الشعور بدنو الأجل
استيقظت يوم سبت في الصباح الباكر وتوقعت ان يكون كأي اي سبت آخر الان ما حدث لي ذلك اليوم لم يحدث لي من قبل في حياتي. بعد مرور اقل من نص ساعه على استيقاظي روادني شعور غريب. شعرت اني لن احيا لنهاية ذلك الأسبوع.
الموت أكثر الحوادث صدقاً .. ولهذا فهو أكثر الحوادث رعباً أيضاً
احمد رفيق عوض
راودتني بعد ذلك مشاعر غريبة كان اولها هل فعلا نحن نشعر بدنو أجلنا؟ بحثت في الانترنت ولم اجد شيئا يروي فضولي باللغة الأنقليزية لكن وجدت بعض القصص باللغة العربية لشيوخ يتحدثون عن بعض اولئك الذين شعروا بدنوا آجالهم. كثير من هؤلاء تصالحوا مع اقاربهم او اصدقائهم وزاروهم بعد جفوه ونسيان والسبب كان شعورهم بقرب الرحيل. هذه القصص عززت لدي ان ما اشعر به قد يكون فعلا حقيقة وان النهايه اصبحت جد قريبة.
قد تظن ان شعوري هذا غير شيئا في حياتي لكنه لم يفعل الا القليل. لا أدري هل هو الخوف او الرغبة في عدم التصديق لكن تقريبا لم افعل اي شيء مختلف. الشيء الوحيد الذي راودني طوال ذلك الأسبوع هو الشعور بالحزن على اولئك الذين كنت اتحدث معهم من اقارب واصدقاء وزملاء في العمل. كنت انظر اليهم واضحك معهم ثم احزن لاني اشعر اني لن اراهم مرة اخرى. اردت ان اقول لهم وداعا ولكن لم اشعر اني استطيع ان افجعهم واحزنهم فقط لمجرد شعور شعرت به. ايضا, شعرت بالحزن على أبي - رحمه الله- فلن يعود هناك من يتذكره.
الشعور كان جد ثقيل. في ذلك السبت كتبت وصيتي. لم تكن تلك الوصية سوى رسائل لاولئك الذين اعتقدت اني املك الكثير من الوقت لأخبرهم كيف اشعر اتجاههم او اشاركهم بعضا من تجارب الحياة التي تمنيت ان تكون مفيده لهم. ايضا طلبت ان يتذكروني بفعل خير فليس هناك أسوأ من ان يطويك النسيان وينقطع عملك. كان الشعور بالحزن طاغيا علي بسبب اولئك الذين شعرت ان ذلك المصاب سيفجعهم ولكن كان عزائي كان ان لا خوف عليهم من بعدي باذن الله وان احسن ما في الانسان انه يعتاد اي شيء.
اردت ان اخبر زوجتي من البداية لكنها لم تدعن اكمل فهي تبغض هكذا سوالف. بعد عدة أيام اخبرت احد اصدقائي وانزاح عن صدري بعض من الحزن. قبل نهاية الأسبوع اخبرت صديقا آخر. المشاركة وعدم الكتمان ساعدت في تخفيف الوطأة وجعلت الأمر اسهل الا انها لم تغير شعوري بقرب النهاية.
في احد الليالي شعرت ان روحي فعلا ستقبض. كنت مستلقيا على سريري في الظلام وانظر الى السقف واتذكر الموت واشعر انه ربما الليله هي تلك الليلة. واسيت نفسي وذكرتها برحمة الرحمن الرحيم, سبحت وتشهدت دون توقف … حتى غلبني النوم.
قد تعتقد ان هذا الشعور اتاني بسبب ضيق او كآبة الا ان العكس هو الصحيح. الحمدلله فأنا أعد نفسي من المحظوظين والسعداء باولئك الذين حولي من عائلة واصدقاء وحتى زملاء في العمل. ايضا, لم يحدث ان توفى احدهم ممن حولي في تلك الفترة. كل هذا جعل شعوري غريبا جدا وجعلني اشعر انه لا سبب له سوى قرب النهاية التي لا مفر منها.
اتى السبت التالي ولازلت حيا. شعرت ذلك اليوم اني ولدت من جديد رغم يقيني اننا يوما ما راحلون. كانت الحياة تملأ كل نفسي. الحمدلله اولا واخيرا.