خطوة بخطوة، كيف تبدأ مشروعك الصغير؟


   يُقال بأنّ طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، كذلك المشاريع الكبرى تبدأ صغيرة!، وهذا ما قاله رائد الأعمال البريطاني "ريتشارد برانسون"، وبلا شك انّ عصرنا الحالي هو العصر المثالي لبدء أي مشروع تجاري حيث التقنيات التي سهّلت الكثير من المراحل التي كان يمر بها المشروع التجاري سابقًا، أضف الى ذلك، وجود الدعم الهائل من حكومات الدول لروّاد المشاريع أيًا كان حجمها، كذلك تعدد مصادر التمويل التي تزداد يومًا بعد يوم، وبالرغم من ذلك، لايزال الكثيرون لا يبرحون مكانهم وتقبع أفكارهم في مخيلتهم دون انّ يقوموا بتحويلها الى مصادر دخل حقيقية تدرّ عليهم المزيد من الأموال، وذلك بسبب عدم قدرتهم على البدء لنقص العزيمة والارادة وماشابه أو لعدم فهمهم لآلية البدء، من هذا المنطلق نستعرض عبر السطور التالية بعض الخطوات البسيطة التي تساعدك على البدء في مشروعك الصغير والانطلاق فيه بنجاح، كالتالي:


Ø      حدد ما تريد

   قبل الغوص في تفاصيل عملك المحتمل، من الأفضل تقييم نفسك من خلال طرح بعض الأسئلة والإجابة عليها بشكل مكتوب ومفصل، إذ ستساعدك هذة الأسئلة على تضييق نطاق تركيزك، كما ستجعل عملية التفكير والتخطيط بشكل واضح فيما بعد، فبدأ العمل التجاري لا يعتمد على الشغف وحده أبدًا.

بعضٌ من تلك الأسئلة التي ينبغي عليك طرحها، على سبيل المثال لا الحصر:

  • لماذا تريد بدء عمل تجاري؟ هل تريد المال والحرية والمرونة لحل مشكلة أم لسبب آخر؟

  • ما هي مهاراتك؟ وما هي الصناعات التي تمتلك خبرة فيها؟

  • هل تريد تقديم خدمة أم منتج؟

  • ماذا تريد أن تفعل بالضبط؟

  • كم رأس المال الذي تمتلكه والقابل للمخاطرة؟

  • هل ستعمل على مشروعك بدوام كامل أم بدوام جزئي ؟

 

Ø      قم بإجراء تقييم ذاتي


     تقول "سابرينا بارسونز" المديرة التنفيذية لشركة "Palo Alto" الأمريكية: "تعرف على نفسك واعمل في وظيفة تُلبي نقاط قوتك، فهذه المعرفة ستجعلك أكثر سعادة"، لذا، قبل كل شيء، ينبغي أنّ تتعرف على نفسك، ما هي نقاط قوتك؟ وما هي نقاط ضعفك؟ وكيف سيؤثر هذا الأمر على العمليات اليومية  في العمل التجاري؟، وللإجابة على تلك الأسئلة، يُمكنك إجراء تحليل "SWOT" لمعرفة ذلك، كما يُمكنك طرح المزيد من الأسئلة التي تساعدك على سبر أغوار ذاتك ومعرفة ما إذا كان اختيارك لهذا النوع من العمل أو المجال مناسبًا لك، من هذه الأسئلة:


  • ماذا ستفعل إذا لم يكن المال مشكلة

  • هل المال مهم حقا؟ أو بالأحرى ، هل جني المزيد من المال مهم حقًا بالنسبة؟ "هذا السؤال سيجعلك تستبعد العديد من الخيارات".

  • ما الذي يهم فعلًا بالنسبة لك؟

  • هل تحصل على دعم من عائل تك ، وخاصة عائلتك المباشرة؟ "وذلك لأن أفراد عائلتك قد يضطرون إلى تقديم تضحيات في البداية ، لذلك من المهم أن يكونوا خلفك ومن يدعمك".

