أحلام بوفيه مفتوح

بقلمي : عبدالمجيد بن سعيد

2020م 

الإنسان الطموح لديه شهية كبيرة في إنجاز وتحقيق أحلامه، لذلك تجده كما وصفه المتنبي:

 

كُلَّ يَومٍ لَكَ اِحتِمالٌ جَديدُ

وَمَسيرٌ لِلمَجدِ فيهِ مُقامُ

وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً

تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ

 

قبل كل شيء دعنا نضع الأشياء في أماكنها الصحيحة، ونعمل مكاشفة للنفس.

 

هل هاجمك حديثٌ في النفس مفاده (لابد أن تتقن كل شيء).

هذه الأحاديث الرنانة في النفس ظاهرها النجاح وباطنها الفشل ,وهي من أحاديث الهوى التي تتبخر في رمضاء الواقع , فلن تصبح شيء إذا أردت أن تصبح كل شيء ,فلا بد أن ندرك أننا أحيانا نبالغ في تقييم أنفسنا ونضعها فوق عنان السماء دون تفكير عقلاني وكذلك في الجانب الآخر نبخس في تقييم أنفسنا ونجعلها تحبو على الثرى , وفي كل التقييمين مشكلة , وللفرار من ذلك يكمن بالحل البديهي هو التوازن في تقييم ذاتك والسبب أنه يصعب ويستحيل تقييم نفسك بمعزل عن البيئة المحيطة ,فالثقة بالنفس مثلا تهتز وتتناقص كلما أدمنت سماع الناس عنك وبحثت عن رضاهم , وكما هو معلوم يعيش الإنسان في دائرتين متقاطعتين دائرة العقل ودائرة النفس (الهوى) وهو في تجاذب وشد بينهما إلى يوم الدين.

 

من هنا نستخلص أهم نقطة هي التوازن عند تقييم الذات، ستقول من البديهي وهذا صحيح لكن إليك هذا السؤال:

-هل سمعت وشاهدت إنسانا استطاع أن يأكل جميع أصناف وأطباق البوفيه المفتوح!

إذا رأيت إنساناً -باستثناء صديقي أبا سعود- فلا داعي لإكمال الجزء المتبقي من المقال.

 

 يقع بعض الطموحين والحالمين في خطأ يتمحور حول ضعف الصبر على التضحية.

وهو عدم وجود قائمة تحدد أولوية الأهداف وإن وجدت فلا يوجد معها تركيز على الهدف صاحب الأولوية رقم واحد وبالتالي تجدهم يصابون بهوس التنقل بين الأهداف مثلما يكون التنقل بين أطباق البوفيه المفتوح الشهي ففي النهاية لا يستطيعون إنجاز الأهداف مثلما لا يوجد إنسانا يستطيع أن يأكل جميع أصناف وأطباق البوفيه المفتوح، وهذا ما اسميه أحلام البوفيه المفتوح.

 

-في نهاية عام 2017 وضعت قائمة أهداف لسنة 2018م مكتوبة تحتوي على ١٨ هدفا منها الثخين الذي يثخن الهمم ومنها الخفيف الذي تحتقرها الهمم.

ماذا أنجزت حينها جعلتها مثل أحلام البوفيه المفتوح أركض هنا وأتذوق هذا ثم انتقل إلى ذلك بنشوة وسعادة وفي نهاية السنة وجدت أهداف مقضومة ومنهوشة غير مكتملة لا تسر الناظرين وتستحي أن تظهر للعلن.

 

وقبل الختام أذكر قرأت مقولة جميلة مفادها "الصبر قبل الشغف" في الحقيقة أنها حقيقة فالتضحية تحتاج لصبر والثبات يحتاج لصبر إلخ ...).

 

خِتَامًا؛ جميل أن تكون صاحب همة وطموحات جميلة لكن لابد أن تدرك بأن هناك حدود ترسمها انت مع ذاتك فمقاييس النجاح تختلف من إنسان لإنسان ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، ويكفيك هذا النجاح والفوز الأكبر قال الرسول صلى الله علية وسلم (مَن يَضْمَن لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وما بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمَن له الجَنَّةَ).

 

حرر: في 30/ رمضان / 1441هـ

هدية معايدة لأصدقائي الكرماء. 🌿 


Join