الحلقة (4) - المعالج والمراجع في العملية العلاجية
الضيف: د.أحمد الهادي
- أستاذ مشارك واستشاري الطب والعلاج النفسي
- مشرف كرسي سابك لأبحاث وتطبيقات الصحة النفسية
تحدثنا عن:
متى يبدأ دور المعالج والمراجع في العملية العلاجية الدوائية ؟
ما هو دور كلاً من المعالج و المراجع في العملية العلاجية الدوائية ؟
الجلسات العلاجية غير الدوائية متى بيبدأ دور كل من الطرفين وهل هي مشابهة للعملية العلاجية الدوائية أو هنالك اختلاف؟
كيف من الممكن أن يكون دور الأسرة في العملية العلاجية سواء الدوائية أو غير الدوائية ؟
نص الحلقة
أ-حصة الغامدي:
اليوم الدكتور أحمد سنتكلم عن دور المعالج والمراجع في العملية العلاجية الدوائية وغير الدوائية وتصحيح كثير من التصورات الخاطئة عن دور المعالج والمراجع في العملية العلاجية، على سبيل المثال: تصور أن الدور الغالب أو الدور الكلي سيكون لأحد الأطراف دون الآخر... وغيرها من الأمثلة، وهذا يعيق العملية العلاجية. دعني أسألك أول سؤال: متى يبدأ دور المعالج والمراجع في العملية العلاجية الدوائية؟
د-أحمد الهادي:
أعتقد أن الأدوار تبدأ قبل المقابلة حتى، وأغلب الناس ينتقد دور الطبيب، ومن المفترض حينما أقابل الطبيب أو حينما يقابل الطبيب المراجع أن تبدأ الأدوار من هنا، وأعتقد أنها تبدأ أولًا من ناحية المراجع فهي تبدأ من اختياره للمعالج، بمعنى هل قام المريض باختيار الطبيب أو الاستشاري بعناية أو أنه كان مفروضًا على المراجع بسبب أو لآخر، مثلاً: أنا حاليًا أتعالج في هذا المستشفى، ولذلك اختار لي المستشفى هذا الموعد، أحيانًا هذا تحدث أشياء مثل هذه؛ لكن بالنهاية أعتقد أنه من المهم جداً أن يقوم المراجع أو المريض باختيار طبيبه بعناية من البداية إذا كان هناك إمكانية لذلك، بل ويحرص على هذا الموضوع بحيث يعرف مثلاً نوعية التدريب الحاصل عليه الدراسة التي حصل عليها ومعرفة تخصصه، وهل مرت عليه حالات مشابهة أو لا، وأحياناً يكون هناك تخصصات دقيقة ومن الجيد أن الاستشاري أو الطبيب الذي نختاره يكون ضمن التخصص الدقيق للمشكلة الموجودة عند المريض، بمعنى أو أظن أن المقابلة تبدأ بمجرد الموافقة على الموعد أو اختيار العيادة أو الطبيب نفسة.
