الحلقة (1) - حول الاضطراب النفسي

الضيف: د.ماجد علي الحربي

-استشاري الطب النفسي المساعد، مدينة الملك عبدالعزيز الطبية الحرس الوطني.
-زمالة الطب النفسي من المجلس العربي للتخصصات الصحية.
-شهادة التدريب من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في الطب النفسي .

تحدثنا عن:

  • ما هو الاضطراب النفسي ولماذا نصاب فيه ؟

  • هل الأدوية النفسية  تسبب الإدمان؟

  • أهمية العلاج الدوائي و النفسي في الاضطرابات النفسية .

  • معلومات مهمة عند اخذ العلاج الدوائي .

  • ما مدى تعارض طب الأعشاب مع الأدوية النفسية؟

نص الحلقة

أ.حصة الغامدي: 

دكتور ماجد سنتكلم اليوم عن بعض موضوعات الاضطراب النفسي، وبالتأكيد قد يصاب الجميع بالاضطراب النفسي ممكن سواء كان غنيًا أم فقيرًا، أو حاصلًا على أعلى الشهادات التعليمية، أو أميًا، الكبير أو الصغير، صاحب القدرات العالية أو المنخفضة، بل قد أصاب به أنا أو قد تصاب به أنت، أو حتى مهندس الصوت عبد الرحمن، أتمنى أن تشرح بطريقة علمية مبسطة ما هو الاضطراب النفسي ولمَ نصاب به؟


د. ماجد الحربي:

بدايةً، عندما نقول اضطرابًا أو مرضًا نفسيًا فإن بعض الأمراض النفسية أو الاضطرابات غير معلومة السبب، لكن عادةً الاضطراب النفسي هو عبارة عن خلل معين في تكامل عوامل عديدة مثل / العوامل النفسية، والعوامل الاجتماعية، والعوامل العضوية، فليس بالضرورة أن تكون كل الأسباب نفسية فقط، أو اجتماعية فقط أو عضوية،  وأحياناً قد يكون الإنسان مصابًا بمرض أو باضطراب نفسي معين ولا يظهر لنا سبب له، وغالبًا الأمراض النفسية الحالية هي عبارة عن مجموعة من الأعراض النفسية تتكامل، ثم تكون هذه الأعراض دالة على "عنوان معين" وهذا العنوان قد نستخدمه مع الوقت لمساعدة المراجعين وتقديم الخدمة النفسية، سواءً كانت خدمة اجتماعية أو نفسية أو حتى علاجه باستخدام الأدوية النفسية.


أ.حصة الغامدي:

حسنًا، بمناسبة حديثنا عن الأدوية النفسية، يوجد الكثير من الأفكار التي قد تكون مغلوطة عن الأدوية، مثلًا، حينما تقوم الطبيبة بتحويل المراجعة لي –اتباعًا لنظام وزارة الصحة- فأجد بعض المراجعين يقومون برفض أخذ الدواء، فتطلب مني الطبيبة إقناعها حيث أنها محتاجة للدواء لكن لا تريد أخذه، وأحياناً في القطاع الخاص يفضل المراجع زيارة المعالج النفسي لأن لديهم فكرة أن الدواء النفسي قد يسبب الإدمان، أتمنى شرح هذه النقطة بشيء من التفصيل.


د. ماجد الحربي:

بداية حينما نعرض المساعدة على المريض فإنه لابد أن يكون هناك أسبابًا توجهنا لاستعمال الدواء أو أي خدمة معينة، مثلًا: حينما يكون المريض لديه اكتئاب شديد جداً، ويقرر الطبيب في تلك اللحظة أن هذا المراجع لا بد أن يأخذ الدواء، في هذه الحالة يجب ألّا نقول حينما يرفض المريض الدواء بأنه يجب تحويله على العلاج النفسي، حيث أن بعض الخيارات التي قد يتم استخدامها مع المريض قد لا يستفيد منها المراجع.

