمع المأخوذة منه.


على سبيل المثال, احد شركات معجون الأسنان الأمريكية قامت بعمل دراسة على مدى مقاومة معجونها للتسوس وخلصت الى ان لمنتجها نتائج مبهرة وكل ذلك مثبت علميا < الامريكي او الاروبي تقوله قال العلم.. يقولك سلمنا>. ما لم تذكره هذه الشركة بصراحة هو ان عدد المشاركين في الدراسة كان صغيرا جدا <هنا كانت اللعبة> وبالتالي لا يمكن تعميم نتائج دراستها.

٢- التماثل

العدد في العينات ليس هو اصعب ما يعوق تعميم نتائج الدراسات ولكن التحدي عادة هو اخذ عينة تماثل المجتمع المأخوذة منه.


تصور معي اني أريد ان ادرس رضا الطلاب عن منهج مادة التربية البدنية في مدينة الرياض في المرحلة المتوسطة. اذا اخذت عينة من الف طالب قد تكون هذه العينة  كافية لتعميم نتيجة الدراسة من ناحية العدد.


اما من ناحية الكيف فلو أخذت عينة من الف طالب من عدة مدارس بنين من طلاب الأول متوسط من مدارس شرق الرياض فقد لا يكون ذلك كافيا لتعميم النتائج والسبب هو ان العينة قد لا تمثل  (١) كل المرحلة المتوسطة (٢) البنين والبنات  (٣) وكل مدارس الرياض.


احد الامثلة المشهورة على أهمية التطابق او وجود عينة متماثلة هو استطلاع اراء المصوتين في الانتخابات الامريكية عام ١٩٣٦م. احد المجلات قامت بالاتصال هاتفيا بحوالي مليونين ونصف أمريكي وسؤالهم عمن سيصوتون له في الانتخابات. كانت هذه العينة كبيرة جدا وعليه فكانت المجلة واثقة من تعميم نتائج دراستها وتسمية الفائز بالانتخابات.


الذي حدث ان النتيجة كانت خاطئة <من كثر فداحة الخطأ, دراستهم صارت مثال يدرس لليوم> وفاز الرئيس الأمريكي روزفلت <هذا الرئيس خطير بس مو موضوعنا الان> في حينها والسبب هو انه في ذلك الوقت لم يكن سوى ميسورين الحال يملكون هواتف في منازلهم<زي ايام جوال ابو عشرة الاف>, فالعينة التي اخذتها المجلة لم تكن ممثلة للمجتمع الأمريكي .

٣- الاختيار عشوائيا

الهدف من اختيار المشاركين عشوائيا او ما يسمى بالعينة العشوائية <الاسم ممكن يحسسك بلخبطة لكن فكرته خطيرة> هو تجنب تحيز نتائج اي دراسة. العينة العشوائية تعني ان نختار المشاركين في العينة ليس بسبب الجنسية او الجنس او العمر او اي عامل آخر بحيث يكون لدى كل فرد من افراد المجتمع نسبة احتمالية متساوية في اختياره كمشارك و وجوده في العينة.


تخيل في المثال السابق عند الحديث عن التماثل انني اخذت مدارس من كل اجزاء الرياض للمرحلة المتوسطة للبنين والبنات ولكن عند دخولي للمدرسة وسؤال الطلاب عن مادة التربية البدنية لم اسأل سوى الطلاب الذين يجلسون في الصف الأمامي.


في هذه الحالة نتيجة الدراسة قد تكون متحيزة حيث ان الطلاب المتميزون والحريصون على الدراسة <بعض الدوافير ما يعترفون اصلا بالتربية البدنية> قد يكونون الغالبية في الصف الأمامي وبالتالي قد تكون انطباعاتهم جدا ايجابية او سلبية ولا تعكس رأي عموم الطلاب.


في المثال السابق لتطبيق الاختيار العشوائي قد يرقم الباحث مقاعد الطلاب ويسأل اولئك الذين يجلسون في المقاعد الفردية او الزوجية. في مثل هذه الحالة فإن العينة عشوائية <لاننا ما اخترنا بسبب شكل او لون وخلافه>  ونسبة تحيز النتائج تبدو شبه معدومة.


دراسات كن متوجسا من تعميم نتائجها

انضم إلينا