دفتر مفتوح

على طاولة المكتب

زوايا مظلمة، شعور عميق بالفراغ، تمتمة مزعجة تدور حولك، صراع نفسي بالمضي قدما، بروح مثقلة، وقلب ينزف، تكشر الدنيا عن أنيابها ولم يبق فيك ما يُأكل، لا جسدك أحسن الوقوف، ولا روحك ألفت الاستقرار، ولا قلبك عن ضرباته المتسارعة هدأ، ورغم ذلك ورغم أنفك، تهاجمك الحياة بكل شراسة ولا تكترث، وكأنها تجاهلت عمدًا أن:

الضرب في الميت حرام


على روزنامة المكتب لم يتغير التاريخ منذ الثاني والعشرين من سبتمبر، فالأيام غدت متشابهة، لا جديد سوى قلق متزايد وشعور مضطرب تائه، وأوراق حمراء صغيرة متناثرة حول المكتب وعليه، ودفتٌر على طاولة المكتب مازال مفتوحًا، والقاسم المشترك أنه لو قرأ أحدهم محتوى ما فيها لوجدها تصف شابًا تملّكه من مكانه الحزن، ومن قلمه سيل الدموع، ومن عطره الوقت، ومن أفكاره النجاة والنجاة فقط!  

القشة…

قصمت بالفعل ظهر الجبل فهلك البعير! كيف لا وبظله أظل من حوله وفي جوفه آوى من لجأ، ولكنه جبل في نهاية الأمر وبطبيعة الحال كانت قشةً غدا بها الجبل كالعهن المنفوش!

يتجدد في جوفه الأجوف السؤال وكانه صرخة منادي من بعيد… إلى أين تتجه؟ لماذا تكتسي الحزن؟ أين تلاشت ألوانك، كيف ذبلت وأنت ذروة سنام! وكيف انتهى بك المطاف هنا… هزيل، مكسور، محارب دون حرب، ونازف دون نزاع! ولماذا يكتسيك اليأس وتعتريه رغم كل هذا!

واقف خلف الجبل وأمامه وفي جوفه، أبعد من الواقع وأقرب من اليأس، على حبل بين الموت والموت أحاول التوازن، وبين الحياة والحياة أحاول السقوط، مليء بالظلام لكني واسع نورًا، لا ينقطع عن جوفي الصدا وأنا المخنوق صوتًا وشعورًا وقتًا وحبورًا، أنا الخناق وأنا الشهيد! وهي الأيام ما زالت تمضي وأنا أقف هناك أمام كومتين تراب أخذت من عمري فازدادت طهرًا بمن احتضنت، ومكانه في قلبي بمن سكن قلبي وسكن التراب.


حقير كفاية!

أحمق مثير للشفقة يظن نفسه الأفضل وقد انعدمت من جوارحه الرحمة، وانقطعت من ملامحه المشاعر، وضاق به القلب ذرعًا وضافت به النفس مكانًا؛ أكره الشعور عندما أراه وأختفي وكأنني شمس به كسفت أو قمر به خسف! 

لا أريد أن أزيده من قلمي حبرًا غير أن للقلم حق الهجاء وهجاء حقير كفاية… سطرٌ كفاية. 


على أحر من جمر…

غاضب، ينتظر من سيفه دم الثأر ليبلل جمره. 

حاقد، يريد أن ينام دون أن يغلي قلبه بجمره.  

بائس، ينتظر ضحكة أمه فينسى بصوتها جمره. 

مشتاق، ينتظر من حبيبه غيث الوصل ليبرد جمره.

يائس، ينتظر الضوء في نهاية النفق ليُهلِك جمره.

منهك، يريد أن تنتهي الحكاية مع جمره. 



حررت في الدمام 11.2023 

Join