أ-حصة الغامدي:
حسنًا، ما هو دور كُلًا من المعالج والمراجع في العملية العلاجية الدوائية، هل لازلنا في العملية الدوائية العلاجية؟
د-أحمد الهادي:
ممتاز، أظن أن المقدمة التي بدأتي فيها كانت رائعة صراحةً، فعادةً حينما نتكلم عن طريقة العلاقة بين المعالج والمراجع أما يكون المعالج طبيبًا استشاريًا غالبًا إذا كان العلاج دوائيًا، فالطب النفسي إذا كنا نتكلم عن موضوع الصحة النفسية والطب النفسي فإن الدور يكون حسب الشيء الذي يرتاح له الاستشاري والمريض عادة، بمعنى: أتذكر سابقًا كان هناك نظرة للاستشاري أو الطبيب يأخذ دورًا قريبًا من دور الأبوة، فهو الأب والمريض آتٍ ليتقبل منه أي شيء يقوله له بذاك لا يكون لي دورًا في النقاش ولا في اتخاذ القرار، ما دام قال كذا أو كذا انتهى، أنا سأمشي معه، لكن الآن النظرة بصراحة تغيرت قليلًا، بالرغم من أن بعض المعالجين مازال يرى أن المراجعين والمرضى يفضلون هذه الطريقة بمعنى أنا آتٍ لدى المعالج وليفعل المعالج ما يراه مناسبًا، ولكن هناك مجموعة أخرى يفضلون أن يكون هناك نقاشًا وشرحًا يكون فيه أشراك للمراجع أو المريض في عملية اتخاذ القرار ووضع الخطة العلاجية، تقريباً بحديثنا عن العلاقة هذه التي نسميها "العلاقة الأبوية" فنحن صراحةً لا نحبذها، أيضًا هناك نوع آخر من الأدوار التي بين المراجع والمريض والطبيب وهو أن تكون العلاقة علاقة صداقة يسمونها "فريندلي" أي كأنه صديق بمعنى ألا تكون الحدود المهنية فيها واضحة، بمعنى أن المريض إذا احتاج صديقا فمن الممكن أن يتصل عليه الساعة 12 في الليل مثلاً لأنه صديق ولا أتكلف معه، وكذلك المراجع يتوقع أن يحدث ذلك بينه وبين الطبيب أو الاستشاري، هذه العلاقة مثال على أن العلاقة لو ذهبت للاتجاه الأخر أيضاً ليس جيدًا، فالأفضل صراحةً هي التوسط أن تكون علاقة مهنية بحيث أن كل واحد يأخذ دورة تقريباً.
حسنًا الآن في الأدوار، ما هي الأشياء المطلوبة؟ مثلاً المراجع مثل ما قلنا قبل قليل أن موضوع اختيار الطبيب هذا مهم جداً بناءً على التخصص والدراسة والتدريب، أيضاً من الأشياء المطلوبة عند المراجع أو المريض حينما يحضر لموعد خاصةً لو كان أول مرة مع استشاري أو طبيب أن يجهز الأشياء والمشكلات والصعوبات التي يواجهها أو التي نسميها الأعراض تقريباً، فماهي الأشياء التي يعاني منها فعلًا طوال الفترة الماضية وإذا كانت مكتوبة أفضل وأفضل، بمعنى أنه يجلس هكذا قبل دخوله إلى الطبيب بيوم يجهز قائمة للمشكلات الموجودة عنده، بماهية الأشياء التي يرغب من الطبيب أن يعالجها، بمعنى يساعد الطبيب فيها، و في معرفة ماهي أهدافة، قد تكون كلمة عامية وغير محددة ولكن يمكن أن نقول أنه من الأفضل أن يأتي وهو "يعلم ما يريده بالضبط" من هذه المقابلة أو الموعد، من الأدوار المهمة أيضًا والمطلوبة من المراجع أو المريض موضوع "الوضوح" وأن يجيب فعلًا على الاستفسارات للطبيب وبوضوح، فلا يكون هناك عدم قولٍ للحقيقة، فبعض الناس مثلاً قد يجامل يقول أشياء معينة والأفضل بصراحة أن تكون الأمور واضحة، وإذا كان هناك سؤال معين ولا يرغب أن يجيب عليه فمن المفترض أن يقول أعتذر لا أريد الإجابة على هذا السؤال، ولا أعتقد أن هناك استشاريًا متدربًا بشكل جيد سيتضايق من جواب مثل هذا، وهذه تقريباً واحدة من أهم الأشياء في المواعيد التي نسميها الدوائية، مثلاً في الطب النفسي إذا كان يستخدم أدوية معينة يجب أن يحضرها معه أو سبق له واستخدم، بعض الناس بصراحة يأتي ويقول من 3 سنوات استخدمت دواءً والحمد لله ساعدني كثيرًا، حسنًا ما هو الدواء؟ يجيب بـ والله لا أعلم فيكون جيدًا ومناسبًا للطبيب والاستشاري أن يكون على معرفة باسم الدواء وجرعته والمدة اللي تم أخذ الدواء بها، هذه من أهم الأشياء صراحة، فإذا كان لديه تحليلًا معينًا قام بعمله في السابق فمن الجيد أن يحضره معه أيضاً لهذا الموعد، نأتي لدور المعالج أو الطبيب أو الاستشاري بالتأكيد من أهم الأشياء السرية والخصوصية وأنا أعتقد أنه من المفترض ألا نتكلم فيه لأنه أمر منتهي ومحسوم ومفروض، فلا يركز عليه أحد، أيضًا من المهم في الموعد أو في العيادة أو في المستشفى معرفة أن للمريض الحق في أن يكون الموضوع سري وخاص ولا يطلع عليه أحد خاصةً إذا طلب المريض ذلك، ويوجد نقطة معينة صراحةً أن الاستشاريين والأطباء يكتبون في الملفات الطبية معلومات لكي يتذكرونها فيما بعد ويكون فيه توثيق، وأحياناً بعض المرضى أو المراجعين يقول لك أنه لا يرغب بكتابة المعلومة وأنا أعتقد أن هذا حق للمريض أو المراجع ألا تكتب ويحاول الاستشاري أن يتذكرها أو يحتفظ فيها بمكان آخر بحيث أنها تكون خاصة فيه فقط، ومن الأدوار التي من المفترض أن يقوم فيها الطبيب المعالج "دور المثقف" بحيث أنه يجب أن يشرح للمريض ماهي المشكلة الموجودة لديه إذا كان هناك تشخيصًا يجب أن يبلغه بالتشخيص الموجود وأيضاً بالخطة العلاجية مثلًا هذا الدواء ما هي قصته في حال كان يحتاج دواءً، وكيف يعمل؟ وماهي الأعراض الجانبية المتوقعة؟ ومتى تظهر نتائجه؟ حسنًا، في حال حدثت أشياء معينة، ما الذي أستطيع فعله؟ هذه من أهم النقاط فقد يأخذ المريض الدواء وبعد يومين يظهر له عرض جديد وتصبح لديه مشكلة، وهذه مشكلة بصراحة، فنحن دائمًا نعطي نصيحة عامة أنه إذا فعلًا ضايقك الدواء بشكل مزعج ولا تستطيع تحمله ولم يخبرك عنه الطبيب فالأفضل أن تذهب إلى الطوارئ فخدمة الطوارئ موجود 24 ساعة في المستشفيات الكبرى فتوجه لها وأخبرهم ما الذي حدث معك، وبعض المستشفيات وبعض العيادات يكون لديهم طريقة للتواصل بين الطبيب و المريض مثلاً رقم معين للعيادة أو للمستشفى أو يتصل ويقول أنا لدي استفسار كذا وكذا أتمنى أن يصل إلى الطبيب إما أن يتواصل معي أو لا، وهذه للأسف صعبة قليلًا في القطاع الحكومي وإذا كان المريض والمعالج يريد أن يصل للمعالج أو الطبيب فإنه يصل له بصعوبة، أما القطاع الخاص أفضل وأسهل.
أ-حصة الغامدي:
هناك شيء أود قوله، بخصوص هذا الموضوع، ولربما هو كلام موجه للمراجعين وربما هذه النقطة ملاحظة كثيرًا في المستشفيات الحكومية، ففي المستشفيات الحكومية ضغط كبير على الأطباء، وكمية العمل هائلة، لذلك من الممكن أن بعض الأطباء ينسون بعض المعلومات التي قد تكون أساسية أحيانًا، يعني مثلا تأتي إلي مريضة لا تعرف ما هو تشخيصها، أو ما هي أسماء الأدوية، أو كيف تعمل أو متى سيبدأ مفعولها، وتأتي لتسألني عن أعراض معينة وتسأل هل هي أعراض جانبية من الدواء أم ماذا؟ أو تسأل عن متى من المفترض أن ينتهي الكورس الدوائي؟ فأظن هنا بأنه دور المراجع أيضًا أن يسأل الطبيب لأن ذلك أحد حقوقه أن يسأل الطبيب إذا نسي أن يخبره، فليس عبء الأمر كله أن يسأل، بل يحق للمريض ذلك أيضًا.
د- أحمد الهادي:
أنا أتفق معك تماماً، وبعض الناس يقول لك: أن الزيارة خاصةً إذ كانت الزيارة الأولى يستغرب بعض المراجعين إذ كانت قصيرة، فنحن عادةً في الزيارة الأولى للتشخيص وللخطة العلاجية من المفترض في الطب النفسي ألا تقل عن نصف ساعة، والبعض يرى أنه لابد أن تكون 50 دقيقة، فالهدف ليس الوصول إلى التشخيص وكتابة دواء، لا بل الهدف بناء علاقة علاجية، أن أفهم بالضبط من أين جاءت المشكلة هذه وما هي العوامل التي سببتها وجزءًا من الأمر قد يأخذ وقتًا وهو شرح الموضوع والذي نسميه "التثقيف النفسي" في المشكلة الموجودة وتشخيص ما هي الأعراض الموجودة، وكيف وصلنا إلى هذا التشخيص، وما الأسباب، وما مقدار انتشار المشكلة في المجتمع، وهل هو قليل أم كثير، وهل هذا الموضوع لدى المراجع فقط أم الكثير يعانون منه، هذه معلومات يجب أن يعرفها المراجع وأيضاً موضوع الدواء، والأشياء التي قلناها بصراحة قبل قليل أن المعالج عندما يشرح الموضوع فيأخذ من وقته على الأقل من 5 إلى 10 دقائق أحياناً، وهذه بالتأكيد تكون جزءًا من الموعد، المواعيد التي من بعدها ستكون أقل وقتًا لأن الموضوع صار أسهل فعلياً، وأنا أعتقد ذلك، بمعنى أنه من ضمن أدوار الطبيب المهمة جداً من ضمن أدوار المراجع أو المريض أن يسأل إذا كان الطبيب لم يعطه معلومات كافية، فبعض الناس يخاف ويقول أخاف أن أُغضِبه، أو أن آخذ وقتًا أطول، وأنا أعتقد أن هذا من حقك، ويجب أن تطالب بحقك وإلا لن تحص عليه.
أ-حصة الغامدي:
طيب دكتور بخصوص الجلسات العلاجية غير الدوائية، متى يبدأ دور كل من الطرفين؟ هل هو نفس الشيء كا في العملية العلاجية الدوائية أو هنالك اختلافًا؟
د-أحمد الهادي:
أنا أعتقد أنها قريبة جداً من بعضها، صراحة قبل الموعد تبدأ باختيار المعالج من طرف المراجع أو المريض وإذا اختار المعالج النفسي وبعد رحلة طويلة إلى حد ما تصبح المواعيد متكرر تقريباً كل أسبوع أو أسبوعين عددها لا يكون قليلًا، ليست مثل زيارات الدواء، التي تكون أحياناً كل شهر أو شهر ونصف، فتكون متباعدة طوال فترة العلاج، فمن الممكن ألا يرى الطبيب الاستشاري المريض إلا 3 أو 4 مرات فقط الحمد لله، لكن في الجلسات العلاجية الموضوع يختلف، والعلاقة تكون أعمق والجهد المبذول فيها أكبر من الطرفين، من المعالج وأيضاً من المراجع.
أ-حصة الغامدي:
حسنًا، دعنا نتحدث عن ما هو دور كل من الطرفين في هذه العملية العلاجية غير الدوائية؟
د-أحمد الهادي:
أنا أعتقد أنها تشترك في بعض الأشياء التي تكلمنا عنها قبل قليل، مثلًا موضوع السرية والخصوصية من ناحية المعالج كما ذكرنا مهمة جدًا، أيضاً من واجب المعالج أن يعمل على موضوع مساعدة المريض ليكون مرتاحًا في الجلسة، وهذه واحدة من أهم الأدوار صراحةً، للأسف قد لا يوجد طريقة محددة نعلمها للمعالجين الذين يعملون في العلاج النفسي مثلا خطوات معينة 1 و 2 و 3 وانتهى بذلك سيكون المريض يكون مرتاحًا، دائماً يقولونها باللغة الإنجليزية put the patient at ease كيف أجعل المريض مرتاحًا معي، وهذه تتمثل بطريقة الأسئلة، والمكان المختار للمقابلة أو للعلاج النفسي، والوقت، وأن أحاول مساعدة المريض أن يختار الوقت، بمعنى أن أوفر له أوقات متعددة، وليس وقتًا واحدًا فقط وألزمه فيه، أيضاً من أدوار المعالج أن يوضح للمريض الكلمات التي يتوقع أن تكون غير واضحة مثل ألا يستخدم مصطلحات علمية صعبة ويتوقع من المريض أو المراجع أن يعرفها، أيضًا أن يطرح أمثلة كثيرة من الناس، وعندما تنتهي الجلسة العلاجية أسأله ما أكثر شيء أعجبك في الجلسة، فيقول صراحة الأمثلة كانت كثيرة، ووضحت لي الصورة، وهذه الفكرة جدا ممتازة في الجلسات، أيضاً بعض الناس بما أنها أول تجربة يمرون فيها كمراجعين أو كمرضى يتحفظ قليلًا من ناحية أنه يخاف أن يأخذ المعالج فكرة عنه، مثلاً أتذكر كانت لدي إحدى المراجعات بعد فترة قالت لي معلومة معينة، واستغربت، وقلت لها أنت لم تخبريني إياها من البداية، فقالت صراحة كنت خائفة أن تأخذ عني فكرة، فقمت بتوضيح الأمر لها أن الموضوع هذا من صميم مهارات المعالج النفسي ألا يصدر الأحكام، فمن المفترض أني أن المعالج مختلف عن بقية الناس الذين في المجتمع، بحيث أنه لا يصدر أحكامًا على المراجع الذي أمامه ويحاول تفهم أسباب تصرفاته ولِمَ يفعل هذا، ولما أصبحت لديه المشكلة الفلانية، هذه أيضاً من أهم الأشياء وتقريباً هنا يكمن دور المعالج، وإذا أتينا للحديث عن دور المراجع، فقد اتفقنا قبل قليل أن اختيار المعالج يجب أن يحدث بعناية؛ لأن الناس يتفاوتون في قدراتهم من ناحية العلاج تقديم المهارات وطرق العلاج، فيجب أن يتأكد المراجع من المعالج... ذلك مهم جدًا، فيجب أن يأتي المراجع وهو عارف بما يريده من العلاج النفسي جيدًا وإذا كان بباله توقعات معينة أو حلول سريعة فمن المحتمل بأن الجلسات لا تقدمها له، لذلك يجب أن يعرف أنها تحتاج وقتًا مبذولًا في هذا الأمر وجهدًا وطاقة، ويعتمد هذا على نوع العلاج النفسي الموجود، مثلاً في العلاج المعرفي السلوكي دائماً نتكلم عنه ونقول أن دور المعالج في هذه العملية العلاجية يتراوح بين 30% إلى 40% وربما أقل، ودور المراجع أو العميل والمريض فيها أكبر بكثير بمعنى مهما أعطى المعالج من مهاراته إذا لم يتم تطبيقها لن يستفيد المراجع، أيضًا يجب ألا يتوقع المريض أو المراجع أن تحسنًا عاليًا في بداية الجلسات أو فارقًا كبيرًا، فمثلًا يقول من جلسة إلى اثنتين سأتحسن فعادةً التحسن يبدأ بعد الجلسة الخامسة أو السادسة، أما الجلسات الأولى غالبًا لا يكون فيها تحسنًا أو أحياناً صراحة يكون فيها زيادة في الأعراض، لأن المريض يبتعد فيها عن مواضيع مزعجة له ويتحاشها ولا يريد التكلم فيها لأنها فعلاً مزعجة، وحينما نبحث عن المشاكل الموجودة لديه ومن أين أتت وكيف أتت، ودائماً نعطي مثال للجلسات ونقول أن هذه العملية في البداية قد تكون مؤلمة ومزعجة مثل الشخص الذي يكون لديه التهابًا في عضو ما ويسبب له ألمًا وعندما يذهب إلى المستشفى ليساعدوه في المرض هذا هل هو متوقع أنه قد لا يكون هناك أي ألم عندما يذهب؟ بالعادة يكون هناك ألم قد يكون حتى أكثر من الألم الموجود سابقًا، فأحيانًا يقول المريض أن جئت لكي أتعافى وليس لأتألم أكثر.
