باب مغلق، وعشرة مشرّعة!
إلى الطريق المجهول، دون نور، دون خارطة، دون وجهة محددة، خطوت وقدمي ترجف، فلا مشكاة ولا صديق ولا هدف! أنت وحدك وبيدك من العصافير ما يفوق ما على الشجرة حينًا!
وحينًا تكون يديك صفرًا!
كل النهايات تؤدي إلى بداية
حقيقة
في مقتبل عمرك تبدأ في كل مرة والنهاية واضحة، تدرس في مرحلتك الابتدائية وتجتازها بوضوح إلى المتوسطة ومنها إلى الثانوية وفي خلال رحلة الـ12 عامًا… طريقك واضح المعالم وخطتك مرسومة التفاصيل، وعمرك يسير لمجرد السير والنجاح هو شهادة من مرحلة لمرحلة وكأنك في لعبة شعارها من جد وجد ومن زرع حصد؛ ولكن سرعان ما تنتهي ويبقى منها الصديق والذكريات وأسوأ اللحظات وأقساها كـمشكلتك الدائمة في التفريق بين الـ ض و الـ ظ فلازلت تسأل بعصا ولا بدون؟ أو مشكلتك اللامتناهية مع جدول الضرب، أو حتى محاولات معلميك في تبسيط القسمة المطولة وتزينها بإسم “قسمة سبيستون”، ودعنا لا نخوض في قواعد اللغة، أو أساسيات النحو ومتى تكتب واو الجماعة، أو حتى التفريق بين الهاء والتاء المربوطة في الكتابة والتعبير! والرحلة تنتهي والقائمة في هذا تطول.
تبدأ المرحلة الجامعية كالنصف الممتلئ من الكأس، طريقة التعلم جديدة وأسلوب التعامل مختلف، دائرة الحريّة أصبحت أوسع، تلبس ما تشاء، تسرح شعرك كما تريد، تضعين طلاء الأظافر، ولا أحد يعاقبك على أحمر الشفاه في حقيبتك! بل وحتى الفسحة لبست حلتها الجديدة وأصبحت - بريك - وكما أن الفسحة أصبحت -بريك- فالحرية في هذه المرحلة هي مجرد اسم جديد لقيود أخرى! فسرعان ما ستدرك أن الجامعة أيضًا كانت عبارة عن خطط معدّة مسبقًا وأن حق الاختيار فيها لا يزال محددًا ومحدودًا وأن النهاية كانت نصب عينيك دومًا.
الاصطدام في الواقع
الدخول في الجدار
تنتهي فجأة مرحلة الخطط المعدّة والنهايات الواضحة! لتدخل في أقرب الجدران أمامك وكم هو قريب جدًا! فالقرار بين خيارات واضحة المعالم والنهايات -والذي كنت تعده محيرًا- أصبح اليوم قرار بمثابة انتحار ودخول في مجهول تام لا تعرف فيه سوا الخطوة الأولى، و الخيارات المتاحة كلها تأتي باضرار جانبية وكأن أحدهم كسر طبق الذهب على رأسك، وتتيقن أنه ليس كل من جد وجد ولا كل من زرع سيحصد خيرًا! ولا كل مرة سيكون هناك نصف الكأس الممتلىء، وربما يصبح النباح من ذهب والسكوت من صدأ. وهنا قد تدرك الحقيقة المُرّة متأخرًا!
قد تتحول وفرة الخيارات من طموح إلى نقمة، ومن نعيم سرمدي إلى جحيم أبدي، أو قد تغدو قناع خير يخفي شرًا، أو مشكاة نور تشعل نارًا، بها قد يحيى المرء ومنها قد يموت!
جدران جميلة!
لن تعلم أي الجدران يخبيء لك الأجمل، أيها يخفي سحرًا، وأيها يستر حسنًا، أيها ينير ما بعدها وأيها يضيء ما قبلها، أيها البداية وأيها يخط خلفه النهاية؛ فتسلح بحسن ظنك، اسعى وتوكّل، تدرع بالصبر وازرع في ظلال الأمور يقينًا.
حررت في الدمام 09.2023