نتفلكس في زمن الكورونا
أحاديث لاتمت للخيال بصلة
حسناً، أعترف بأن العنوان يبدو مبتذلا أكثر من اللازم! ولكن أرجو أن المحتوى من جهة أخرى يخفف من وطأته! منذ شهر مارس الماضي والسعوديين; بل العالم أجمع يعيش ظروفاً استثنائية، فلم يسبق للبشر أن يدخلوا في مثل هذه العُزلة الإلزامية لمحاولة إيقاف التفشي المرعب لفيروس كورونا الجديد، الذي أنطلق من سوق محلي للأسماك في مدينة صينية لم يسمع العالم عنها من قبل ليصل اليوم إلى أكثر من ١٨٣ دولة حول العالم ( قرابة ٩٠٪ من مساحة كوكب الأرض المأهول) وأن كان البعض يشبه ظروف الأزمة الحالية بما اجتاح العالم قبل مئة سنة على إثر وباء الانفلونزا الأسبانية الذي قضى على إعداد تتراوح بين ٣٠ إلى ١٠٠ مليون نسمة ( لا يوجد رقم متفق عليه)، إلا أن ذاكرتنا تقتصر على صور من هناك ومنشورات أرشيفية لجزء بسيط من ماكان يبدو عليه العالم ذلك الحين، فلا يمكننا قياس مدى فظاعة تلك التجربة التي مر بها العالم، ولكن وباء هذا السنة يعطني صور حية أكثر تفهماً لمدى وحشية تلك الأوبئة وما تفرضه من تغيرات قسرية في أنسجة المجتمع ومفاصل الاقتصاد لأي دولة.
أرجو أني لم أطلل الثرثرة هنا! سوف أعود الى العنوان المبتذل مرة اخرى. منذ اندلاع أزمة فيروس كورونا الجديد قامت العديد من المبادرات الأهلية والمؤسسية لتخفيف وطأت الاحترازات الصحية في العزل الوقائي الاجباري على المجتمع السعودي، عشرات البرامج ومئات الافكار التي ارتكزت على كيفية استثمار هذا الوقت الطويل جداً الذي يقضيه الفرد منا في منزله وكيف له أن يحقق مردوداً بشكل أو بآخر ويزيد من انتاجيته ايضاً -وهنا أشدد على أن ما أعنيه هي الانتاجية العقلية والصحية والبدنية وليس المساهمة في لائحة مواليد سنة الكورونا في العام الذي يليه!- مما أحببت من تلك المبادرات ما رعته وزارة الثقافة تحت شعار "الثقافة في العزلة“ تضمنت أبعاد متنوعة من الانشطة، منها ما نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة بعنوان ” أدب العزلة“ التي هدفت -وأنا هنا أقتبس من القصاصات الصحفية - (تحفيز المواهب الأدبية للكتابة خلال فترة العزل الوقائي، والتعبير عن المشاعر الداخلية بقوالب مختلفة من قصص وروايات ويوميات ونصوص). وكذلك مبادرة #تحديات_العزلة التي لا أعلم من القائم عليها إلا ان عدد من المؤثرين ذو السمعة الجيدة في اواسط التواصل الاجتماعي عملوا من خلالها على رعاية مبادرات متخصصة لاستقطاب مشاركة الجمهور المهتم، مثل تحدي محمد الموسى لمشاهدة ٥٠٠ مقطع تيد (Ted) أو تحدي عبدالله الجمعة لكتابة ١٠٠٠ قصة قصيرة أو مقالة عن العزلة وتحدي عبدالرحمن القاسم لتجربة طبخ ١٠٠٠ طبق (وليس مستغرباً ان هذا التحدي الأخير حاز على الاكثر مشاركة من الجمهور بما يقارب ٣ اضعاف العدد المطلوب !)
ولأن تلطيخ الصفحات البيضاء بالكلمات السوداء مهارة لم تنقصني يوماً، عملت على المشاركة في هذه الاجواء التشجيعية، ليس من أجل المشاركة بحد ذاتها، وأن حدثتني نفسك بذلك، إلا أنني مازلت أعاني من متلازمة (Deadline) كما يقولونها المتفلزكين. وأنني على قدر احترامي لكتب تطوير الذات وتقويم الإنسان إلا أنني لن أكل ذلك الضفدع! لهذا مضيت أعيش أيامي الرتيبة بكسل إلا أن تخمرت تلك الافكار بشكل كاف لأن أفتح تطبيق الملاحظات على هاتفي لأسجل أفكار عامة لمؤلف قد أراه يوماً متصدراً تلك المكتبة الشهيرة التي تحمل أسم احد الشعراء المتصدرين للعصر العباسي والذي كان خصيم وند الشاعر الفرزدق في تلك الحقبة، تسائلت ; هل أكتب عن يومياتي في العزلة! لا، أن أيامي تلك متشابهة أكثر من تؤام سيامي. ماذا عن الخيال وحبكات الحُب والمغامرة المستوحاة من قيود العزل الوقائي! لا أعتقد ذلك ايضاً فهذا لا يقل ابتذالاً عن العنوان ! وعن تلك التنبؤات الظريفة بأن كثير من المشاركات التي سوف تؤلف في هذه الفترة ستحمل سخرية الاسقاط على عناوين رومانسية شهيرة كالحب في زمن الكوليرا أو مئة عام من العزلة لجابرييل غارسيا ماركي. واذا مافكرت بالاتجاه للكتابة الساخرة فأنني أتعوذ وأنفث عن شمالي ثلاثاً! فلا تنقصني شماتة الاعداء حتى أمنحهم سوطاً بكتابة مهترئة.