تفعيل التجارة الإلكترونية
كيف نحول المعوقات إلى فرص؟
مقدمة
كنت احتسي قهوةً اشتريتها من جنوب أفريقيا في كوب قمت بطلبه من متجر ياباني. لدي أفكار كثيرة لكتابة هذه المقالة فنظرت إلى ساعتي الذكية فوجدت أن الوقت مبكرًا فقمت بفتح حاسبي المحمول الذي اشتريته مع الساعة من أمريكا وبدأت بكتابة المقالة. أثناء الكتابة وردني اتصال على هاتفي الصيني من صديق يستفسر عن حذاءي الرياضي (أعزكم الله) الذي قمت بشرائه من الانترنت وهو في طور التوصيل. كل هذا تم وأنا متوشحًا ملابسي الصينية!
اعتقد أن الأمر أصبح واضحًا لك... جميع مقتنياتي لحظة كتابة هذه المقالة لم يتم شرائها من متجر تقليدي بل من الإنترنت بشكل كامل (بن، كوب قهوة، ساعة ذكية، حاسب محمول، هاتف ذكي، حذاء رياضي، ملابس)!
تفعيل التجارة الإلكترونية؟
ربما تتساءل في بداية المقال لماذا تم ذكر كلمة "تفعيل" وربطها مع التجارة الإلكترونية. أليست التجارة الإلكترونية مفعلة في السعودية؟ أليس بمقدورك الشراء من المتاجر الإلكترونية المحلية والعالمية؟ أليس بمقدورك الدفع ببطاقات مدى والبطاقات الائتمانية؟ أليس بمقدورك استقبال شحنتك عبر عدة شركات للشحن؟ إذن ماذا نقصد بكلمة تفعيل؟
أقصد بهذه الكلمة "تفعيل" وهي التأسيس والتنشيط الصحيح "Establish and Activate" لكل ذراع تقوم عليه التجارة الإلكترونية وملئ الفراغات "Filling the Void" عبر تطبيق أفضل الممارسات والتجارب العالمية لتقليل الأخطاء وخلق تجربة مثالية للمستهلك! لا يمكن أن تخلق تجربة مثالية للمستهلك إلا إذا قمت بتفعيل شامل وفعال لكل ذراع مهم ومتداخل مع التجارة الإلكترونية والتي تدخل فيها العديد من المعطيات التي تجعلها مختلفة عن التجارة التقليدية والتي سوف نتطرق لها بالتفصيل.
يجب التنويه إلى أن التجارة الإلكترونية ليست مسألة تقنية معلومات "IT" فقط! هي عبارة عن نشاط تجاري ضخم لا يقل أهمية عن التجارة التقليدية في اقتصاد البلدان وهذا النشاط له مردود مالي لا يستهان به فبحسب تقرير التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية المقدم من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بلغت قيمة المعاملات التجارية الإلكترونية بين المستهلكين والشركات في السعودية أكثر من 29.7 مليار ريال سعودي في 2016! لذلك يجب تخصيص جزء من مقدراتنا الاقتصادية والعلمية والعملية نحو هذا النشاط والاهتمام به وتطويره ليكون لنا يوم من الأيام قدرة على تصدير التقنيات السعودية إلى الخارج (بإذن الله تعالى).
البنية التقنية
البنية التقنية أعني بها عدة عوامل والتي تشمل فرض الأنظمة والقوانين، البيئة الصحية لذلك (المنافسة العادلة)، ووجود تقنيات رقمية مرنة تفعل بها التجارة الإلكترونية. من الطبيعي أن تكون العوامل في البنية التقنية جزء من عوامل التمكين "Enablers"، لكن من أجل شرحها بشكل واضح وتبيينها لغير المختصين تم فصلها بقسم خاص يوضح أهمية جزء منها.
-الأنظمة والقوانين:
تفعل التجارة الإلكترونية عبر فرض أنظمة وقوانين تختلف في بعض الأحيان اختلافًا جذريًا عن مثيلاتها في التجارة التقليدية. هذه الأنظمة والقوانين تدخل فيها تنظيمات البنى التحتية الرقمية التي تجعل من مجموعة أشياء عملاً منظمًا تتم به معاملات تجارية بشكل رسمي وقانوني.
