فن الصفر!

هل سمعت يومًا عن فن الصفر؟ فن اللاشيء، فن الصمت من شدة الصراخ، فن الفراغ وسط الزحام، فن اللوحة البيضاء! أو هل سمعت بفن العودة حيث اللاشيء حيث الصمت والفراغ؟ هل رأيت الفن في لوحة لطخ الفنان فيها فنه و بدأ التجربة صفرًا؟ 

كل سقوط يخط …!

تخطو خطوتك الأولى، تتأمل والدك هناك، تنجح في حمل قدمك الأولى وتَهزم طفولتك الثانية فتعود… صفرًا!

تخط بيدك الصغيرة حرف الهجاء الأول، تحاول جاهدًا أن تتقن استقامته يرتعش قلمك وتأتي الممحاة لتعود… صفرًا

تذاكر لاختبار طويل، تسهر ليلك، تجد وتبذل قصار جهدك، تنطلق للذهاب، تتأخر عن موعد الاختبار وتعود… صفرًا!

تستيقظ صباحًا، تستعد للخروج، تعد قهوتك، تطلق عنان محرك السيارة لتنطلق، تنسكب القهوة وتعود… صفرًا!

تبدأ تحضير طعامك، تضبط المؤقت، تشاهد التلفاز، تأخذك المتعة، لا تسمع رنين المؤقت وتعود… صفرًا! 

تشعر بوعكة، تجرب أدويتك الخاصة، تذهب للطبيب، تأخذ الدواء، يستمر الألم، تحاول التأقلم، تُهزم وتعود… صفرًا!

يختلج قلبك حزن، تحاول التعبير، تختار من سيشد عضدك، تكتب رسالتك، ثم تضغط زر التراجع مطولًا فتعود…. صفرًا!


كلنا مبدعون بفن الصفر فطرةً لا موهبة، جبرًا لا اختيارًا، كرهًا تارة وحبًا في تارات أخر. فن يتطلب الصبر والمقاومة، يمسح غبار الملاطفة والتكلف, ويبقي حدة الشعور، يهزم الكبير ويزيد الصغير شغفًا، يزيد ثقل الدقائق، يقطع روحك بسيف منثلم، فلا أنت الميت شعورًا ولا الحي حبورًا. 

الصفر قد يكون حالة ممتـدة ومرهقة جدًا، قد يخفف حدتها أن لا تحاول التبرير للجميع، أن تحرص على اختيار الشخص المناسب، فعدم فهم الآخر يضيف عبئًا جديدًا.

لا تقتل أملك بيديك، حارب اليأس بكل ما أوتيت، قاتل بسيفك ودرعك، يديك وصدرك، بروحك ودمك، سيفك يهب الحياة، الجروح على صدرك قلادة فخر، يديك تهدم لتبني، وروحك تنزف لتشفى، دمك العطر في أرض المعركة،واليأس سيتسرب من خلالك حتمًا؛ لتمضي… به أو دونه!


ستمضي الحياة، وستزداد الاصفار يمينًا كلما أضفت رقمًا جديدًا، علمًا جديدًا، خبرةً جديدة، شعورًا جديدًا، تجربةً جديدة، حتى تفيض علمًا، خبرةً، شعورًا، وتجارب... حتى تفيض حياة!

حررت في الدمام 2.2023

Join