: اجلس هنا..
ارتح قليلًا واتّجه نحو الجدار
ماذا ترى؟
: تابوتٌ معلّق على سقف غرفتي .. ! أوووه ... لقد أضعتُ حقيبة السفر يا فرويد
: وجّه نظرك إلى الجدار وقل لي ماذا ترى ..
: بندول الساعة يتحرّك يمينًا وشمالًا.
: أطل نظرتك هل ترى عقارب الساعة؟
: نعم ..
: كم الساعة الآن ؟
: تشير العقارب إلى الساعة الثامنة ولكن أ نحن في الصباح أم المساء؟
: أنا من يسأل لا أنت .. وأنت ما عليك إلا أن تجيب!
: أغلق عينيك وخذ نفسًا عميقًا ..
ماذا ترى ؟
: أرى أني قد تهندمت منطلقًا لمحاضرتي في فيينا .. أضع يدي داخل جيبي واستخرج الساعة آه لقد تأخرت عن محاضرتي! الساعة ... الساعة لاتعمل! تتذبذب مثل البوصلة! وقاعة المحاضرة ؟! .. لا أدري .. إنها تكتظّ بالقطط تتسافح فوق الطاولات وتحت الكراسي!
: افتح عينيك .. ماذا ترى ..
: تابوت معلّق على سقف غرفتي..
: هل تذكر اسمي ؟
: نعم .. فرويد
: قل لي ما اسم عشيقتك؟
: لا أتذكر
: ماذا كتبتَ في الرسالة إذن ؟
: لا أذكر شيء ..
: هل بعثتها بيد الخادمة ؟ أم أوصلتها إليها مباشرة ..
: هي من أخذتها عنوة من درج مكتبي !
: ماذا أجد إن فتحت درج مكتبك الآن ..
: قلمي فقط .. وستراه يتدحرج حين تفتحه !
: أغلق عينيك وخذ نفسًا عميقًا ..
ماذا ترى ؟
: أرى كرة أرضية تتدحرج .. أوو لحظة .. ليست كرة .. يبدو أنها كومة شَعر ! "آمل أنكِ يا عزيزتي مارثا لم تقتلعي شعرك عنوة، ولم تجمعي ما تساقط منه في مشط شعرك، تعلمين أني مغرم بكِ وقد وقعت ضحية للسحر العاطفي!" اللعنة على عديمات القضيب حين تقهر الرجال بسحرهن.
: افتح عينيك .. ماذا ترى ؟
: تابوتٌ معلّق ودبوس فيه شعر عشيقتي مارثا بيرينيه ورائحة التوت المجفّف!
: وما اسمك اليوم ؟
: سيغموند فرويد
: قل لي أين أجد الشيطان ؟
: تجده في مكتبتي..
: وماذا يوجد في مكتبتك؟
: موسوعات ومعاجم، وملفات لمريضات بالعُصاب، وبعض من الكوكائين .. ومنديل مبلّل!
: ولماذا المنديل المبلّل؟
: لاختبارٍ كنت أقوم به.
: ماهو هذا الاختبار؟
: اختبار القداسة .. المعرفة المطلقة .. العظمة والألوهية.
: أوضح لي أكثر..
: اسأل الشيطان في مكتبي!
: أغلق عينيك وقل لي ماذا ترى؟
: أرى رأسي كأنه مؤخرة دودة .. ومحاكمة تدار في مغارة وسط الجبال عميقة، الناس تتفرّج عرّاة وأياديهم تلعب في أعضائهم التناسلية .. ومناديل مبلّلة تملأ المغارة، وهناك يقف المستثار رئيس المحكمة والمتهم ... !
: أي مستثار ؟
: المستشار..
: ثم ماذا ؟
: لا شيء .. لا توجد محكمة!
: والناس ؟
: لا يزالون يستمنون ..
: إفتح عينيك .. ماذا ترى ؟
: أرى التابوت والدبوس والمنديل المبلّل!
: وأنت؟
: أنا فرويد
: انتهت الجلسة لهذا اليوم .. يمكنك أن تذهب
: شكرًا لك ..
: ....
:.... تعال يا فرويد .. لقد نسيت حقيبة سفرك داخل التابوت