1. التشريعات: تشمل التشريعات التي تفعل خدمات معينة مثل تشريعات مؤسسة النقد التي توضح البنى التحتية الرقمية "Blueprints" وتفاصيل تقنية تفعل وسائل الدفع الإلكتروني والتحصيل النقدي إلكترونيًا عبر البطاقات للشركات. هل المشرع يصبح منافس في نفس الوقت؟ ما مدى تأثير ذلك على المنافسة العادلة وطرح الأفكار الجريئة؟ أم المسألة متعلقة بالأسبقية والحصرية فقط؟ ما هو دور هيئات المنافسة في ذلك وتداخلها مع المشرعين؟
2. التراخيص: تشمل إصدار التوجيهات أو التراخيص التي تمكن جهة ما من عمل خدمة ما مثل إصدار التراخيص من البريد السعودي أو هيئة الطيران المدني أو وزارة النقل لشركات الشحن بنقل الطرود والبضائع والشحنات. كم عدد التراخيص المصدرة في هذا الشأن؟ وهل تستوعب حجم التبادل التجاري القائم حاليًا أو المزمع عمله مستقبلاً؟
3. التوعية: تشمل قوانين حماية المستهلك التي تعد مفصل رئيسي هنا لأنها تختلف من عملية شرائية في محل تقليدي عن عملية شرائية من موقع إلكتروني. كذلك تشمل قوانين الحماية الأمنية للتعاملات التقنية والمالية وعدم إساءة استخدام معلومات المستهلكين وحدود استخدامها للأغراض التجارية والتسويقية. هل توجد قوانين تحدد عمل استخدام المعلومات الرقمية؟ ماهي طرق الحفاظ عليها؟ هل هناك أسس لكيفية اشراك العميل بمراسلات دورية أو حملات دعائية أو أمور احصائية بدون أخذ موافقة أو حتى علمه مسبقًا؟
مثال: عندما تقوم بعملية شراء من أحد المحلات التقليدية فالعملية تتم في محيط وموقع فعلي وليس افتراضي مثل مواقع الإنترنت. ففي الأغلب في المتاجر التقليدية أن المنتج تم تسليمه أو الخدمة تم تقديمها للعميل والتاجر قام باستلام المبلغ المحدد، أي أن العملية الشرائية تمت وانتهت!
هذا الشيء لا يحدث دائمًا في التجارة الإلكترونية حيث أن العميل قام بشراء منتج من موقع معين وقام في بعض الأحيان بدفع المبلغ مقدمًا، لكن التاجر لم يقم بشحن السلعة بعد.
كيف تحمي المستهلك عبر وصول منتجه بشكل صحيح وسليم يطابق ما قام بشرائه سابقًا؟ وبعد انتهاء هذه العملية التجارية هل تبقى معلومات المستهلك كما هي أم تستمر في أخذ (جولة) على العديد من الشركات وبيع البيانات من دون علم أو دراية من الجهات المعنية؟ لذلك يجب أن تقسم هذه الأنظمة والقوانين حسب كل قسم ويتم وضع الحلول الشاملة لها.
-التقنيات الرقمية:
لا يمكن للتجارة الإلكترونية في أي بلد أن تفعل بشكل صحيح إلا بتواجد تقنيات رقمية تمكنها من العمل. في بعض البلدان تكون هذه التقنيات محلية وفي بضع البلدان الأخرى تكون تقنيات أجنبية أو خليط بينهما.
1. النطاقات: ونعني بها عناوين مواقع الإنترنت وأسماء المواقع مثل مدونة مهند (www.m2b999.com) وتكوين هوية رقمية خاصة تكون مخصصة لدولة معينة فبدلاً من أن تنتهي ب(com أو net) في هذه الحالة تنتهي بمعرف الدولة العالمي وفي السعودية تكون (sa). هنا لا توجد إشكالية حيث أن المركز السعودي لمعلومات الشبكة التابع لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات يوفر الحلول الممكنة للحصول على نطاق سعودي خاص بمؤسستك أو شركتك أو متجرك الخاص بعد توفير المعلومات والمستندات المطلوبة. نتمنى فقط تحفيز أكثر للشركات باستخدام النطاقات السعودية متى ما أمكن ذلك لتبيين حجم تأثير هويتنا الرقمية الخاصة بنا.
2. الاستضافة: ونعني بها شركات وخدمات تتيح استضافة المواقع في خوادم (أجهزة تحفظ المعلومات) تهيئها للعمل مثل مدونة مهند فأن جميع المعلومات محفوظة في خوادم في أمريكا لدى شركة استضافة المواقع هوست قيتر "HostGator". في السعودية وللأسف نعاني وبشكل كبير من تواجد شركات وخدمات وطنية لاستضافة المواقع بأسعار مرتفعة مقارنة بإمكانيات متواضعة. ففي أغلب الأحيان تتم الاستضافة عبر شركات أجنبية لعدة عوامل منها تواجد باقات بأرخص الأسعار وتوفر تقنيات أكثر متانة وخدمات ما بعد البيع أكثر كفاءة. أنت بحاجة لتمكين المتاجر التقليدية من التحويل إلى متاجر رقمية ودخول أكثر لمتاجر جديدة لتوفير خدمات أوسع وأسعار أفضل ومنتجات أكثر. هذا لا يعني عدم تواجد شركات محلية بمقومات ضخمة مثل "STCS" عبر شركة بلو فولت "Bluvalt". لكن كيف سيكون الوضع في ظل دخول لشركات أجنبية مثل عملاق خدمات الاستضافة في العالم "AWS" أمازون للخدمات السحابية؟ هل سوف يقدم لها الدعم للمنافسة بشكل عادل مع الشركات الوطنية الأخرى؟ هل سوف نستسلم ونسلم جميع تقنياتنا لشركات أجنبية مثل ما فعلت بعض الدول؟
3. تطوير التقنيات: ونعني بها تطوير المواقع والتطبيقات والخدمات التقنية التي تفعل عملية التجارة الإلكترونية. في الحقيقة نشهد تطور في هذا المجال لكن التطور الذي نشهده لا يزال يواجه في المقابل ارتفاع في الأسعار وذلك بسبب ندرة الخبرات المحلية والشركات المطورة وعدم تواجد المطور الحر "Freelancers" بسعر رمزي إضافة إلى أن الطلب أكثر من العرض. عند تطوير المواقع من السهل أن تدفع ما يقارب 80 ألف ريال لتطوير موقع تجارة إلكترونية بينما لا يساوي 10 ألاف ريال في دولة أخرى (دول شرق آسيا أو أمريكا مثلاً!) وكذلك تطوير التطبيقات مقاربة لتطوير المواقع في ارتفاع الأسعار. أيضًا بعض الخدمات التقنية لها نصيب من هذا الغلاء خصوصًا إذا شملت تحليل البيانات "BI Business Intelligence" أو تزويد تقنيات الإنترنت "IoT Internet of Things". هذا لا يعني عدم توفر بعض الحلول الوطنية الجيدة مثل تطوير المواقع عبر منصات شبه جاهزة وبرسوم رمزية شهريًا مثل منصة سلة ومنصة زد. تعمل الدولة جاهدة عبر وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ويسر والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز ومسك الخيرية وغيرها من الجهات على زيادة المحتوي الرقمي والانغماس في البرمجة عبر #السعودية_تبرمج وغيرها من الحملات. كذلك تعلم تحليل البيانات ولغة الآلة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وكل ما يمكن خلق أجواء رقمية رفيعة المستوى. لكن كيف سيكون حالنا بعد 5 سنوات إذا لم يشارك هذا الحماس من قبل القطاع الخاص وتم شحذ الهمم في الوصول لمرحلة عالمية عالية؟
ماذا عن المقسمات الرقمية الخاصة بالجهات الحكومية لدينا وكيف من الممكن أن نحولها إلى مناجم ذهب تقني؟
المدفوعات الإلكترونية
هنا نأتي لقسم مهم لتفعيل التجارة الإلكترونية الذي شهد العديد من التطورات الإيجابية خلال الفترة الماضية. في نفس الوقت نشاهد مع هذه التطورات بعض التطبيقات الخاطئة أو البطيء في عالم متسارع يتطور بشكل مذهل ولا يدع مجالاً للتوقف. سوف أقوم بتقسيم هذا القسم بناءً على المنصة أو الوسيلة نفسها.
-بوابات الدفع الآمن:
نقصد ببوابات الدفع الآمن "Payment Gateway" هي الصفحة التي تقوم بإكمال عملية الشراء وتقوم بإدخال معلومات مدى أو البطاقة الائتمانية أو سداد. تعتمد هذه البوابات على 3 أطراف في الغالب:
1. المتجر: يقوم بتطوير صفحة/طريقة إكمال الدفع "Checkout" وربطها ببوابة الدفع الآمن عبر شركة وسيطة
2. الشركة الوسيطة: تقوم بتطوير صفحة الدفع الآمن وربطها مع البنك ومن هذه الشركات (برايت وير - ميسر - هايبر باي - باي تابز - باي فورت وغيرها)
3. البنك: يقوم بتهيئة البيئة الخاصة به لاستقبال الأموال عبر هذه الشركات المطورة من المتاجر ومن الممكن أن يكون البنك هو المنفذ لأعمال الشركة الوسيطة
هناك عدد من الملاحظات في هذه البوابات عند مرحلة التطبيق الفعلي. من تجارب سابقة لجهات حكومية وشركات خاصة ومتاجر شخصية قمت بحصر أهم 3 مشكلات تواجهها:
1. عدد الشركات أقل بكثير من عدد المتاجر وربما تجد صعوبة في وجود شركات وسيطة تقوم بتطبيق هذا الإجراء بشكل سريع وسلس خصوصًا إذا كنت متجر بسيط أو شركة صغيرة.
2. بعض الشركات الوسيطة تعاني من التعامل مع بعض البنوك لأن هذا المتجر تم وضعه في "آخر الطابور" ومن الطبيعي أن تجد نفسك عالقًا لمدة شهر كامل فقط للحصول على هوية التاجر الرقمية "Merchant ID" وفي بعض الأحيان عند التعامل مع بعض المتاجر من الطبيعي أن تتم عملية الربط بشكل كامل لأكثر من شهرين كاملة (ويقولون لك بأننا كنا مهتمين فيك و"مستعجلين"...)!
3. بعض البنوك لا توفر خدمات الدفع الآمن حتى الآن ويعود السبب لعدم "فهم" إدارة هذه البنوك أهمية التجارة الإلكترونية وعدم وجود أقسام وأدوات عملية للتعامل مع بعض العوامل ضد الاحتيال في العمليات الرقمية "Fraud Protection". كذلك تعامل بعض البنوك تجاه هذه المعاملات يعود إلى القرون الوسطى حيث إن بعض البنوك عند وجود عمليات احتيالية يقوم موظف البنك بالرد عليك "لا أدري كيف تمت هذه العمليات!" أو عند رفع مطالبات مالية فتكون في وضع المتهم بأنه "أكيد" أنك قمت بارتكاب خطأ مع أن الأموال مؤمنة!!! أذكر في أمريكا يقومون بتعويضي بشكل مباشر وعبر مكالمة الهاتف ومن ثم التحقق من الاجراء لكن هنا يتم العكس.
-تطبيقات المدفوعات:
نقصد بتطبيقات المدفوعات التطبيقات التي تتيح عملية الدفع عند نقاط البيع عبر الأجهزة الذكية أو تعطي خاصية المحافظ "الرقمية" أو كلاهما. وتنقسم هذه التطبيقات إلى قسمين حاليًا:
1. الدفع عبر الأجهزة الذكية: وهي تطبيقات توفر خدمة الدفع عبر الأجهزة الذكية عوضًا عن استخدام بطاقتك البنكية أو البطاقات الائتمانية وذلك عبر شحن التطبيق بشكل مسبق عبر التحويل البنكي أو فواتير سداد أو ربط بطاقتك البنكية في التطبيق وحاليًا تشمل تطبيق مدى، تطبيق "STC Pay"، تطبيق هللة، تطبيق بيان. هذه الخطوة تعتبر نقطة تحول إيجابية (كبيرة) في هذا المجال لكن المشكلة في هذا القسم أن مدى هي المشرعة للبطاقات البنكية في السعودية وأيضًا تعتبر هي المنافسة وهذه تسبب حرج لدى التنافس خصوصًا أن الشركات العالمية لم تدخل حتى الآن عبر تطبيقاتها مثل أبل باي وقوقل باي وسامسونق باي وغيرها. هذا لا يعني عدم دعمي لمدى أو غيرها من التطبيقات الحكومية لكن لدي إشكالية في طريقة التطبيق وسوف أوضحها لاحقًا في قسم (التطبيقات الوطنية).
2. المحافظ الرقمية: وهي تطبيقات توفر خدمة تغذيتها بمبالغ مالية بشكل مسبق عبر التحويل البنكي أو فواتير سداد أو ربط بطاقتك البنكية وتحويل الأموال بين المستخدمين وفي نفس الوقت دفع عند نقاط البيع عبر مسح باركود التاجر. شهدت السنة الماضية إطلاق 3 تطبيقات في السعودية مثل "STC Pay" و تطبيق هللة و بيان باي. من مميزات هذه التطبيقات هي سهولة التعامل مع الأموال والتحويلات بين العميل والتاجر وكذلك بين المستخدم ومستخدم آخر. لكن من السهل أن يساء استغلالها والدخول في المجالات المحظورة لبعض التداولات مثل التبرعات وغيرها. وجود مثل هذه التطبيقات هو أمر صحي للتجارة الإلكترونية ويسهل عملية تداول التعاملات التجارية بشكل أسرع وهو مدعم للتحول الرقمي ويقلل من تداول النقد بين الناس وهي مطلب وتوجه حكومي قائم كما أنه يساعد على محاربة التستر التجاري. نحتاج إلى تطوير هذا التطبيقات لتشمل تسديد الفواتير، شراء التذاكر للنقل العام والسينما، دفع الاشتراكات الرقمية وغيرها من العوامل التي تساعد على نقلنا لحالة أفضل ولنا أكبر مثال على ذلك وهو مثال ناجح بشكل مبهر: تطبيق "WeChat" الصيني!
3. التطبيقات الحكومية: لدينا خدمتين أو تطبيقين حكوميين في مجال التعاملات المالية والتجارة الإلكترونية وهي: خدمة سداد "Sadad OLP" وخدمة مدى. جميع هذه التطبيقات هي أمثلة حكومية ناجحة (متاحة بالفعل) بتفكير مستقبلي (استقلالية) لكن بتطبيق ناقص! لا أريد أن أكون سلبيًا في هذا الموضوع ولكن سوف أذكر بعض التجارب وماهي نظرتي المستقبلية لهذه الخدمات وأتمنى تقلبها بصدر رحب من المسؤولين في سداد ومدى وسوف أذكر لك عزيزي القارئ نفس التعليقات التي ذكرتها لمدراء الخدمات والمسؤولين في وقت سابق.
خدمة سداد "Sadad OLP": خدمة سداد هي أحد الخيارات المتاحة لبوابات الدفع الآمنة (إضافة لفواتير سداد) كأحد الوسائل المعينة على تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني. ما يميز خدمة سداد أنها شركة حكومية فتجد مرونة في الرسوم عند طرحها للمتاجر وربما تعتبر هي الأرخص حاليًا (1.5% لكل عملية أو أقل). لكن تكمن مشكلة خدمة سداد في مسألتين (طريقة التطبيق وطريقة التعامل).
طريقة التطبيق: تقوم خدمة سداد على تحويل المسؤولية على البنك باحتواء حساب العميل وعملية تسجيل الحسابات من داخل الحسابات البنكية للعملاء ومتابعة المطالبات المالية. تعتبر هذه الخطوة ذكية "Shift of Responsibility" لكن في نفس الوقت تطبيقها قاصر حيث أن البنوك ملزمة بجهد كبير لإدخال هذه الخدمة. أيضًا هل من المعقول أن تقوم بمخاطبة جميع البنوك العالمية لإدخال هذه الخدمة في أنظمتها؟
طريقة التعامل: قمت بطرح عدة استفسارات على مدراء خدمة سداد مثل لماذا لا يتم تطبيق مثل خدمة باي بال "PayPal" بحيث يتم انشاء حسابات للعملاء وإضافة الحسابات البنكية والبطاقات الائتمانية لعمليات الشراء، تحويل الأموال، إرسال التبرعات، متابعة التعاملات المالية وغيرها؟ لماذا لا يتم تزويد الخدمة عبر كود برمجي "API" وربطه بالمتاجر الإلكترونية مثل خدمة باي بال؟ عدم التعامل مع مثل هذه الاستفسارات يجعل خدمتك محصورة محليًا أو اقليميًا وغير مجدية لأن تكون خدمة عالمية. يرجى العلم بأن نصيب خدمة سداد من حجم المشتريات في المتاجر الإلكترونية يتراوح ما بين 17-18% من بين المدفوعات الأخرى.
خدمات مدى: مدى للشراء من الإنترنت هي أحد الخيارات المتاحة لبوابات الدفع الآمنة والتي تم اطلاقها في شهر أبريل 2018 وخدمة مدى باي هي تطبيق مدى للشراء عبر الأجهزة الذكية والتي تم اطلاقها في شهر يوليو 2018. تفعيل بطاقات مدى للشراء من الإنترنت أمر إيجابي وجميل ولكن في نفس الوقت متأخر لأكثر من 12 سنة! أما إطلاق خدمة مدى باي فهي خطوة إلى الأمام ولكن سوف يكون تعليقي بنفس التعليق على خدمة سداد وهي التطبيق الناقص إضافة إلى الاحتكار "نوعًا ما".
الشراء من الإنترنت: تفعيل بطاقات الحساب الجاري للشراء من الإنترنت هي عملية إيجابية ومحفزة لتطوير الشراء من الإنترنت والتعامل في التجارة الإلكترونية. لكن في نفس الوقت أذكر أنني كنت أستخدم بطاقاتي الأمريكية للحسابات الجارية "Debit Cards" للشراء من الإنترنت في عام 2006!
إضافة إلى ذلك: ما مدى :) مرونة البنوك المحلية في التعامل مع العمليات الاحتيالية والتي لا نسلم منها في بعض الأحيان في البطاقات الائتمانية وهي عمليات مؤمنة (لأن الأموال أموال البنك وليس ملك لك :) )؟!؟
مدى باي: تطبيق مدى باي باختصار هو تحويل بطاقتك البلاستيكية (الممغنطة) البنكية إلى بطاقة رقمية عبر التطبيق فقط لا أقل ولا أكثر (في الوضع الحالي على الأقل) وتمكينك من الدفع عبر أجهزة آندرويد عبر خدمة ال "NFC". هل هذا الأمر سلبي؟ بالعكس هو تسهيل للعميل من عناء حمل بطاقاته البنكية والائتمانية واستخراجها من المحفظة (أو جيبه) عند الشراء من المتاجر. لكن لدي 3 تعليقات على مدى باي حاليًا.
التعليق الأول: لماذا لم يتم إطلاق خدمات الدفع العالمية مثل أبل باي وقوقل باي وسامسونق باي وغيرها قبل اطلاق مدى باي؟ السبب يعود إلى وضع المخطط التقني "Blueprints" لما سوف تكون عليه هذه التطبيقات وكيفية عملها محليًا. لكن أليست هذه أيضًا طريقة "لاحتكار" السوق والحصول على أكبر شريحة من المستخدمين في هذا المجال قبل وصول المنافسين العالميين؟ هل هي استراتيجية وطنية للنهوض بالمقومات الوطنية؟ هل هي خطة ليتم دعم الشركات الوطنية (هل تم دعمها؟)؟ هل هذه تهيئة لمنافسة عادلة في هذا المجال وهل هذا يعتبر أمر سيء أم يعتبر شيء جيد؟
التعليق الثاني: لماذا لم يتم إطلاق جملة من الخصائص عوضًا عن الدفع فقط؟ إنشاء الحسابات والدفع عبر الباركود عوضًا عن خدمة ال "NFC" وغيرها؟ اتركك مع سلسلة التغريدات هذه...
التعليق الثالث: مدى هي المشرع وهي المنافس في هذا المجال. هل سوف نجدها تدخل في مجالات أخرى وأكثر تعمقًا مثل دفع الفواتير والمحافظ الإلكترونية وتطبيق الحلم الذي كنت أتمناه (ولا زلت) لسداد بتحويله إلى التطبيق الوطني المنافس لتطبيق "WeChat" الصيني أم التأخير في طرح هذه الأمور ومنع القطاع الخاص من المنافسة أصبحت وتيرة معتمدة لدى الجهات الحكومية؟
الخدمات اللوجستية
اعتقد أن الخدمات اللوجستية "Logistics" هي أحد أهم عوامل التجارة الإلكترونية إن لم تكن الأهم حاليًا! نعم هناك أهمية كبيرة في البنية التقنية فلا يمكن لك بناء مواقع من دون صنع التقنية إلا إذا أمكنك استقطابها من الخارج؟ :) ! نعم هناك أهمية كبيرة في المدفوعات الإلكترونية فلا يمكنك اتمام العمليات من دون مدفوعات إلكترونية إلا إذا كان هناك الدفع عند الاستلام؟ :) ! لكن من دون وجود الخدمات اللوجستية... فعليًا لا تستطيع الدخول في عمليات الشراء من الإنترنت، جلب التعاملات الاقتصادية العالمية، تفعيل الصادرات السعودية وغيرها!