  • من هم الأشخاص الملهمين لك في هذا المجال؟ ماهي صفاتهم المحببة لك؟ وماذا يمكن أن تتعلم منهم؟

  القيام بهذا التحليل والإجابة على تلك الأسئلة سيُساعدك على معرفة الكثير عن نفسك وعن خياراتك في الحياة من ضمنها اختيارك لهذا العمل التجاري، وذلك لأنّه فيما بعد ستأتي الفترة التي يصبح فيها هذا المشروع مهيمنًا على حياتك، لذا ينبغي انّ يكون محركًا ومحفزًا لك لا عبئًا اضافيًا لحياتك.


Ø       اصقل فكرتك


 بمجرد أنّ تعرف سبب رغبتك في البدء بعمل تجاري، فقد حان الوقت للعثور على الفكرة وتطويرها، وربما قد تكون من أولئك الذين يمتلكون الفكرة مسبقًا، إلا انّ وجود الفكرة الجيدة لوحده غير كافي، إذ تحتاج الى معالجتها وصقلها وتطويرها حتى تصبح قابلة للاستثمار فيها .


Ø      إجراء أبحاث السوق


   بمجرد أن تقرر بأنّ هذا العمل وهذه الفكرة تناسب أهدافك وأسلوب حياتك، فقد حان الوقت لتقييم العمل من خلال معرفة من هي الفئات التي ستشتري منتجك أو خدمتك، ومن هم منافسيك في السوق؟ وهل فكرتك قابلة للتنفيذ في هذا المجتمع ومدرة للمال؟ هذه العملية ستساعدك على معالجة فرصتك ومعرفة القيمة التي ستُقدمها، بالاضافة إلى معرفة حجم السوق ومدى قوة المنافسة، وهناك عدد من الطرق التي ستُساعدك على القيام بذلك، منها:

  • إجراء عمليات بحث عامة على جوجل

  •  التحدث إلى الأشخاص الذين يعملون بالفعل في الصناعة المستهدفة

  • قراءة كتب لأشخاص في مجال عملك

  • قراءة المواقع الإخبارية والمجلات المختصة في مجالك

  • الحصول على دورات تدريبية في هذا السياق.


وإذا لم تتمكن من القيام بكل ذلك، يُمكنك الحصول على بعض الاستشارات المتعلقة بإدارة الأعمال من الأشخاص ذوي الاختصاص أو الجهات المختصة مثل مراكز تطوير المشاريع، كما يُمكنك القيام بدراسة جدوى المشروع من خلال الاستعانة ببعض المختصين أو المستقلين المتفرغين للقيام بذلك من خلال المنصات العربية المختلفة وستجد الكثير منهم عبر منصتي مستقل وخمسات.


عصرنا الحالي هو العصر المثالي لبدء أي مشروع تجاري

خطة العمل هي خارطة الطريق ;-) 


 Ø      تقييم جمهورك المستهدف


    لا يكفي مجرد ذكر الفئة المستهدفة لمجال عملك، بل ينبغي أنّ تحدد خصائص ذلك السوق المستهدف بالضبط ومن ثمّ معرفة مدى مقدار جاذبية وترقب ذلك السوق المستهدف لما سوف تعمل على تقديمه، وذلك لأن هذا الأمر سيُساعدك فيما بعد في زيادة فاعلية رسالتك التسويقية، ويُمكنك معرفة ذلك من خلال الاجابة على الأسئلة التالية:

-   إلى أي مدى تحتاج هذه الفئة بشكل عاجل إلى الشيء الذي تبيعه أو تعرضه الآن؟

-   ما هو حجم السوق؟ هل يوجد بالفعل الكثير من الأشخاص الذين يدفعون مقابل منتجات أو خدمات مماثلة لما تقدمه؟ 

 -  ما مدى سهولة الحصول على عميل وكم سيُكلفك؟ "فإذا كنت تبيع برنامجًا للمؤسسات، فقد يتطلب ذلك استثمارًا أكبر بكثير من انشائك لمقهى أو تقديمك لخدمة ما"

