كتبت هيفاء القحطاني: القصص التي أتخيلها على لسان الجمادات حول المنزل أحلى وأمتع بكثير من تفاصيل الأحاديث بين البشر في حياتي اليومية.

لم أفكر من قبل في الجمادات لكني أتسآل دوماً عن الأماكن التي هجرتها الحياة أو هجرتها أنا بعبارة أدق: هل تفتقدني؟ هل تشعر بالحنين إلي؟ بماذا تفسر هجراني لها؟ هل تتمنى أن أكون بمكان أفضل؟ أم تشعر بالألم من هجر لم أبرره لها؟ هل هناك فرق إذا كان الترك قراري أنا أو أمراً أجبرت عليه؟

هل ترحب الأماكن بزوارها؟ هل لها زوار مفضلين؟ أم أننا سواسية لديها؟

ماذا سيقول لي أول منزل سكنت به؟ أول مدرسة عملت بها؟ مبنى الكلية التي تخرجت منها؟ سيارة والدي القديمة؟ مخابئي السرية؟

إلى أي مدى تعرفنا الأماكن؟ كيف ترانا ونحن نتعلم ونتغير ونكبر؟ هل تعرف الأماكن ما نشعر به؟ هل تكرهنا الأماكن التي لا نحبها؟

انظر إلى سقف غرفتك الآن. ماذا شهد هذا السقف من مراحل حياتك؟ سقفي شاهد على آخر سبع أعوام من حياتي فقط (الحقيقة أنه حتى لم يكمل سنته السابعة بعد): حياتي العملية في مكة. ماذا عن عملي خارجها؟ حياتي كطالبة؟ هل تفتقدني الأسقف السابقة؟ أم أبدو كابنة عاقة لها؟

هل تعلم غرفتي بمقدار حبي لها؟ بامتناني لها وهي تستقبلني بعد يوم متعب؟

هل تهرم الأماكن كالبشر؟ تفقد مقومات الحياة وتظهر عليها علامات الضعف والإنطفاء؟

حتى متى ستحتفظ الأماكن بأثارنا التي تركناها فيها؟

هل نملك سمعة جيدة لدى الأماكن؟

Join