للذكرى و التوثيق
للذكرى و التوثيق
للذكرى فقط :
في يوم الأربعاء الموافق للثاني و العشرين من شهر أبريل للعام العشرين بعد الألفين ، كنت أعمل في نوبة ليلية أي; من الساعة الحادية عشر ليلاً و حتى الساعة السابعة صباحاً في قسم الطوارئ بمدينة الملك فهد الطبية القابعة في مدينة الرياض ، كانت نوبة العمل ليست مرهقة ؛كعادة النوبة الليلة التي تتسم بالهدوء في مجملها . و بعد أن إنتهيت من تلك النوبة و هممت للذهاب إلى البيت ، تذكرت أن هذا اليوم الأخير قبل رمضان و بما أننا في فترة حضر تجول غراء انتشار و باء فايروس كورونا ، قررت أن استغل تواجدي في حرم المدينة الطبية و أشرب القهوة للمرة الأخيرة نهاراً إلى أن ينتهي شهر الصيام ، و بعد وصولي إلى المنزل لم يكن هناك الكثير من الأحداث التي تستحق أن تكتب فمعظم الوقت أنقضى بين التحضير لاختبار البارت و تصفح الويب .
اليوم التالي و هو اليوم الموعود ، فلقد تشبعت جميع مستقبلاتي العصبية بالسيراتونين ، هرمون السعادة ، اليوم الذي ينتهي فيه تكليفي في قسم الطوارئ بنهاية النوبة الليلية ، لطالما حلمت بمثل هذا اليوم و خصوصاً في ظل هذه الظروف ؛ فقد كنت على مدار هذا الشهر أتوجس خيفة أن يصيبني هذا الزائر و ينال مني أو أنال منه ، عموما انتهت هذه النوبة بفضل من الله ، و كنت قد قطعت الوعد لمن معي في المنزل أني سأكرمهم بطبخ العشاء بتلك الليلة و بالفعل وعدت و أوفيت بالوعد فلقد كانت وليمةً لذيذةً ، و بعد مرور يومين من ذاك اليوم الجميل فإذا بهاتفي يظهر فيه رقماً حاول الإتصال بي ثلاثاً ، وأعاود الإتصال به ، فإذا به الطبيب المقيم المسؤول من قسم الطوارئ يخبرني بأن هناك ممرضة كانت معنا في النوبة الليلة في يوم الأربعاء ظهرت نتيجة تحليلها إيجابية للكورونا وأنه يجب أن أعزل نفسي عن الناس و مخالطتهم و أن قسم الوبائيات سيقوم بالإتصال بي لمتابعتي وأن يجب أن أقوم بعمل المسحة الطبية لتأكيد الإصابة من عدمها،و بعد إنهاء المكالمة، هنا لوهلة بدأت أوسوس ، وبدات أجري عددا من الفحوصات الشخصية السريعة بدأ من البلعوم كتأكد أن لا يوجد إحتقان و الحرارة بأن لا تكون مرتفعة ، و لسخرية القدر أخبرت من يقطن معي في المنزل والذين تنالوا معي ما صنعتوه لهم من عشاء لذيذ بالواقعة ، و بدأ عليهم علامات الإنكار و قليلا من الحقن ضذ ، قلت لهم ضاحكا لقد أخبرت من قبل أن لا تجبروني على صنع العشاء ولكن أنتم من أصريتم .في اليوم التالي ذهبت إلى المستشفى و قمت بعمل المسحة التي اخترقت دماغي و تهلهلت دموعي ليس فرحا إنما عدم راحة ، و بعد مرور أربعة عشر يوما نحمد الله أنه لم تظهر الأعراض و نتيجة المسحة سالبة .