-   كم من الوقت سيستغرق الوصول إلى تلك الفئة؟ شهر؟ سنة؟ ثلاث سنوات؟

-   هل يحتاج عملائك لما تقدمه مع مرور الوقت؟

 

ولمعرفة المزيد عن كيفية اختيار الفئة المستهدفة بدقة، اطلع على مقاطع الفيديو التالية:

https://www.youtube.com/watch?v=t0meZUDSJv4

و

https://www.youtube.com/watch?v=QvXwzvaRYf8

 



Ø      ابحث من منافسيك وتعلم منهم


  إذا عرفت منافسيك، اتخذ خطوة إلى الأمام وانظر في احتياجات المستهلك التي لا يتم تلبيتها حاليًا من قبل هؤلاء المنافسين والشركات العاملة في هذا القطاع، وتذكّر أنّ وجود المنافسين هو في كثير من الأحيان علامة جيدة تدل على أن السوق لمنتجك أو خدمتك موجود بالفعل، لذا فأنت تعلم أن لديك عملاء محتملين يرغبون في إنفاق الأموال على منتجك أو خدمتك.

  وفي غضون البحث عن المزايا المنافسة التي قد تقوم بتقديمها، تعلم قدر الإمكان عن منافسيك وما يقدمونه لعملائهم وكيف يجذبون الانتباه وما إذا كان عملائهم سعداء أم لا، فإذا تمكنت من معرفة ما هو مفقود قبل أن تبدأ، سيكون عملك أسهل بكثير.


Ø      تحقق من صحة فكرتك


  من المهم إجراء اختبار ميداني لفكرتك أو خدماتك أو منتجاتك، أثناء إجراء البحث، خذ الوقت الكافي للتحدث مع عملائك المحتملين، قدم لهم المفهوم الذي تنوي إطلاقه لقياس الاهتمام، ويُمكنك القيام بذلك من خلال ارسال استطلاعات الرأي أو الاشتراك في بعض مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي وقياس رأي المهتمين في هذا السياق، بل وربما يُمكنك العمل على عينات مبدئية وقياس الطلب عليها، كذلك القيام ببعض الاعلانات وتقييم التفاعل الناتج عنها. 


Ø      اكتب خطة عملك


   إذا كنت تسعى للحصول على تمويل خارجي ، فإنّ خطة العمل أمرًا ضروريًا، وإذا كنت ستقوم بتمويل المشروع بنفسك، فإن خطة العمل ستساعدك على معرفة مقدار الأموال التي تحتاجها للبدء، وما الذي يتطلبه الأمر لجعل عملك مربحًا، وما الذي يجب القيام به والتوقيت المناسب لكل ذلك، لذا فإنّ خطة العمل هي خارطة الطريق وأداة لإدارة كيفية نمو عملك وتحقيق أهدافه.

  وبشكل مختصر تتضمن خطة العمل تسعة أجزاء رئيسية: "الملخص التنفيذي، السوق المستهدف، المنتجات والخدمات، خطة التسويق والمبيعات، المعايير والمقاييس، نبذة عن الشركة، فريق الإدارة، الخطة المالية والملحق".


   يُمكنك القيام بخطة عملك بنفسك من خلال الاطلاع على العديد من النماذج المتوفرة بشكل مجاني عبر الشبكة العنكبوتية والتي تتيح لك استخدامها وتعديلها بشكل يتناسب مع احتياجات عملك، كما ويُمكنك الاستعانة ببعض الخبراء والمختصين في هذا السياق.


Ø      اجعل عملك قانونيًا


   من الناحية الواقعية، يُعد تسجيل عملك هو الخطوة الأولى نحو جعله حقيقيًا، لذا خذ وقتًا كافيًا للتعرف على إيجابيات وسلبيات الكيانات التجارية المختلفة، وإذا كان ذلك ممكنًا، فالأفضل أنّ تعمل على استشارة محامي لمعرفة كافة التفاصيل، فالخطأ في اختيار تسجيل المشروع قانونيًا قد يُكلفك الكثير لاحقًا، إذ ستحتاج إلى الحصول على التراخيص والتصاريح التجارية المناسبة اعتمادًا على النشاط التجاري الذي ستقوم به وهناك لوائح خاصة بالمدينة أو الولاية التي ستضم هذا النشاط، وحتى في حال تواجد عملك عبر الشبكة العنكبوتية، هناك بعض الرخص التي ينبغي الحصول عليها.