أعود للحديث عن الدواء نفسه، الدواء هو عبارة عن أنواع كثيرة من الأدوية النفسية، مثل: ما نسميه بمضادات الاكتئاب ومضادات الذهان ومضادات القلق ومثبتات المزاج، كل هذه الأدوية لا تسبب الإدمان؛ لكن ربما يربط الناس أخذ الدواء لفترات طويلة بفكرة الإدمان، وأقرب مثال هي مضادات الاكتئاب عادةً إذا ما وُصِفت للمراجع نقول له أنه حينما تتحسن لابد أن تأخذ هذا الدواء لفترة لا تقل عن 6 أشهر إلى 9 شهور بعد التحسن حسب اتباعًا لمَراجِع معينة، بالتالي قد يشعر المراجع أن استخدامه للدواء بهذه المدة هو إدمان، لكن الأدوية التي تسبب إدمانًا فعلًا ليست أدوية نفسية بل هي أدوية يتشارك كل الأطباء في صرفها وتسمى بأدوية البنزودازبين فهذه يصرفها طبيب الطوارئ، وطبيب الأعصاب، والطبيب النفسي، وطبيب الباطنة، وأطباء كثير جداً. وهذه الأدوية نسميها الأدوية المهدئة، وهذي الأدوية المهدئة لها مدة استخدام معينة عادة لا تزيد عن شهر واحد بشكلٍ مقنن وتحت رقابة. أما مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان ومثبتات المزاج فهذه لا تسبب أي إدمان، حتى الأدوية التي تستخدم عند لصغار السن وهي الأدوية المنشطة فإن الدراسات لا تظهر وجود نسبة إدمان أن كبيرة لها. 


أ-حصة الغامدي:

هل يمكن أن تفصل ما المقصود بأدوية الصغار المنشطة؟ 


د-ماجد الحربي: 

هي الأدوية التي تستخدم مع الأطفال الأدوية، مثل ما يستخدم في فرط الحركة وتشتت الانتباه عادةً، أيضًا يقال أنها تسبب الإدمان لكن إذا استخدمها الطبيب في علاجه استخدامًا واضحًا وبجرعات واضحة فإن نسبة حدوث الإدمان فيها قليلة جداً، والفكرة كما قلنا سابقًا أن الدواء يحتاج أن يؤخذ على فترات طويلة مثله مثل العلاج النفسي؛ فالعلاج النفسي له بداية ونهاية وأحياناً قد تكون المدة طويلة على حسب الخطة العلاجية،  وهذا يعني أن احتياج الدواء بشكل يومي أو متابعة الجلسات النفسية بشكل أسبوعي لا يعني إدمان المريض؛ فالإدمان شيء مختلف، الإدمان يعني احتياج المريض لمادة معينة وحينما يتوقف عن تعاطي هذه المادة يشعر بأعراض انسحابية نتيجة المادة، مثلاً بعض الناس الذين يتعاطون الكحول إذا تعاطاها بشكل يومي وتوقف عن ذلك تظهر له إما أعراض كلاسيكية أو أعراض انسحابية وتخف هذه الأعراض عندما يرجع للدواء، والرجوع للدواء النفسي يكون بسبب أن بعض المرضى تستدعي حالته أن يأخذ الدواء لفترة طويلة  وحينما يتوقف في نصف العلاج ترجع له أعراض الاكتئاب أو أعراض القلق أو أعراض الذهان.


أ-حصة الغامدي :

بالضبط، وهل هذه إحدى الأمور التي نقول عنها حالة إدمان على الدواء؟ 


د-ماجد الحربي:

هذا ليس إدمانًا ولا أعراضًا انسحابية، الأعراض الانسحابية هي التي تكون معاكسة لأعراض المادة، مثل إذا تعاطى الشخص مادة إدمانية معينة يكون جزء من الدماغ قد تشبع من هذه المادة فعندما يوفقها الإنسان يشعر بأعراض انسحابية، لكن مع الأدوية النفسية تتكرر أعراض الاكتئاب السابقة عندما أتوقف عن الدواء، معنى ذلك أني بحاجة إلى أن أكمل هذا العلاج لمدة معينة، وعادة الأفضل هو التكامل وذلك يعني تكامل جميع الجوانب النفسية والعضوية والاجتماعية، مثل تكامل الأسباب التي أدت إلى الاضطراب، فلنفرض هذا السنياريو: شخص ما رآهُ الطبيب، وقرر هذا الشخص أنه بحاجة إلى دواء، وعلاج نفسي، وتدخل اجتماعي، فتتكامل هذه العوامل  الثلاثة، وللأسف بعض العيادات الخاصة لقد تهمل هذه النقطة وذلك بسبب أنهم بحاجة إلى جعل المريض يأخذ نتيجة سريعة أو أحياناً فقدان التكامل هذا في العيادات.


أ-حصة الغامدي :

من الممكن أن عدم وجود طاقم كافٍ أو أحياناً بعض الأشخاص لا يكون لديهم رخاءً ماديًا ليدفعوا قيمة العلاج الطويل، ولكن في العيادات الحكومية أظن هذه المشكلة غير موجودة. 


د-ماجد الحربي :

في العيادات الحكومية عادةً يحضر الاجتماعات لمقابلات المريض طبيبًا، ومعالجًا نفسيًا ومعالجًا اجتماعيًا،  لتقديم الخدمة الكاملة للمراجع وهذا هو الأفضل، لكن لا نقول أن كل مريض يحتاج نفس أسلوب العلاج، فبعض المرضى في بعض الأوقات قد يكون التدخل ممنوعًا، على سبيل المثال: حالة ذهان حادة جداً، في هذه الحالة قد يكون الدواء هو الأقرب، وحماية المريض، وحماية ذات المريض، وحماية الآخرين، أهم من بقية العوامل فالتدخل بالعلاج السلوكي قد يزيد حالته سوءًا، والذهان هي حالة يشعر فيها الإنسان باضطرابات معينة تجعله يشك في الآخرين، ويفسر تفاسير معينة، ويفسر بعض الأسئلة بشكل غريب لذلك ليس من الضرورة أن كل شخص له نفس العلاج، فكل إنسان له بصمة مختلفة، حتى إذا ما مرِضَ الإنسان تحتاج حالته المرضية أن نقرأها بشكل صحيح، ونحتاج إلى الجلوس مع المريض وأخذ المعلومات الكافية، وذلك كي نوجهه للجوانب الأمثل في علاجه أما أخذ المرضى على أنهم مجرد حالاتٍ أو عناوين، مثل أنت تعاني اكتئابًا وعلامته على الورق متوسط اذهب فورًا  للعلاج النفسي والدواء وانتهى دور المعالج! بالطبع لا؛ يجب أن نحدد ما يحتاجه هذا المريض.


أ-حصة الغامدي:

أحياناً من جانب آخر، على سبيل المثال، بعض المراجعات تأتي وتقول أنا لا أريد أخذ الدواء، ذلك ليس بسبب فكرة الإدمان، بل لأني أريد العلاج من خلال العلاج المعرفي السلوكي، مثلاً: أساعد نفسي بنفسي من خلال التكنيك الموجود في هذا العلاج أن أتحسن دون دواء، وبالطبع نحن نقول بصفتنا متخصصون في العلاج المعرفي السلوكي أن الحالات النفسية أو الاضطرابات النفسية وليست العقلية التدخل العلاجي فيها مهم سواءً كانت الحالة بسيطة أو متوسطة أو شديدة، لكن أما أن تكون من متوسطة إلى شديدة بالذات "شديدة" ننصح  بأن يستعمل معها الدواء، ليكون التحسن أفضل وأسرع طبعاً، وحينما نقول أسرع لا نعني بذلك يومين أو ثلاثة، ولا حتى أسبوع، بل يجب أن يكون هناك فترة أسابيع، ويعتمد ذلك على الحالة، وأحياناً إذا تناول المراجع الدواء النفسي وحصلت له أعرضًا جانبية، فإنه للأسف بعض الأطباء ينسى شرح الأعراض الجانبية، فعندما تحصل له الأعراض الجانبية يترك الدواء، مارأيك؟ 


د-ماجد الحربي:

هذه نقطة مهمة جداً، ففي بداية أول جلسة ما بين المراجع والمعالج لابد أن تحصل العلاقة العلاجية وهي عبارة عن وسيلة حصالة مستقبل، مثلاً: أنا عندما أجلس مع المراجع، ويشعر بالراحة في أول جلسة، ويشعر أنني حاضر لتقديم المساعدة له، حينها أبدأ بشرح الأعراض الجانبية له قد لا أحيط بكل الأعراض الجانبية في أول جلسة للمراجع لكن عندما أشرح بالتفصيل لهذا المراجع فحتى لو حصل أي شيء بإمكانك أن تعود مرة أخرى وتشرح له وهذا العلاقة الوطيدة مهمة جدا لالتزام المراجع بأدويته، ولهذا الموضوع تأثير حتى على العلاج الذي هو حكر على الدواء النفسي فقد يترك المرضى والمراجعين أدويتهم، ويوجد دراسات تثبت أنه عندما يقوم الطبيب بتقديم معلومات كافية ويكون على دراية بالحالة ويشرح فإن نسبة التزام المرضى بالأدوية تكون أكبر، فمثلاً أدوية السكر فإن الكثير من الناس تتركها، والمنطق يقول لك أنه من الأسهل ترك الدواء النفسي حيث أن المرضى قد لا يرون الاضطراب  النفسي بوضوح، مقارنة بترك دواء السكر حيث أن نسبة السكر تزيد في الدم وبالرغم من ذلك يقوم الناس بترك الدواء.


أ-حصة الغامدي :

بعضهم يترك الدواء عندما يلاحظ تحسنًا مبدئيًا، يعني مثلاً يأخذه أسبوعًا أو شهرًا وشعر بتحسن قام بترك الدواء، وبالطبع حينها الأعراض تزيد سوءًا. 


د-ماجد الحربي:

وهذي هي النقطة الأساسية، أنه حينما يبدأ المريض بأخذ الدواء لابد أن يكون هناك شرح من قبل المعالج، وهذه هي النقطة اللي ذكرتيها قبل قليل أنه هل الدواء النفسي فيه يعرض للإدمان أم لا، حيث أن الدواء يؤخذ لفترة طويلة جداً، فمن الممكن أن يظن الناس أنه إدمانًا وبعض الناس يعتقد أنه قوي؛ بالتالي يقوم المريض بأخذ الدواء شهرًا ويظن أنه أخذ الدواء شهر فتحسن لذلك يقرر ترك والمقاومة بنفسه.

هنا نعود لأول جلسة لابد من أن تكون الخطة واضحة، ولابد من شرح واضح، أنت تعاني من كذا وكذا، بالتالي أنت بحاجة إلى كذا وكذا... 

ولا أٌوم بتقديم التنازلات، صحيح أن رغبة المريض مهمة جداً، ولكن أحياناً عندما تكون الأعراض شديدة لابد أن أكون صريحًا فلا أقول للمريض إذا كنت لا تريد الدواء دعنا نجرب شيئًا آخر، فعندما يكون المعالج مقتنعًا تماما بحاجة المريض للدواء، لا يجب تقديم تنازلًا لرغبة المريض وأقول فلنجرب خيارًا آخر، فبهذه الحالة المعالج يعطي المريض طريقة علاج هو غير واثق بأنه لن سيتحسن بها وفي لا يعرف في هذه الحالة هل سيتحسن مستقبلًا أم لا، أحيانًا بعض الناس قد يتحسن بعد سنة أو سنتين،  لكن الفكرة الأساسية هنا هو أنه لابد من الشرح الوافي من أول مرة أو حتى نعطي المراجع فرصة أن يقرأ عما يعانيه ويبحث، ومما أتذكره أن بعض الأطباء كانوا يمارسون الوصاية التامة على المرضى بمعنى أن المعالج أو الطبيب يقرر عن المريض كل شيء دون أخذ رأيه أما الآن فابستثناء وجود خطر على حياة المريض أو من حوله إلا أنه يمكنه أن يقرر أو يرفض الدواء أو يرفض حتى المعالجة كلها، والجيد أن الناس الآن صاروا أكثر وعيًا، حيث أصبحوا يقرأون أكث، حيث أذكر أن بعض الأشخاص قد قرأوا برتوكول علاجي معين ويأتي ليناقش طبيبه في خطوات العلاج ويطلب تخطي هذه الخطوة وتجاوزها لأخرى ويعبر عن رغبته بدواء عن آخر، رغبة المريض مهمة ومقدسة جداً بشرط ألا يضر نفسه بمعنى لا يضر نفسه بهذا الخيار أو يختار خيار علاجي خاطئ أو ينتقل إلى آخر الخطوات، مثلاً أن ينتقل من الخطوة الأولى إلى الشحنات كهربائية؛ هنا يجب أن نراجع أفكارنا ونجلس مع المراجع لفترة أطول.


أ-حصة الغامدي:

حسنًا، ماذا لو قال لك المراجع أن قريبا له أو صديقًا قام باستعمال دواء ما وتحسن عليه، وأريد منك أن تصف لي هذا الدواء، حيث أن الكثير من الناس يعتقد أن الأدوية النفسية ثلاث أو أربع، فيأتي ليطلب دواء بعينه، كيف تقوم بإقناع المريض بأن هذا الدواء لا يناسبه، مناسبته لشخص آخر لا تعني أنه يناسبك.


د-ماجد الحربي:

هو أي علاج يقدمه الطبيب من المفترض أن يعالج أعراض معينة، قد يصادف بعض الناس أنهم قاموا بالقراءة عن دواء معين مناسب لشخص يعاني ذات الأعراض الذي وصف من أجلها الدواء،  وهنا لا نقول بما أن فلان تحسن باستعماله سوف أصف لك ذات الدواء وسوف تتحسن مثله، إذا كانت الحالة متشابهة جدا وأصر المريض على نفس الدواء ولا يوجد من الدواء ضرر حقيقي، فلمَ لا؟ هذه قناعة المريض نفسه، لكن لا أقدم تنازلا، مثلاً أن يأتي شخصًا يعاني من نوبات قلق حادة، وسمع عن علاج معين، وأنا طبيب مقتنع بأن هذا العلاج لا يعالج هذه الحالة، حينها لا أقوم بتقديم تنازلًا وأقول لأنك تريد هذا الدواء سأكتبه لك هنا، لا فالموضوع ليس منطقيًا، لكن مثلاً إذا كان دواءً يعالج الاكتئاب وهنا شخص معروف اسمه قد تحسن عليه، وجاء من بعده المراجع لديه رغبة قوية أن يأخذ نفس هذا العلاج، فلا يوجد ضرر من هذا العلاج لو أخذه، بل على العكس يوجد دراسات تثبت أنه  من الممكن أن يتحسن عليه في هذه الحالة قد أمشي مع رغبة المريض بشرط أن يكون هذا الدواء يعالج الأعراض اللي يعاني منها، لكن سؤالك كان أن هناك من يأخذ وصفات جاهزة، بمعنى هناك من يقول أن ابن عمي أخذ العلاج الفلاني وتحسن عليه أكتبه لي أيضًا، وتأتي حالات كثير مثل هذه فيقول المريض مثلًا صديقي في الدوام تحسن على الدواء الفلاني لذلك أريده، يعني أنت تحتاج إذا قدمت المساعدة أن تكون مساعدة مبنية على تقييم وافٍ وكافٍ للحالة اللي يمر فيها المراجع.


أ-حصة الغامدي:

إذا قمنا بالمقارنة بين الأشخاص الذين لديهم اضطراب عقلي واضطراب نفسي، هل التزام الأشخاص الذين لديهم اضطرابًا عقليًا أفضل مع ملاحظة أن الاضطراب العقلي لابد من علاجه بالدواء على فترات طويلة، كيف تقومون بملاحظة التزام الأشخاص، وفي حال كانوا غير ملتزمين في أخذ الدواء ما الأشياء والطرق التي تقومون بعملها واستخدامها لإقناعهم بوجوب أخذهم للدواء؟


أ-ماجد الحربي :

هل تقصدين بالاضطراب العقلي الذهان؟ فالذهان والاضطرابات الذهانية هي مثل الموجات، موجات حادة أحيانًا ففي البداية لو كان مثلاً شخص يعاني من أعراض ذهان حادة فحينها حتى الخيارات قد تتغير ، أساسًا في التقييم الأول لأي مراجع لابد أن أحدد أولًا أين سأعالج هذا المريض هل هذا المريض سأعالجه في العيادة أم أعالجه بمصحة نفسية، كيف يجب أن تكون مستوى الخدمة أو أين أقدم العلاج. 


أ-حصه الغامدي :

تقصد بمصحة نفسية قد يحتاج لتنويم؟


د-ماجد الحربي :

نعم، يحتاج مثلاً لو كان يعاني اضطراب ذهان حاد وأخشى أن يضر هذا المريض أو هذا المراجع نفسه أو يضر الآخرين، والتشخيص الذي أحتاجه هو أن أجلس مع المريض ومراقبة المريض أكثر، وقتها لابد أن أنوم المريض لا أستطيع تقديم تنازلات في هذا الأمر، بعض الناس أحياناً يكونون من عائلة المريض ويقولون نريد أن تعطينا دواءً ونخلطه مع كوب ماء أو نضعه في طعامه، وهذه قد تكون طريقة غير صحيحة، بل من الممكن أن تزيد أعراض الذهان أحيانًا، بالتالي لابد أن أكون صريحًا حتى مع عائلة المريض، إذا كان يحتاج تنويمًا يجب فعل ذلك، أو إذا كان المريض يحتاج أن يذهب إلى الطوارئ فيجب أن يذهب لا أقدم تنازلات لرغبة أحد في هذا الأمر. 


أ-حصة الغامدي:

بصراحة ذلك لأنهم يواجهون صعوبة ففي أحيانٍ كثيرة نرى أشخاصًا لديهم أعراضًا ذهانية ولا يتناولوا الدواء لذلك يلجؤون لمثل هذه الطرق.


د- ماجد الحربي:

هذه أيضًا تعود للطبيب أحياناً، هنالك شيء يسمى التنويم الإجباري وحتى الآن مع النظام الجديد ستتغير أمور كثيرة جداً، إذا كنت أنا الطبيب مقتنعًا أن المريض لديه ذهان حاد ويحتاج إلى التنويم فمن الممكن أن يكون هناك تنويمًا إجباريًا، حتى لو كانت رغبة الأهل معاكسة، فمن الممكن أن يتم تنويمه في المستشفى، لكن لو تحسن مريض الذهان وخفت الأعراض الحادة حينها حتى العوامل التي تجعله يأخذ الدواء تصبح أخف والخيارات العلاجية تتغير لأنه غير ملتزم كثيرًا بالدواء، فمن الممكن أن يتحول إلى وسائل أخرى، مثلاً أجلس مع المريض وأشرح له أنه من الممكن أن نحول هذا الدواء إلى مثلًا حقنة تؤخذ كل أسبوعين أو كل شهر لضمان أن يأخذ نفس مستوى الدور في الجسم ويكون مستمرًا في أخذ الدواء، هذه أحد الخيارات الموجودة.


أ-حصة الغامدي:

بعض الأشخاص يؤمنون بما لا أدري ما أسميه أهو طب بديل أو طب شعبي، فيأخذون وصفات شعبية مع قبولهم بتناول الدواء النفسي وأحياناً هذه الوصفات والأعشاب ممكن تضر أو تقلل من فاعلية الدواء أو تسبب أعراض أخرى، وكيف تتعامل مع مثل هذه الحالات؟ وكيف تقنعهم ؟


د-ماجد الحربي:

طبعا نحن نعود إلى الأساس، وهو أن الإنسان حر بأي شيء يفعله، وأنا وظيفتي كطبيب أن أقدم المشورة فقط، لكن الناس الذين يأخذون مثلاً خلطات معينة، فأول شيء في الأمر أن الخلطة أو الوصفة أو الطب أو الدواء غير المثبت أو غير المصرح من هيئة الدواء والغذاء هو عبارة عن قنبلة موقوتة من الممكن أن يفيد ولكن من الممكن أن يضر بشكل كبير جدًا، فيوجد تعارض كبير جداً ما بين بعض الوصفات الشعبية والخلطات الشعبية والأدوية، فأغلب الأدوية، بل نسبة كبيرة من الأدوية يكون تكسيرها في الكبد أو الكلى عادة، لذا فإن أي دواء نأخذه قد يتعارض مع هذا الدواء وقد ويزيد من نسبة الدواء في الجسم أو يقلل من نسبة الدواء في الجسم أو أحياناً من الممكن أن يسبب أعراضًا جانبية خطيرة، بمعنى ممكن أحياناً لو فرضنا مثالًا بسيطًا مرض ما يأخذ جرعة من علاج أ 10 مل جرام، وقام بأخذ علاج شعبي معين، ومنع تكسير هذا الدواء في الجسم، فمن الممكن أن يتراكم هذا الدواء، ومن الممكن أن يسبب أعراضًا خطيرة، فبدل أن يكون جرعة 10 ممكن يصير جرعته 100 فالبتالي الأعراض الجانبية تكون أخطر، وحينها لابد أن نسأل المراجع نفسه، هل أنت تأخذ وصفات معينة، أدوية معينة؟ وهل أنت تتناول أعشاب معينة؟ خلطات معينة؟ لابد أن تكون واضحًا معي. وإذا كنت أن تنوي أخذ شيء ما في المستقبل يجب أن تخبرني، بالطبع نحن ليس مصرحًا لنا إجبار الناس على شيء، لكن لابد أن نساهم في توعيتهم بأن أخذك لدواء أو وصفة غير مصرح بها قد تسبب لك ضررًا.


أ-حصة الغامدي: 

حسنًا، دكتور ماجد، هل أنت تقوم بتحويل بعض المراجعين للعلاج النفسي؟ ومتى تقوم بفعل ذلك؟


د-ماجد الحربي:

أول العلاج هي الجلسة الأولى التقييمية، وهي التي تقوم بتحديد أين خارطة الطريق مع الوقت، والأنسب والأمثل أن يكون هناك تكاملًا وعلاجًا دائمًا، أما تقييمك للمريض أو المراجع في أول جلسة فهذا يقودك إلى الخيارات التالية أحياناً من الأفضل أن تقدم العلاج النفسي بطريقة أو بأخرى لكن يوجد مدراس معينة في العلاج النفسي يستفيد منها بعض المراجعين، يعني مثلاً لو افترضنا أقرب مثال الاكتئاب وكما نعلم يوجد منه الاكتئاب المتوسط  والاكتئاب الخفيف، مثلاً مريضًا يعاني من اكتئاب خفيف إلى متوسط، ولا يوجد موانع أو أسباب ليبدأ العلاج النفسي، والمراجع متحمس جداً وقادر على أن يتواجد، كم أنه قادر على الالتزام بخطوات العلاج النفسي، وقمت بتثقيفه عن هذا الشيء، حينها هذا الخيار هو الأنسب، أن أٌوم بتحويله مباشرةً للعلاج، وإذا استطعت أنا كطبيب وكان لدي التدريب الكافي في العلاج النفسي ولدي الوقت الكافي فمن الممكن أن أبدأ الجلسات النفسية مع المراجع وفي حال عدم توفر مكان لدي من الممكن تحويله إلى معالج آخر متخصص في هذا المجال ويكون قريبا، فعادةً المعالج النفسي لابد أن يكون قريبًا، بمعنى ألا يكون بعيدًا عن الطبيب، بل يجب أن يكون ضمن المكان، فأي عيادة أي مستشفى من دون معالج لا تستطيع أن تقدم ولا 50 % من العلاج، فلابد من التحويل دائمًا لكن لا يكون لأي مريض، فألاحظ في بعض الأماكن، وليس بودي أن نشعب المواضيع ثانيةً لكن بعض العيادات مثلاً قد تهدف للكسب المادي ولابد أن يقوموا بتحويل أي مريض إلى العلاج النفسي وذلك قد يحدث ضررًا عليه، فالتحويل كما قلنا يعتمد على حالة المراجع.

 



Join