حالة طوارئ شاملة محتملة في اليابان.. كيف سيتأثر قطاع الأنمي؟

قال “ياسوتوشي نيشيمورا” وزير الدولة الياباني للإستجابة لكورونا: “يُمكِن إضافة المزيدِ من المحافظات (إلى قائمة الطوارئ) اعتمادًا على مؤشر العدوى الوبائي.”

 

وقال أيضًا خبيرُ أمراضِ العدوى ورئيس اللجنة الحكومية الفرعية اليابانية المعنيّة بالسياسة الوبائية ضد كورونا، السيد “شيغيرو أومي” أنه إذا لم يبق عدد الإصابات في البلاد ثابتًا، أو انخفض انخفاضًا طفيفًا، فإنه من المستحيل “أن تبقى إجراءات الطوارئ والإغلاق المحدود على ذات الحال، وستكون هنالك حاجة لإجراءاتٍ أصرَم من ذي قبل.” وأضاف أومي: “طلبُ إغلاق الشركات والمؤسسات، مطروحٌ على الطاولة.”

 

يبقى أمر مكافحة التفشّي في اليابان مهمًا حيثُ تكافحُ العديد من مستشفيات البلاد لاستيعاب العدد المتزايد من المرضى بسبب نقص الأسرّة والممارسين الصحيين، وزيادة عدد الحالات اليومي عن 8000 حالة، وإجمالي وفياتٍ بأكثرَ من 4000 راحِل مما يثير مخاوفَ من احتماليّةِ انهيار النظام الصحّي إذا ما استمر تفاقُم العدوى.


 

وكانت اليابانُ قد أعلنت في الثامن من يناير الجاري فرضَ حالة طوارئ لمواجهة التفشي المضطرد لفيروس كورونا كوفيد-19، وتمتد الحالةُ إلى السابع من فبراير القادم. وبموجب حالة الطوارئ -والتي فرضتها الحكومة المركزية بطلبٍ من المحافظات المحلّية- فإن إدارات المحافظات التي فُرِضت عليها الحالة يجب أن تحدّ من التجمعات وأن تحثّ الناس على عدم الخروج من منازلهم بالإضافة إلى تطبيقِ إجراءاتٍ احترازية أخرى. وكانت حالة الطوارئ قد فُرِضت بادي الأمر في محافظات طوكيو، وكاناغاوا، وسايتاما، وتشيبا، إلّا أن الحكومة قررت مؤخرًا ضم كلٍ من آءيتشي، وأوساكا، وهيوغو، وفوكوكا، وغيفو، وتوتشيغي، وكيوتو إلى قائمة حالة الطوارئ الوطنية.

 

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو تلميحُ “رئيس اللجنة الحكومية للسياسة الوبائية ضد كورونا” لإمكانية طلبِ الحكومة من الشركات والمؤسسات الإغلاق، وهذا شبيهٌ بما حَصَل في أبريل 2020، وتسبّب هذا بتوقفِ العديد من مسلسلات الأنمي كـ”ون بيس” و”بوكيمون” والعديد من الأنميات القصيرة كـ”كينقدوم” وغيره، فعودةُ ذات الأمر، هل قد يعني توقفًا للعديد من الأنميات مجددًا؟ أم أن الظروف اختلفت؟

 

تحاولُ “أنمي ثيرابي” هنا تحليل هذا والتوصّل لنتيجة؛ في الحقيقة توقفَت وتأجّلت عددٌ من الفعاليات وأُلغيَ عددٌ من مسلسلات الأنمي عندما فُرِضت حالة الطوارئ قبل أسبوع، إلّا أن هذا العدد ظلَّ محدودًا ولم يتفاقم، فهل نراه يتفاقم إذا ما وُسِّع نطاق حالة الطوارئ في اليابان وطُلِبَ من الشركات والمؤسسات (واستوديوهات الأنمي منهم) الإغلاق؟ علينا أولًا معرفةُ أن استوديوهات الأنمي في اليابان ليست كنظيراتها في الغرب والشرق كـ “ديزني”، و”بيكسار” الأميركيان، وغيرهما، فالاستوديوهات اليابانية تعاني من عجزٍ دائمٍ في عدد الموظفين والآلات، وتُصنَّف -في أفضل الحالات- كمنشآت متوسطة، أو حتى صغيرة! وتُكافِح للبقاء في ظل هامش ربح متدنٍ وخسائر متتالية، ويعتمدُ بعضها الإستقلالَ والتعاقد مع استوديوهات أخرى -في الداخل أو الخارج- للقيام ببعض مهامّ الإنتاج. فإذا عرفنا أن هذه ظروف العمل في عددٍ كبيرٍ من الاستوديوهات اليابانية، فلعلّنا نسنتنِجُ أن خيار “العمل عن بُعد” مُتعذّر وغير واقعي لهذه الاستوديوهات، وفي أسوأ الأحوال قد يعني موتًا سريعًا -وليس حتى بطيئًا!- لها. بالطبع الاستوديوهات التي تعتمدُ الرسم الرقمي قادرةٌ على العملِ عن بعد، ولكن هذا النوع من الاستوديوهات قليل، حيث تعتمد معظم الاستوديوهات اليابانية أسلوب الرسم اليدوي. لكن حتى وإن تجاهلنا أزمة هذه الاستوديوهات (غير القادرة على الرسم الرقمي وغير القادرة على تحمّل تكاليف العمل عن بعد -المباشرة، وغير المباشرة-)، فإن هنالك عقبةٌ أخرى حتى كِبار الاستوديوهات، واستوديوهات الرسم الرقمي، لا تستطيع تجاوزها؛ إنها عقبةُ مؤديّ الأصوات! فمؤديّ الأصوات لا يستطيعونَ -بأي حالٍ من الأحوال- تأدية عملهم عن بُعد، ولا يستطيعون أيضًا تأديتهُ مع الالتزام بالاحترازات الصحيّة اللازمة، حيثُ أشارَ أحدُ المختصين في “معهد طوكيو للأداء الصوتي” قبل أشهر بأن الأداء الصوتي “هو المُعضِلةُ حقَا” وأضاف: من الضروري في التأدية الصوتية أن يجتمِعُ العديد من مؤديّ أًصوات الرسوم المتحركة معًا في مكانٍ واحدٍ مزدحم (بسبب التكلفة الباهظة للأداء الصوتي المنفرد لكل شخص)، ويتحدثون بأعلى صوتٍ مع بعضِهمُ البعض، والأسوأ أن معظمهم كبارُ سِنّ وهم من الفئة المعرضة أكثر من غيرها لمضاعفات الإصابة.” وأكّد المختص: “بإمكاننا أن نُعيدَ جدولة الأداء الصوتي وطرق العمل به، ولكن هذا قد يستغرق وقتًا طويلًا إن شَرَعنا به، فهل الاستوديوهات قادرةٌ على تحمّل هذا؟”

إذا ما أخذنا كلّ هذه المعطيات بعينِ الاعتبار، وإذا ما سارت الأمور كما هيَ الآن، فإننا قد نصلُ إلى نتيجةِ مُفزِعة.. قد تُلغى الكثير من الأنميات، وتؤجلُ الكثير منها إذا ما فرضت الحكومةُ اليابانيةُ طوارئَ شاملة، وطلبت إغلاقَ الشركات -بما فيها استوديوهات الأنمي-.

 

هذا التحليل ليسَ بقطعي وقد لا يتحقق كليًا أو جزئيًا وهو معتمدٌ على الظروف، إلّا أنه إن وَقَع بالفعل، وتحقّقت هذه المعطيات، فأضرارهُ تتجاوزُ تأجيل الأنمي الذي تحبّه أو إلغاؤه، بل قد يعني تأثُّر قطاع الأنمي والإنتاج بشدّةٍ وكارثيّة غير مسبوقة على المدييْن المتوسط والبعيد، واستغراقَهُ -أي قطاع الأنمي- سنينَ طويلة قبل أن يعود للتعافي ولمستويات ما قبل كورونا. في النهاية يظلُّ بصيصُ الأملُ موجود بألّا تتحققَ هذهِ المُعطيات، أو أن تتحسن الأوضاع الوبائيةُ في اليابان فلا يُفرَضُ إغلاقُ آخر ولا تُوسَّعُ حالة الطوارئ شاملة.


تابعني على تويتر:

Join