بطبيعة الإنسان أن تكون لديه أسئلة عميقة تشغل باله ويحاول إيجاد إجابات لها ، على سبيل المثال أنا دائمًا أتسائل ما مصيرنا بعد الموت؟

والكثير من الأسئلة التي قد يشاركني فيها الكثير منكم ..

هذه الأسئلة لو فكر فيها الإنسان غالبًا ماراح يلاقي لها إجابات وربما يشعر بالشك في قيمة حياته لكونه عاجز عن إيجاد الإجابات!

فيقوم بإسكات عقله وينشغل بالتفاهة المحيطة به حتى لا يستمر بالتفكير ..


في هذه التدوينة أحاول أن أشارككم مفهوم التفاهة؟ ولماذا نشعر بإنها إزدادت الفترة الأخيرة؟ وكيف نميز التافهين من غيرهم! وما هي فرضية التفاهة؟



يقول عالم النفس إريك فروم بأن التفاهة عند الفرد ماهي إلا محاولة للهرب ليس من ذاته بل من المجتمع!

فهو يرى بأنه كل ما زادت الحروب والأزمات إنشغل الناس بالتفاهة لأنهم يشعرون بلا حول ولا قوة وسط هذه الصراعات!


أما المفكر البريطاني كولن ولسون يرى بأن التفاهة سببها هو شعور الإنسان الحديث بأنه محاط بأشخاص ناجحين فيقارن نفسه بالذي حوله وهذا الأمر يشعره داخليًا بأنه عاجز عن تحقيق شيئًا ما له قيمة فيحاول الهرب من مشاعره بالإنشغال بالتفاهة!

نحن محاطون بالأشياء التافهة

هنالك مصطلح العقل القمامي Junk Mind للكاتب السعودي سعيد الوهابي ويقصد به أن هنالك كم رهيب من الأخبار التافهة والمعلومات الخاطئة والآراء السخيفة التي قد تصيبنا بالوعكة العقلية والتفاهة وهو مصطلح يتشابه نوعًا ما مع Junk Food لذلك يجب أن نحصن أنفسنا مثل ما نحصن أجسادنا بالطعام الصحي وليس القمامي


أما في كتاب السطحيون “The shallows” تكلم المفكر الأمريكي نيكولاس كار عن فرضية التفاهة ويقول فيها أن الإفراط في إستخدام السوشل ميديا مرتبط بقلة الأفكار التي لها طابع تأملي عميق في حياتنا اليومية ، فالسوشل ميديا تقلل اهتمامنا بمبادئنا وتخلينا نهتم بصورتنا أمام الناس!

ويرى كار أنه لأول مرة أصبحنا نقيس تأثير كلماتنا بشكل فوري ومباشر من خلال اللايكات والرتويت والكومنتس!

وهالأشياء صارت اليوم رأس مال رمزي مثل الفلوس! وبالتالي أصبح صعب على البعض إنه يقول رأي مخالف لرأي الجمهور وعكس القناعات السائدة لأنه قد يخسر رأس ماله الرمزي وهو الفلورز بسهولة!!


ولهذا أجريت عدة دراسات نفسية في السنوات الأخيرة لمحاولة التأكد من فرضية التفاهة لنيكولاس كار ، فحاول البروفيسور سليم الحبش بجامعة ميتشغن أن يرد على هذه الفرضية وقال بإنه مافي دليل حاسم على أن السوشل ميديا تخلي البشر أكثر سطحية ولكن الأشخاص الأكثر سطحية وتفاهة هم الذين يستخدمون السوشل ميديا بإفراط أكثر!


أما عالم الإجتماع بجامعة ماريلاند نيثان يرغنسون عنده رأي آخر فهو يرى أن السوشل ميديا هي مجرد أداة يُقدم فيها المحتوى التافه كما يقدم فيها المحتوى العميق! وأن تاريخ البشر مع التفاهة أقدم بكثير من السوشل ميديا.


فالمشكلة الحقيقة التي تواجهنا هو كيفية تحديد ما هو تافه وما هو عميق؟


فأنا مثلاً أرى بأن ألعاب الفيديو تفاهة! وغيري يرى قراءة الروايات تفاهة! وهكذا ..

فما هي الميزة والإشارة المفصلية للتفاهة؟



يقول الروائي العظيم كارلوس زافون :” لن يفنى العالم بسبب قنبلة نووية كما تقول الصحف بل بسبب الإبتذال والإفراط في التفاهة ما سيحول العالم إلى نكتة سخيفة”.


فهل الإبتذال والإفراط في الشيء هو ما يجعله تفاهة؟


لا أحد يعلم.