اليابانُ التي نعرف،
والأخرى التي لا نعرف.
جميعُنا نعرف اليابان، تلك اليابان التي انحنى فيه وزيرُ طاقة للمواطنين بسبب انقطاع الكهرباء لعشرين دقيقة، واليابان التي لا يتأخر فيها القطار ثانيةً واحدة عن موعده، واليابان التي يُسمّى عمّال نظافتها بـ”مهندسي النظافة” ويمُنَحون رواتب فلكية. ولكن.. لا أحدٌ منّا يعرف عن اليابان، تلك اليابان التي لم ينحن فيها وزيرُ الطاقة للمواطنين، وإنما كانَ ذلك رئيس شركة “هوندا” ولم ينحن للمواطنين بسبب خطأ بل كانَ ينحني للحضور لتحيتهم بالتحيّة اليابانية لا أكثر! ولا تلك اليابان التي تنقطع فيها الكهرباء بشكلٍ متكرر أوقات الصيف بالقرى والمحافظات الريفية البعيدة، ولا تلك التي يتأخرُ فيها القطار عن موعده بسبب أعطال غير متوقعة تحدث بين الحين والآخر، ولا تلك اليابان التي تسمي عمّالَ نظافتها بـ”عمال النظافة” وتمنحهم رواتب متواضعة وفق مؤهلاتهم ووظائفهم. نحنُ نعرِفُ يابان، ونجهلُ أخرى، وهذا يتسبب دومًا بحاجزٍ نفسيٍ ومعنويٍ غير منطقي نتيجة الشائعات والمبالغات غير المحسوبة، ويتطرف البعض في الجهة الأخرى راميًا اليابان بكلِ نقيصة. إنَّ ما يجِبُ علينا تحقيقه هو تفهُّم اليابان، بِعلّاتها ومحاسِنها، ولذا، سنقوم في هذا المقال بتفنيدِ عددٍ من المبالغات السلبية أو الإيجابية والتي راجت وانتشرت، في العالم العربيّ.
لم يقل رئيس الوزراء الياباني السابق “شينزو آبي” -ولا غيره من رؤساء الوزراء، ولا أي مسؤول ياباني- قطّ “أعطينا المعلم راتبَ وزير، وحصانةَ دبلوماسي، وإجلال إمبراطور”!
لم يغسل مدراء شركة أقدامَ موظفين جدد قطّ، وإنما هذه الصورة لموظفين ذوي خبرة في شركة إسكَاف (تلميع أحذية) ويدرّبون الموظفين الجدد على طريقة التلميع!
لا ينتحِرُ الملايين من اليابانيين سنويًا ونسب الانتحار ليست في إطّراد مستمر! ..فوفقًا للمعلومات التي كشفتها وكالة الشرطة الوطنية اليابانية عام 2019؛ فإنَّ أعداد المنتحرين قاربت الـ19 ألف شخص، بانخفاضٍ -قدره 4.2% عن العالم الماضي- على التوالي منذ عشرةِ سنينٍ، أي منذ 2009.