أ-حصة الغامدي:
بالتأكيد سيكون هناك ألمًا، كألم تنظيف الجرح وتعقيمه وخياطته لو كان يحتاج.
د-أحمد الهادي:
هذه هي الفكرة سبحان الله، أنت تحتاج أن تتحمل قليلًا في البداية لكي ترتاح بإذن الله، فألم مؤقت أحسن من ألم مزمن وطويل، هذه تقريباً الفكرة الموجودة، نقطة أخيرة قد تكون مهمة جداً وهي الالتزام بالمواعيد في الجلسات العلاجية، هذه من أهم أدوار المراجع، وأيضاً الالتزام بالتمارين إذا كانت موجودة، والتي يتم الاتفاق عليها في الجلسة، لأن ساعة في الأسبوع أو في الأسبوعين ليس من المتوقع أن تحل المشكلة، صراحةً الأهم هو تطبيقها خارج الجلسة، فإذا لم يكن هناك تطبيق، فللأسف سيتأخر التحسن ويكون أقل، ولو كان المريض أو المراجع فعلاً ويطبق الخطة العلاجية التي يتم الاتفاق عليها في الجلسة فسيتحسن.
أ-حصة الغامدي:
حسنًا، بخصوص الأسرة، كيف من الممكن أن يكون دور الأسرة في العملية العلاجية؟ سواء الدوائية أو غير الدوائية؟
د-أحمد الهادي:
الحمد لله نحن في مجتمع يتميز بالترابط الأسري أكثر بكثير من المجتمع الغربي، وهذي ميزة يجب استغلالها، والحمد لله أنها تُحدِث نتائجًا ممتازة جدًا، بشرط أن الأسرة لا تتجاوز الحدود، فبعض الأسر "أعطاهم الله العافية" يكون لديهم حماية زائدة للمريض ويهتمون به بشكلٍ مبالغ فيه، ولا يتركونه يقوم بأي عمل، وهذا لن يأتي بنتائج جيدة، وعلى النقيض، الإهمال وألا انتبه لهذا الأمر ولا أحرص عليه سيء أيضًا، وأحسن شيء هو موضوع التوازن فدورهم أنه فعلاً إذا كان هناك مشكلة أو لاحظوا أمرًا على ابنهم أو أن لديه مشكلة ما، يأتي دور السؤال عن الأمر وعما حدث وسؤاله إذا ما كان يحتاج إلى مساعدة وكيفية القيام بذلك، فبعض الناس مثلاُ لا ينتبه على نفسه أو لا يعلم إذا ما كانت فعلاً لديه مشكلة نفسية لدرجة أنه لا يستطيع أن يفكر بحل، ولا يخطر على باله أنه يحتاج إلى زيارة مختص فهنا يأتي دور قادر يفكر بالحل ولا يخطر على باله أنه يحتاج فعلاً إلى زيارة مختص، وهنا يأتي دور الأسرة في المساعدة في هذه النقطة تحديدًا، أيضًا إذا كان هناك أدوية من الجيد أنهم ينتبهون له هل يستخدم الأدوية أم لا؟ وإذا كان هناك صعوبات في موضوع العلاج النفسي والوصول له، كيف يستطيعون أن يخففون من الصعوبات هذي يعني أو يلغونها تماماً، أيضاً جزء مهم وكبير من الموضوع ألا يكون هنالك لومًا على المريض فبعض الأسر تضغط على المريض بإخباره بأنه يجب أن يكون قويًا، ولا أعتقد أن هذا يساعد، وبعض الناس يعتقد بأنه تجعل الشخص قويًا وهي غالبًا تعود بنتائج عكسية للأسف.