Ø      تمويل المشروع


   تبدأ معظم المشاريع الصغيرة بتمويل ذاتي أو مساعدة من الأصدقاء والعائلة، ولكنّك في بعض الأحيان قد تضطر الى الحصول على القرض البنكي أو التقدم بطلب الحصول على الأموال من المستثمرين أو شركات رأس المال المخاطر أو التقدم بالحصول على بعض المنح الحكومية من خلال برامج دعم الأعمال.


Ø      اختر موقع عملك


    إذا كان عملك على الشبكة العنكبوتية ولن تحتاج إلى واجهة متجر حقيقي، فمن الأجدر أن تبحث عن بناء موقع الويب الخاص بك واختيار طريقة مناسبة تلائم المتسوقين من خلاله وكيفية تطوير ذلك الموقع لاحقًا، كذلك كيفية التعامل مع القوى العاملة الافتراضية، وربما ستتمكن من العمل من مكتب منزلي أو مساحة عمل مشتركة بدلاً من استئجار أو شراء مساحة مكتبية، ولكن إذا كان عملك يحتاج إلى موقع مخصص على أرض الواقع، فهناك العديد من الأمور والاعتبارات التي ينبغي وضعها في الحسبان منها:

-   السعر: هل يمكنك تحمل تكلفة هذا المكان؟

-  التواجد: هل سيتمكن الأشخاص من العثور عليك بسهولة؟ هل سيرون الترقيات والعروض الخاصة بك؟ هل أنت في وسط المدينة أو خارجها؟ كيف سيؤثر هذا على عملك؟

الوصول إلى مواقف السيارات أو وسائل النقل العام: هل يمكن للأشخاص العثور عليك بسهولة من خيارات وقوف السيارات وطرق النقل المتاحة؟ 

توزيع المنافسين: هل هناك منافسين كثيرين قريبين منك؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون هذه علامة على أن الموقع ممتاز للعملاء الذين ترغب في جذبهم، وفي بعض الأحيان قد تكون غير مرئيًا في ظل تواجد الكثير من العاملين في ذات الصناعة في نفس المكان، لذا فكر جديًا في هذا الاختيار

القواعد واللوائح المحلية والمدينة والخاصة بالولاية: انظر إلى اللوائح، حيث قد تكون المناطق أكثر صرامة من غيرها، تأكد من عدم وجود قيود من شأنها أن تحد من عملياتك أو من شأنها أن تكون بمثابة حواجز لتطور عملك التجاري.

 

Ø      تتبع الأداء والاستعداد للنمو


    سواء كان هذا مشروعك الأول الذي تنوي الانطلاق فيه أو كان المشروع الثالث أو الثاني، فإن توقع ارتكاب الأخطاء أمر أساسي ينبغي عليك ادراكه، وطالما أنك تتعلم منهم، فهو مفيد أيضًا وعامل مهم يثري تجربتك في عالم الأعمال، وحتى تتعامل مع تلك الأخطاء بجدية، لابد من إعداد عمليات المراجعة والتقييم لمساعدتك في اتخاذ القرارات، وتحديث خطة العمل، وعقد اجتماعات مراجعة شهرية لاستعراض الأرقام ونتائج الاستراتيجيات المطروحة ومن ثمّ تطوير التوقعات بشأن العمليات المستقبلية، وإزاء ذلك ينبغي التعامل مع محاسب شخصي أو محاسب للعمل معك، والاستعانة ببعض النماذج المالية التي تساعد على تتبع الأداء والحصول على الحلول لنمو عملك مثل بيان التدفقات النقدية، الميزانية العمومية وبيان الأرباح والخسائر.

أخيرًا، الفيديو الرسومي التالي يوضح بشكل مبسط آلية كتابة خطة العمل لروّاد الأعمال المبتدئين: