الجوال يلتهم السعودية

افكر كثيراً في آثار التقنية على الدوائر الاجتماعية حولي. وبحكم مشاريعي والوظائف اللي شغلتها، افكر في الجانب الاقتصادي لهالتغييرات. 

عدد مستخدمي الجوالات في العالم قارب الخمس مليارات. وعدد مستخدمي الهواتف الذكية بيقارب الثلاث مليارات — وزاد عن عدد مستخدمي الحواسيب. والرقم لا يزال مستمر في النمو. الصورة أعلاه هي من عرض لـ“بينيديكت إيفانز” أحد اهم محللي اسواق التقنيات المتقدمة. عرضه شديد الأهمية لأي شخص يحاول يفهم كيف العالم يتغير حولنا، وأين يجب ان تستثمر كشخص، أب، شركة، أو دولة لتستفيد من هالتغييرات الهائلة. رابط العرض: http://slides.com/benedictevans/mew#/


Mobile is eating the world

benedict evans

شريحة أخرى هامة في العرض تريك أن شركات التقنية انتقلت من كونها مهمة، إلى كونها تتصدر الأسواق من ناحية قيمتها:

تريك هذه الشريحة أن اكبر خمس شركات قيمة في أمريكا هي شركات تقنية (Google, Apple, Facebook, Amazon — GAFA). بينما في 1996، كان فقط شركتين في متوسط القائمة (Microsoft, Intel، وسماها Wintel نسبة إلى ويندوز وإنتل).


إلى جانب كونه مثير للإهتمام، ما تأثير هذا عليك؟ ما تأثيره على وظيفتك؟ شركتك؟اقتصادك؟


للأسف، لا أرى نقاش كافي عن هذه المواضيع.


والموضوع يزداد تعقيداً مع التطور السريع في الذكاء الاصطناعي والذي سيؤدي إلى أتمتة الكثير من المهن والوظائف. نرى الآن مثلاً التطور السريع في السيارات الذكية التي تقود نفسها بدون الحاجة إلى قائد. ما الأثر الاجتماعي على دولنا إذا انعدمت وظائف السائقين بعد عشر سنوات؟ ماذا اذا تقلصت وظائف البائعين إلى النصف بسبب البيع الآلي؟…الخ. قد يفكر البعض في الوقوف ضد هذه التقنيات، لكنه بلا شك بيكون على الجانب الخاطئ من التاريخ. الواجب هو الانتقال إلى أنواع وظائف أفضل، تضيف قيمة اكبر، ولا يزال لها مكان في الاقتصاد الجديد.


حاجتنا إلى بناء خبرات تقنية هي اكبر الآن من اي وقت سابق. الذكاء الاصطناعي لا يزال في مهده وعندنا فرصة للحاق بها. والجانب الإيجابي هو أن الانترنت وفرت طرق رائعة للتعلم الذاتي. هذا أول عصر في التاريخ تستطيع فيه أن تحضر فيه محاضرة في البرمجة من مبرمج في Google ثم تنتقل إلى محاضرة عن التسويق تقدمها Harvard

عن طريق مواقع مثل Coursera و udacity. الفرص التي خلقها الاقتصاد الجديد رهيبة، الباقي هو ان نستغلها ونعطيها الوقت والاهتمام والتركيز اللازم.


لكن قبل أن نستبق الحديث، دعنا نتكلم عن الحاضر. ما هي بعض آثار الهواتف الذكية الملموسة على مجتمعاتنا نحن؟ إقتصادنا؟


قد أحاول في المواضيع القادمة في هذه المدونة ذكر بعض هذه الآثار ونقاش بعض الأسئلة حولها. لكن لن اتركك دون ذكر الآثار هنا أولاً.


1- الزيادة الرهيبة في عدد مستخدمي الانترنت


22 مليون شخص يستخدم الانترنت في المملكة الآن. ثلثيهم يستخدمون الانترنت عن طريق الهواتف المحمولة.


فكر فيها قليلاً. 22 مليون شخص لديهم اشتراك سريع للانترنت، مقارنة بـ 600 ألف قبل عشر سنوات فقط.


هؤلاء الـ 22 مليون شخص أصبح لديهم انفجار في عدد الخيارات الجديدة للترفيه، للتعلم، للتواصل، لسماع الاخبار، التعبير عن النفس…الخ.


2- تشتيت القوة الإعلامية والدعائية لقنوات التلفاز والصحف

فيما كانت القوة الإعلامية متمركزة في أيدي عدد بسيط من قنوات التفاز، تشتت الآن هذه القوة الإعلامية وتوزعت على عدد هائل من الأفراد او الشركات التي استطاعت صنع محتوى جيد (سواء مكتوب أو مرئي أو مسموع) ونشره على قنوات النشر المختلفة (يوتوب، تويتر، سناب شات، انستاجرام، وغيره).


3- إتاحة الفرصه لتحسين هائل في الخدمات الحكومية المقدمة للأفراد

عندما أصدرت بطاقة هويتي الوطنية في نهاية التسعينات، كان أمامي 400 شخص في الصف (عبر توزيع أرقام) واحتجت إلى قضاء يوم كامل لإنهاء المعاملة. عندما جددتها المرة الأخيرة، اخذ الموضوع عشر دقائق عبر حجز مسبق عبر خدمة “أبشر” الرائعة. تقديم مثل هذه الخدمة لم يكن ليكون مجدي لولا انتشار الانترنت بين المواطنين.


4- فتح بوابة التجارة الإلكترونية

بالإضافة إلى إتاحة ملايين خيارات الشراء عن طريق مواقع مثل أمازون وسوق و iHerb، يستطيع أي شخص مشاهدة الزخم الهائل للبيع على منصات مثل انستاجرام. أصبحت التجارة لا تحتاج دفع التكلفة العالية لإيجار محل، وهذا خلق كمية كبيرة من الفرص لجيل كامل من الأنشطة التجارية في السعودية بشكل ليس له مثيل في تاريخ البلد.


الفرص التجارية الهائلة التي أتاحتها الانترنت دفعت بالكثيرين لتعلم مهارات جديدة تساعدهم في إبراز منتجاتهم ومتاجرهم الصغيرة الجديدة. من هذه المهارات التصوير (لجلب اهتمام اكثر لصفحاتهم في انستاجرام)، التسويق الالكتروني، صنع العلامة التجارية، التصميم، صنع المحتوى (كفيديوهات تساعد في جذب عملاء إلى حسابهم في سناب شات).


5, 6, 7 - قادمة في هذه المدونة


هذي تدوينتي الأولى على هذه المنصة الرائعة. أحاول فيها شيء لم استطيعه سابقاً - كتابة ونشر تدوينات بسيطة في أفكار ملخصة لا أقضي عليها اكثر من ساعتين. أعاني في مدونتي الأولى blogjihad.com أن التدوينة تأخذ حوالي اليومين. وفي مدونتي الانجليزية عن الذكاء الاصطناعي jalammar.github.io أن التدوينة تأخذ حوالي الشهرين. هنا سأحاول كتابة أفكار سريعة عن مواضيع مختلفة بدون قضاء الكثير من الوقت في صقلها وتدعيمها.

Join