لماذا الإقتصاد !؟
سبحان من يُغيِّر و لا يَتَغيَّر ..
في أيام دراستي الجامعية , درست مادتين من مواد الإقتصاد ( الكلي , و الجزئي) و لم أكن أطيق مادة الإقتصاد فهي مادة جافة جداً , تضعك حائراً في وسط المجهول, فلا تدري أين تصنفها هل هي رياضيات بدائية , ام نصف محاسبة , هذا بالنسبة للمادة العلمية أما من ناحية المحاضرين (دكاترة الجامعة) فهم أشخاص يميلون في بعض معتقداتهم الى الإلحادية وأن لكل سبب مسبب.
لم تتغير فكرتي عن عالم الإقتصاد إلا عندما ارتابني الفضول لفك شيفرة المصطلحات التي يطلقها مذيعوا الأخبار على شاشاتنا و كأنها شيفرات , فلعلم الإقتصاد عالم و لغة خاصة و بما ان كيندلي(جهاز Kindle) موجود بحثت عن كتب تتعلق في مجال الإقتصاد بهدف إدخالي في اجواء هذا العالم و كانت بداياتي من كتاب أبي الغني و ابي الفقير .
علماً ان هذا الكتاب لا يحتوي على أي علاقة في عالم الإقتصاد , لكنه يعطيك نظرة من بعيد على هذا المجال , و الخطأ الذي وقعت به و اعتقد ان العديد منا يقعون فيه أيضاً , هو اعتقادنا ان عالم الإقتصاد هو الإستثمار و البورصة.
بعد ان انتهيت من قراءة كتاب الاب الغني و ابي الفقير لمؤلفة روبرت كيوساكي , شعرت بأنني بحاجة الى جرعات اضافية من هذا العالم , القيت نظرة على افضل الكتب في قودريدز , و كونت مكتبة كبيرة بكتب الإقتصاد و التهمتها بشكل سريع و كأنني مدمن هيروين من الطراز الرفيع !
عندما أبحرت في هذا العالم تغيرت نظرتي للعديد من الأمور المحيطة حولي , لكنني ما زلت اعتقد ان عالم الإقتصاد عجيب جداً . و من هنا اريد ان اخذك في جولة و أجيب على سؤال التدوينة.
لماذا الإقتصاد ؟
في الحقيقة يحيط بنا الإقتصاد في كل جانب من جوانب الحياة , فقراراتك التي تتخذها في معظم الأمور تعتمد بشكل مباشر على منظورك الإقتصادي , فما الذي يحدد مكان السكن الخاص بك او فئته, ركوبك لسيارة من طراز و موديل معين , او حتى شراء قميص من ماركة بعينها . يعتمد كل ذلك على قرارتنا.
ولكن اللإقتصاد أعمق من ذلك بكثير فكما وضحت سابقاً لا يعتمد عالم الإقتصاد بدراسته الجانب المالي فقط , لكنه له علاقة بالمال و لكن ليست الهدف منه تحديداً . يفسر الإقتصاد كيف تسير الأمور من حولنا و لماذا تتجه الى ذلك الإتجاه .
فلنفترض أن شركة أبل ماكينتوش قررت تخفيض سعر جهاز الأيفون الأخير من 1000 دولار الى 300 دولار لمدة 3 أيام فقط فما الذي سيحدث ؟
ستفكر بشكل سريع أن جميع المحيطين بك سيمتلكون جهاز أيفون ببساطة !
و لكن أعتقد ان المدينة ستتعرض لفوضى لم ترى مثلها من قبل ! , الأزمة المرورية الخانقة في كافة الأسواق , طوابير غفيرة أمام معارض الهواتف لشراء الأيفون , ربما يحدث مشاجرات ينجم عنها جرحى بل و قتلى إذا تعدى احد على طابور الآخر , ربما يستغل المجرمون هوس الناس بالخبر فتحدث فرصة تاريخية لا تعوض للسطو على المنازل , يرتفع معدل القروض الى درجة مرعبة في البنوك و ربما لا تستيطع اعطاءك المبلغ الذي طلبته طيلة الأيام الثلاث .
هذه السناريوهات البسيطة خطرت على بالي و انا اكتب التدوينة من مخيلتي دون تخطيط و ربما لو أستنفذت وقتاً أطول لتطرقت الى سيناريوهات اكثر عمقاً و كئابة . و لكن الى الآن ما رأيك بشكل مبدئي في عالم الإقتصاد ؟! اليس جميلاً
إن المشكلة التي تواجه البعض (وانا منهم) عند قراءتنا للمواضيع الإقتصادية أننا نستعين بالمراجع او المصادر الغير مناسبة لعالم الإقتصاد , كقراءة كتب مخصصة للأغراض الأكاديمية مثل كتب الإقتصاد الجزئي أو الكلي , وهذا الذي يدفعنا الى الغاء الفكرة مباشرة بعد فقرتين جافتين من اول صفحة في هذه الكتب.
لذلك قررت بمشيئة الله تسجيل سلسلة بسيطة و جميلة في عالم الإقتصاد على شكل مواضيع صوتية (بودكاست) إضافة الى التدوينات وإيصالها اليك على شكل جرعات خفيفة تأخذك الى مستوى متقدم في عالم الإقتصاد و قصصه الجميلة .
الى هنا تنتهي تدوينتي على أمل اللقاء بك عزيزي القارئ و قريباً المستمع مرة آخرى