نتفليكس تتوسع.. ولا بواكيَ للاستوديوهات اليابانيّة!
في عام 2016 حثَّت موظّفةٌ متواضعةٌ الخطى في ردهة إحدى فنادق طوكيو، حاملةً أوراقها، مرتديةً نظارتها، متجهةً لرجلٍ يتهادى على كنبات الردهة. لم تكن تلك المرأة إلّا وسيطةً محلية تعمل على تيسير صفقات استوديوهات الأنمي اليابانية، ولم يكن ذلك الرجل سوى مبعوثُ شركة “نتفليكس” الشهيرة، كان يتواصلُ معها بغرض تسهيل مفاوضاته مع الاستوديوهات اليابانية، حيث عَزَمت الشركةُ الأميركية حينئذ على تأسيس وحدة عمليات في طوكيو متخصصة بالأنمي
إنشاء الوحدة
أنشأت “نتفليكس” هذه الوحدة في طوكيو لجذب المواهب، والاستثمارات، والشراكات النوعية مع استوديوهات يابانية عريقة وخبرات قيّمة تحتاجها الشركة لانطلاقةٍ لم تعد بعيدة آنذاك. كان الفريق بمهام متعددة، يعقد الشراكات مع استوديوهات يابانية هامة، ويدرّب خبراء أجانب في معاهد واستوديوهات يابانية خاصة على الرسم الرقمي واليدوي، ولا يتوانى عن اقتناص الفرص والاستثمار في الموارد البشرية والمادية المتاحة وجذب استثمارات يابانية في مشروع “نتفليكس” الطموح، وأيضًا لا يُغفِل طرح القصص والسيناريوهات الخلّاقة والمُبتَكرة على الاستوديوهات اليابانية لإغرائها بعقد الشراكات. يقول “تايكي ساكوراي” مدير عام إنتاج الأنمي بـ “نتفليكس” تعليقًا على ما أنجزه فريقهم: “إننا متحمسون بالفعل لجلب أكبر قدرٍ ممكن من القصص والأحداث المشوّقة والمدهشة للمشاهدين!”
«!ضربة معلم»
بعد مرور 4 سنواتِ على إنشاء الوحدة وبدئها أجندة أعمالها، لا يبدو كبار التنفيذيين في “نتفليكس” نادمين على هذه الخطوة، حيث ارتفعت نسب مشاهدة الأنمي في “نتفليكس” عام 2019 إلى 50% مقارنةً بذات الفترة في 2018. وأكثر من 100 مليون شخص شاهد أنمي على “نتفليكس” مرةً واحدةً في فترة اشتراكه على الأقل. ظهرت مسلسلات الأنمي في قائمة أكثر 10 مشاهدات في أكثر من 70 دولة في العالم.
..أرقام
هذه الأرقام حدت بالمجموعة الإعلامية التليفزيونية الشهيرة إلى أن تُعلن عن إقامة محفل سنوي تُطلق فيه مسلسلات الأنمي. قبل أن تكشف قبل قرابة الأسبوعين النقاب عن 16 مشروعًا لإنتاج مسلسلات الأنمي. وفي ذات المحفل وقّعت “نتفليكس” 4 اتفاقيات شراكة إنتاج مع كبار استوديوهات الأنمي اليابانية، مثل ” Mappa ” و ” Anima & Company ” و ” Science Saru ” ومع الاستوديو الكوري الشهير ” Studio Mir “. وكانت “نتفليكس” قد وقّعت فيما مضى اتفاقيات مماثلة مع ” Production I.G ” و ” Bones ” و ” Sublimation ” و ” David Production “.
«!تحسّسوا رؤوسكم»
وفي وقتٍ تستثمر فيه نتفليكس مئات الملايين من الدولارات في هذا السوق، وتتحدث تقارير إعلامية عن شراء سوني منصة بث الأنمي الشهيرة “كرانشي رول” بمليار دولار؛ يتحسس المنتجون اليابانيون رؤوسهم، حيث لم يكن هذا السوق مربحًا من الأساس! وكان يُكافح للبقاء في ظل هوامش ربح ضئيلة، ورواتب منخفضة للغاية حيث صُنّفت العديد من استوديوهات الأنمي في “القائمة السوداء للرواتب المنخفضة” والتي تُعِدها وسائل إعلام يابانية. فبينما تصارع الاستوديوهات أشباح الخسارة بفأس كورونا البتّار، تهلّ إعلاناتُ “نتفليكس” ومؤتمرها كالمِلح على جرحٍ غائر لا ترى اليابان نزيفه.. فهل لجرحٍ ميتٍ إيلام؟ أم أنها بدايةٌ لأُفول صناعة الأنمي في اليابان؟
تابعني على تويتر: