انعكاس المرايا

هو جزء وحيد الذي نراه، وخلفه يختبيء كل شي هو قناع يلازمك لم تختر لونه ولا شكله ولم تكن تكترث إلى تفاصيله وكلنا كذلك، بدأت حكايتنا وجوهًا و أجساد لم نملكها قط ولن! لم يسألنا أحد إن كنا نريدها أم لا والمفارقة أننا سنُسأل عنها باستمرار وكأنها كل شي فينا وهي لا شيء سوا أقنعة وأمانات خلفها الحكاية ولها الحساب وعليها الجزاء والعقاب.

كلنا أتينا من نفس البداية وكلنا نتجه إلى نفس النهاية

محدثكم شخصيًا

على المرآة

تنعكس صورتك ولكنك رغم ذلك لا تراها! بل ترى روحك من خلالها، تصارع أفكارها التي أرّقتك، تحتقر ذنوبها التي دنستك، ترتقي بمحاسنها، وترقى بمن تراهم في قلبك وكأنهم جزء لا يتجزأ منه، تراهم فتحلو بهم الحياة وتراهم فتضيق الدنيا في عينيك لأن وقتك معهم محدود والمسافات بينكم أكلت منك ورسمت خطوطها الطويلة بمنحنياتها وكثافتها على جبينك…. عندما ابتسمت، وعندما تمعر وجهك، وعندما ضحكت.


تتسائل من أنت وكيف لانعكاس مرآة أن يكون كل ذلك ولا يكون مجرد ملامح عابرة وحسب! ويعظم السؤال لترى من وجوه الناس أفعالًا، وتسمع من كلماتهم أفكارًا، وتحمّل كل بسيط حملًا أكبر. هي الحياة تبدأ بمجرد صورة وكلنا صور إلى أن تنطق شفاهنا أفكارًا، وتخط أيادينا مشاعرًا، وتلمع أعيننا دعاء. كلنا صورة حتى تنبض أرواحنا في قلب واحد فنتقاسم الشعور والحضور حتى نصبح شخصين في في جسد وجسدين في روح . 


هي البدايات المتشابهة وهو المصير الواحد، هي الأوقات الماتعة والتجارب المتجددة، الدموع المتعاطفة والنظرات المتبادلة، النكات العابرة والضحكات المفعمة، الأفكار العميقة والكلمات الصادقة، الأيادي الممتدة والأحضان الدافئة، هي أنت في سِلم حلك وشتات ترحالك، في ظلمة أحزانك وضياء مسراتك، في رعشات خوفك وإقدام شجاعتك، وإنما أنت بهم ومنهم. 


تضيء من قبس مشاعرهم، وتغدو رمادًا ببعدهم، تبادر بكرمهم وتقطع يد البخل لحضورهم، تقدم أسمائهم على اسمك مخالفًا بذلك عرفك اللغوي الرصين، فبين محب ومحب لا أعراف ولا قوانين.


مزلاج الدعاء

لا العيب في المرآة، ولا العيب في عينيك! أمعن النظر لتراهم في الداخل هناك…

بين أكف الدعوات، وعلى لسان الشكر، فهم في فواتح الدعاء حمدًا وفي خواتمه مستودعًا.   

لوجهك صورة… وهي لك. ولروحك صورة… وهي لك. ولعقلك صورة… وهي لهم جميعًا دونك! كل من حولك وكل ما حولك هم شكلك على المرآة لأنك لا تراك وإنما تسمع أفكارك وهم جزء منها وترى عينيك وهي صورهم، وينطق لسانك وهم في قلبك فينطق كلماتهم ومشاعرك تجاههم حربًا وحبًا. 


أحط نفسك بالسعيد تسعد، وبالتعيس تخذل، بالمتفاءل تقدم و بالمتخاذل تندم، بالشكور ترضى وبالجاحد تسخط، بالكريم تجود و باللئيم تقطع، بالرفيع ترقى وبالدني تهان وتدنس. 


نصيب الأسد

للأماكن منك نصيب، وللحظات منك نصيب، للكلمات منك نصيب، للأشعار والأغاني والنغمات، للطبيعة والكائنات والأصوات، لما تحب ولما تكره، لما تناصر وما تنتصر، لمن تبادر ومن تهجر، وللجميع منك نصيب فكلهم أنت ولا أنت دون الكون من حولك. 

حررت في 10.06.2024

Join